في الوقت الذي تحظى به الصين باهتمام عالمي متصاعد وتتنافس المؤسسات الأكاديمية والغرف التجارية في إعادة اكتشاف بلاد التنين الأصفر، نجد أنفسنا أمام بيروقراطية إدارة العلاقات الثنائية على الصعيدين الثقافي والتجاري. 

Ad

أقول ذلك بعدما تابعت افتتاح مركز «شانغهاي» لجامعة هارفارد في الصين، وإصدار العدد الأول من مجلة «شاينا رفيو»، الأمر الذي حفز المراكز الثقافية والتعليمية الأجنبية على «طلب العلم ولو في الصين»، وتطوير نظم معلوماتية حول الثقافة والفرص الاستثمارية. 

ونتساءل لماذا الصين؟ لا شك أن توقيع الصين على اتفاقية التجارة الحرة، وتطوير نظمها الخاصة بشبكة الإنترنت وسبل الاتصال، واتجاهها نحو الاهتمام بالموارد البشرية، فتح المجال أمام الاستثمارات في الاتجاهين معا، أولها الخاص بالشركات الأجنبية التي بلغت 450000 مؤسسة، فتحت آفاق التمويل الخارجي وأطلقت العنان للتنافسية في الأعمال والمهارات الإدارية، الأمر الذي شكل دافعا للشركات المحلية للاستعانة بالدماء الجديدة من ذوي الخبرة الأجنبية، بالإضافة إلى تطوير القدرات البشرية المحلية. 

والاتجاه الآخر تمثل في 6600 مشروع صيني اتجهت إلى الخارج، ولم يقتصر الأمر على المشاريع الضخمة فقط إنما المشاريع المتوسطة أيضا، وذلك حسب دراسة قام بها «شانغ» من مركز تطوير الموارد البشرية بجامعة زيجانغ الصينية. 

ولو نظرنا إلى العلاقات الكويتية الصينية لوجدناها «تاريخية» بكل ما في الكلمة من معنى، فالكويت أول دولة خليجية تقيم العلاقات الدبلوماسية مع الصين، من خلال سعيها المعروف لرسم خط سياسي معتدل منذ الستينيات. 

واليوم تسعى دول مجلس التعاون الخليجي لشراكة خليجية صينية عبر لجان ثنائية، أتمنى أن تستطيع تحقيق نصف الأهداف التي أنشئت من أجلها. ولو ألقينا نظرة على المسارين الاقتصادي والسياسي اللذين مرت بهما الصين بنظامها السياسي الذي احتوى الأقليات والديانات، والإداري الذي صمم بنجاح مظلة للشؤون الداخلية الإقليمية والقومية، والديانات المتعددة ومنها البوذية والإسلام والمسيحية وغيرها، لوجدناها كغيرها من أعضاء المعسكر الشرقي استسلمت لآثار العولمة، وتأثيرها في علاقاتها الخارجية، وتبنت استراتيجية التغيير في إصلاحاتها الداخلية، وأخضعت اقتصاد «السوق الاشتراكي» لمتطلبات عملية التنمية الاقتصادية. 

فقد قامت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني بإدخال تعديلات دستورية لمواكبة التغيير، وإصلاح الوضع القانوني للاقتصاد الخاص... فتغير حينها مصطلح الاقتصاد المخطط ليحل محله اقتصاد السوق، وتبعتها إصلاحات عديدة، حتى ذهب الباحثون في العلاقات الدولية، إلى أن أبرزها كان ومازال، في فترة هوجينتاو، والتي اتضحت من خلالها معالم التنمية الاقتصادية والنشاط الدبلوماسي الفاعل. 

واليوم أصبحت الصين أكبر قوة تجارية في العالم بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان، وازدادت جاذبيتها الاستثمارية، فهل ننطلق بمؤسساتنا لاستكشاف الفرص وتوفير القاعدة الاستثمارية الصحيحة للأجيال الشبابية القادمة ومساندتهم في مشاريعهم التجارية؟ وهل سنحذو حذو المراكز العلمية العالمية وننشئ مراكز خارجية بطاقات بحثية كويتية؟ أم سنبقى على اللجان السياسية المظهر و»السياحية» المحتوى؟! 

كلمة أخيرة: من المستفيد من طرح الاستجوابات الرياضية أو الكهربائية أو غيرها؟ فالنائب يشعر أن في طرح الاستجواب هروبا من المسؤولية وإنقاذا من مساءلة الناخب. 

والمسؤول يشعر أن في طرح الاستجواب وسيلة لتأخير تنفيذ القرار... ولا عزاء للمواطن.