رغم التصريحات المتكررة للحكومة بأنها ستواجه الاستجوابات الأربعة في جلسة اليوم أو حتى لو طلبت التأجيل لمدة أسبوعين، فإن البعض مازال متشككاً في ثباتها على رأيها بشأن صعود وزرائها للمنصة، نتيجة للتجارب السابقة التي كانت تعلن فيها استعدادها لمواجهة الاستجوابات وفجاءة تعلن استقالتها أو ترفع كتاب عدم التعاون. هذه المرة لدي قناعة أن الحكومة ستواجه الاستجوابات أياً كانت النتائج، ليس لأن الحكومة أصبحت تؤمن بحق النواب في الاستجواب، وليس لأنها أصبحت من القوة والثقة بالنفس بحيث تتصدى لهذه الاستجوابات، إنما لأنه لم يعد أمامها خيار غير ذلك، بعد أن أصبح هناك إجماع كامل شعبي ونيابي حتى من أقرب حلفاء الحكومة على ضرورة مواجهة الاستجوابات وعدم جدوى سياسة الهروب المستمر، لأن البديل الوحيد عن مواجهة الاستجوابات هو الحل غير الدستوري، وبما أن الكلفة السياسية للحل غير الدستوري باهظة ونتائجه بالغة التعقيد، فإنه لم يبق أمام أصحاب القرار إلا مواجهة الاستجوابات المقدمة للحكومة، وهو قرار أحسب أنه أصبح محسوماً.

Ad

جلسة الاستجوابات الأربعة- إذا ما عقدت- ستكون تاريخية ومفصلية بكل ما للكلمة من معنى، لأنها المرة الأولى في تاريخ الحياة النيابية في الكويت التي يتم فيها استجواب أربعة من أعضاء الحكومة دفعة واحدة وفي جلسة واحدة، وهي المرة الأولى أيضاً التي يستجوب فيها ثلاثة من أبناء الأسرة الحاكمة، وهي أيضاً المرة الأولى في تاريخ الكويت، بل في تاريخ الدول العربية التي يستجوب فيها رئيس وزراء عربي من قبل نائب في البرلمان، وهي سابقة بالتأكيد ستحسب وتسجل للديمقراطية في الكويت.

إذا سلمنا بأن الحكومة ستواجه الاستجوابات الأربعة، فإن الإشكالية المتبقية تنحصر في عقد جلسة استجواب سمو رئيس الوزراء وربما النائب الأول بصورة علنية أو سرية. المؤيدون لعقد جلسة سرية في استجواب سمو رئيس الوزراء يتخوفون من التجريح الشخصي الذي قد يطول سموه، وهو أمر يجب مراعاته حتى لو سلمنا بحق النائب في الاستجواب، وهو أمر يمثل مصلحة عليا للبلد عند مؤيدي طلب السرية، لأن تجريح رئيس الوزراء سيمس هيبة وكرامة الأسرة الحاكمة.

برغم وجاهة الاعتبارات التي ينطلق منها مؤيدو السرية في موقفهم، فإنني أعتقد أنه من الأفضل لسمو الشيخ ناصر المحمد بالذات أن تكون جلسة استجوابه علنية؛ أولاً، لأنه ليس هناك شيء اسمه سرية في الكويت، فحتى لو عقدت الجلسة سرية فإن مجرياتها ستُعرف بكامل تفاصيلها، خصوصاً أن تفاصيل محاور الاستجواب أصبحت معلومة للجميع بعد تقرير لجنة ثامر. وثانياً، لأن الشيخ ناصر إذا ما صعد المنصة في جلسة علنية سيثبت أنه قادر على المواجهة على عكس ما يشاع، وأنه ليس لديه ما يخشاه أو يخفيه، وهو ما سيفيده في مستقبله السياسي. وثالثاً، أن الشعب الكويتي يريد أن يعرف حقيقة الاتهامات التي وجهت إلى سموه، والسبيل الوحيد لذلك هو تفنيد هذه الاتهامات على رؤوس الأشهاد وليس خلف الأبواب المغلقة، فالاستجواب نوع من المنازلة، ولذلك من غير المنطقي أن تكون بعيداً عن أعين الناس.

رغم تعقد الحسابات وكثرة التوقعات، فإنني أعتقد أن جلسة الاستجوابات ستُعقد، وأن الحكومة ستتجاوز هذا المنعطف الخطر، وإن كان سيلحق بها بعض الجروح والكدمات وربما خسارة وزير، ولكنها ستكون في النهاية الرابح الأكبر.

 تعليق: على الرغم من أن تصويت السويسريين ضد بناء المآذن يخالف حرية ممارسة العبادة، فإنني أعتقد أننا لا ينبغي أن نلومهم على خوفهم من كل ما هو إسلامي بعد أن أصبح بن لادن والزرقاوي وأبوحمزة المصري هم الشخصيات التي تمثل الإسلام، وكذلك لا نلوم السويسريين على تصويتهم ضد مآذن المساجد بعد أن ارتبط المسجد في ذهنية الأوروبيين بتخريج الإرهابيين الذين يرتكبون المجازر حتى في البلاد الإسلامية، وآخرها تفجير حفل طلابي في الصومال وتفجير مسجد في باكستان.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة