يتساءل الكثيرون بعد ظهور نتائج الانتخابات النيابية في مايو الماضي عن سر الرقم الذي حصل عليه مرشح الدائرة الثالثة محمد الجويهل والذي لامس 3500 صوت، وأعتقد أنه لا يوجد رد أبلغ على هذا التساؤل من الاطلاع على المساجلة التي حدثت بين النائبين عادل الصرعاوي وسعدون العتيبي لمعرفة أسباب ذلك، ونزوع الناخبين في الدائرة الثالثة ودوائر أخرى نحو الطرح الذي يتبناه الجويهل مهما كانت خلفيته أو سيرته الشخصية. فعندما يتحول نقاش واتهامات سياسية إلى الإشارة إلى الأمور الشخصية، والتنابز بالأصل والعرق، والحديث عن «أصيل» و«بيسري» في القرن الحادي والعشرين من النائب سعدون حماد ومن غيره، يكون البلد والمجتمع في أزمة كبيرة، ستأخذه إلى أقصى التطرف الذي بدأ بتحويل جزء من المجتمع وكل قضية فيه إلى مواجهة بين الحضر والبدو، وهذا ما حدث في قضية إزالة التعديات على أملاك الدولة وتطبيق قانون تجريم الانتخابات الفرعية القائمة على العرق ورابطة الدم، وغيرها من أحداث. ولم يكن تراكم ما يطرحه خالد العدوة ومحمد هايف وأحيانا مسلم البراك وغيرهم من أبناء القبائل، من تحد للدولة وسلطاتها وبقية مكونات المجتمع، يمر دون ردة فعل كانت تعبر عنها مواقف بعض النواب مثل علي الراشد في مقاربته لقضية مزدوجي الجنسية التي كانت السبب الرئيس في مضاعفة عدد الأصوات التي حصل عليها مقارنة بالانتخابات التي سبقتها، واندفاعه القوي من المركز السابع إلى المركز الثاني على قائمة الفائزين في الانتخابات، وكذلك القفزة الكبيرة التي شهدها المرشح محمد الجويهل في عدد الناخبين الذين منحوه أصواتهم، وهو الوضع الذي قد يجعله يفوز في أي انتخابات مقبلة لتجرئه على قول ما لا تستطيع الأغلبية التصريح به تجاه الممارسات الفجة والطاغية ضد البلد والقواعد الأساسية التي قام عليها. ما حدث في جلسة الأمس بين الصرعاوي والعتيبي هو «بروفة» لما سيحدث عند مناقشة المحور الثاني من استجواب النائب مسلم البراك المقدم إلى وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، فهو المحور القائم على تصرف للمرشح الجويهل أثناء الحملة الانتخابية، والذي سيكون مدخلا لتناوله شخصيا وللقضايا الشائكة التي كان يطرحها على الفضائيات وفي مقره الانتخابي، وستشهد قاعة عبدالله السالم عند المناقشة صراعا مريرا «حضريا-بدويا» لن تنفع نقاط النظام الحكومية ولا مطرقة الرئيس في إيقافه، وتجنيب البلد فتنة خطيرة ستنتج عنه، وستترك ندبة بل ندوبا على واجهة المجتمع لا يمكن علاجها لسنوات طويلة.

Ad

لذلك نقول للحكومة ومعالي وزير الداخلية لا تصعد المنصة ولا تمنح الفرصة لمن يريد أن يستغلها ويستخدم «مايكرفونها» لتصفية حساباته مع مرشح سابق، في تصرف لا يليق بأخلاق الفروسية ومنازلة الفرسان، التي كان البراك يستطيع سلوكها عن طريق أي شاشة فضائية للرد على الجويهل، وليس من وراء مايكرفون المنصة، ومن خلف الحصانة البرلمانية. لذلك أسألك بالله وباسم الوطن ووحدته وسلامته يا معالي الوزير ألا تصعد المنصة، فمادة الاستجواب ومحاوره غير دستورية وتتناول أعمال وزارة مستقيلة ومنصرفة، ولا يجوز المساءلة عنها إلا جنائيا بعد أن انقضت المساءلة السياسية دستوريا ولائحياً.

***

المرحوم العم عبدالعزيز الصرعاوي أعتذر لك ولعائلتك الكريمة نيابة عن أبناء الجيل الحالي عما مَسّك أمس من كلام ساقط كما وصفه ابنكم عادل... وأعذر من قاله فهو لا يعلم تاريخ بلده الذي يحتضنه ورجالاته، فأنت من الرواد المؤسسين للكويت الحديثة، وأنت الأديب والوزير والسفير والناشط الاجتماعي والسياسي الذي أسس للحضارة والمدنية في البلد... ولكن ما بيدنا حيلة، فلقد خربت الأمانة التي تركتموها لنا رغما عنا، وبعدكم نحن نبكيها دما صباح مساء!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء