هل يستطيع العراق أن يعود إلى الوضع الطبيعي بعد انتخابات يوم الأحد القادم؟
تأتي الانتخابات العراقية وسط الكثير من التداخلات الإقليمية والدولية، فانسحاب القوات الأميركية أصبح على الأبواب في آخر أغسطس، وإن كان هناك حديث عن وجود شبه دائم في حدود 40 إلى 50 ألفاً وبالذات في الشمال قرب كركوك. وأجواء استعادة الاستقطابات الطائفية والعرقية على أشدها بعد منع أكثر من 500 مرشح من خوض الانتخابات، وكذلك توقيع عقود متنوعة وشاملة مع شركات نفط عالمية.الانتخابات القادمة في العراق هي تاريخية ومفصلية بكل المقاييس، وهي قد تنجح في تثبيت هوية عراقية تعددية أو تثبيت هوية أكثر طائفية.مقياس نجاح أو فشل الانتخابات القادمة هو كركوك، فالصراع القائم هناك هو صراع إثني بالأساس بين الأكراد والتركمان والعرب، كل يريد من الانتخابات تثبيت هويته. فمن المعروف أنه لم تتم أية انتخابات في المدينة منذ 2005، بل كادت الانتخابات برمتها تتعطل بسبب كركوك، مدينة النفط، فالأكراد يرون في كركوك "قدسهم السليبة" ويرغبون في ضمها إلى حدود منطقة الحكم الذاتي الكردستاني، وهم يرون أنه خلال فترة حكم صدام جرت عملية تعريب قسرية للمدينة من خلال إعادة توطين للعرب وإجلاء للأكراد، ولذلك تجدهم يعودون بأعداد كبيرة ويبنون بيوتاً مما قد يجعلهم أغلبية حين إجراء الاستفتاء المرتقب على هوية المدينة، وفي المقابل فإن العرب والتركمان لا يتفقون مع ذلك الطرح، ويسعون إلى إثبات هوية المدينة التعددية، وبالتالي فإن كل الانتخابات العراقية في كفة وانتخابات كركوك في كفة أخرى.هناك الكثير من الاتهامات، والاتهامات المتبادلة بين الأطراف المتنازعة ولا يقتصر الخلاف هنا على الإثنيات المذكورة، ولكن النزاع محتدم بين الأكراد أنفسهم، إذ لم تعد سيطرة الحزبين الرئيسيين الكرديين أمراً مسلماً به بعد دخول حزب "التغيير" إلى الساحة وتحقيقه نتائج مؤثرة في الانتخابات المحلية الكردستانية الأخيرة.من المتوقع ألا يقبل الطرف الخاسر النتيجة، ويشكك فيها، ولذا فإن كنا نرى في الانتخابات العراقية القادمة مدخلاً للاستقرار فإن مخرجها لن يكون إلا عبر كركوك. بالطبع ليس هذا تهويناً وتقليلاً من الإشكالات الكبرى الأخرى ولكنها كركوك هي المحطة الأشد وطأة.
أخر كلام
مخارجها كمداخلها
03-03-2010