لكل من عيد الاستقلال وعيد التحرير رمزية غاية في الأهمية، ولابد من الإشارة إليها بمناسبة الأيام الوطنية التي نحتفل بها كتعبير عن نشرة الحب والأولاد لبلدنا الكويت.

Ad

وتتمثل رمزية عيد الاستقلال في البناء المؤسسي لنظام الدولة وهيئاتها الدستورية في عصر ما بعد الاستقلال، الأمر الذي يعني الخروج عن دائرة الوصاية الأجنبية وبدء عهد الإدارة السياسية في ظل مرجعيات ثابتة ومعيارية، أما رمزية عيد التحرير فتتجسد في البناء الوجداني لعلاقة المواطن بالوطن والولاء له والتضحية من أجله بعد أن ذقنا مرارة فقدان هذا الوطن، ومن بعد ذلك حلاوة استعادته تحت شعارات ترجمت على أرض الواقع، وفي مقدمتها المعاني الحقيقية للوحدة الوطنية، وتقديم القرابين من الشهداء، وفرض إرادة التحدي والصمود والإثبات بأن الكويت أغلى من كل شيء.

واليوم وفي ظل الاحتفالية السنوية لمرور 49 سنة على الاستقلال لنا أن نتساءل: هل جسدنا حقيقة الاستقلال في بعده المؤسسي؟ وهل الدستور هو مرجعيتنا الأولى والأخيرة؟ وهل تقوم هيئاتنا وكياناتها القانونية بدورها بصدق وإخلاص؟ وهل القانون هو السحابة التي يستظل تحتها الجميع وبمسطرة واحدة تعبر عن العدالة وتكافؤ الفرص؟

واليوم أيضاً وبمناسبة مرور 19 سنة على تحرير الكويت من الغزو العراقي لنا أن نراجع أنفسنا: هل حافظنا على تلك الروح الوطنية التي سادت طوال سبعة أشهر من الاحتلال الأجنبي؟ وهل الولاء والحب للكويت هما الشعور العام الذي يسود عقولنا ويحرك وجداننا؟ وهل ممارستنا اليومية تعكس نفس الأحاسيس قبل عقدين من الزمن؟ وهل أوامر المحبة المتبادلة بيننا كمواطنين هي نفسها التي عشناها جميعاً مع دخول أول جندي عراقي إلى حدودنا الشمالية؟

هناك إجماع شعبي ورسمي، مع الأسف الشديد، بأن رمزية كل من الاستقلال والتحرير أصبحت باهتة وهشة، ولم تعد سوى عناوين نعاود ترديدها كلقلقة لسان أو لزوم المناسبة تبشر من الخارج وبخواء كامل من الداخل.

فضرب الدستور وانتهاك القانون وتهميش العمل المؤسسي أصبحت ديدن الكثير منا، وصار التعامل مع الوطن طريقا ذا اتجاه واحد فقط، وهو كيف ومتى نأخذ من هذا الوطن دون أن نعطيه في المقابل، وأن مؤسساتنا الدستورية والقانونية باتت تدار بالمزاجية والأهواء الشخصية والقرارات الفردية على حساب النظرة الشمولية والبرامج الوطنية والاستراتيجيات العامة، حتى وصل الأمر إلى شيخوخة الكثير من مرافقنا الحيوية، وترهل مؤسسات صناعة القرار، وصار العامل المشترك والظاهرة الموحدة بينها الفساد بكل أنواعه، وبشهادة المراقبين المحايدين وجهات التقييم في الداخل والخارج؟

أما رمزية التحرير ومعانيها السامية فقد تبدلتا إلى أقصى درجات الاصطفاف والاستقطاب المذهبي والقبلي والمناطقي، وتحولت روح المواطنة إلى فزعة الانتماءات الفرعية والضيقة، وتغيرت أواصر المحبة إلى مشاعر التشكيك والتجريح والتخوين المتبادل، وصارت الغيرة على الطائفة والقبيلة والعائلة عوضاً عن الغيرة على البلد وسمعته وهيبته وكرامته، بل انقشعت حواجز الرهبة والتردد والحياء لدرجة الإعلان عن ذلك صراحة وجهاراً في مختلف وسائل الإعلام، ومع ذلك مازلنا نحتفل باليوم الوطني وذكرى التحرير!!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة