«سبع سنوات... يا بلاش»!

نشر في 23-04-2010
آخر تحديث 23-04-2010 | 00:01
 حمد نايف العنزي  قرأت بعجب الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بحق المواطنة المتهمة في قتل خادمتها ضرباً أفضى إلى الموت، حيث انهالت عليها، كما جاء في الصحف، ضرباً بعصا حديدية وأخرى خشبية ودفعتها حتى ارتطم رأسها بحوض الحمام، ثم تركتها عاجزة عن الحركة عشر ساعات حتى وافتها المنية!

العقوبة التي نص عليها الحكم بحق المتهمة كانت السجن سبع سنوات فقط، وجاءت تخفيفاً للحكم الصادر من محكمة الجنايات بالسجن 15 سنة مع الشغل، تخرج بعدها لتمارس حياتها الطبيعية... "ويا دار ما دخلك شر"!

تقرير الطب الشرعي عن الحالة يقول إن: الوفاة حدثت نتيجة إصابات رضية شديدة متكررة نتج عنها تأثر الأجهزة الحيوية بالجسم مما أدى إلى هبوط حاد بالقلب والتنفس!

والحجة التي استند إليها الحكم المخفف هي انتفاء القصد الجنائي وعدم توافر نية القتل العمد، وهي أن ينوي الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه!

ولا أدري بأي نية غير القتل العمد يضرب الإنسان إنسانا آخر بقطعة من الحديد لتسيل دماؤه الغزيرة ثم يتركه ليحتضر في حوض الحمام لعشر ساعات متتالية دون أن يحرك ساكناً لإسعافه، هل كان في نيته أن يمزح معه قليلاً؟!

شيء ما في هذا الحكم يجعلك تشعر أن الضحية تبكي وتئن الآن في مثواها، وأن المتهمة تستحق أكثر من هذا الحكم "الحنيِّن" وأنه ليس هناك من مبرر مقنع لهذا التخفيف في الحكم، أنا لا أتكلم هنا عن السادة القضاة الذين نطقوا بالحكم، فالقضاة أولاً وأخيراً يطبقون القانون الذي بين أيديهم، لكن الواضح أن هناك خللاً في القانون نفسه، وأنه يجب إعادة النظر في تقدير القتل الخطأ، فمن غير المعقول اعتبار حالة كهذه قتلاً خطأً، لأن المتهمة تعمدت ترك ضحيتها لمدة عشر ساعات مضرجة بدمائها دون عمل شيء لأجلها في قسوة وبلادة ولا مبالاة لا نظير لها... وهي حالة تستحق عليها المتهمة عقاب القتل العمد وربما أكثر!

أما أسوأ ما جاء في الخبر هو ما قاله محامي المتهمة: الثابت من أوراق القضية أن المجني عليها كانت تعمل خادمة لدى المتهمة وزوجها "ولهما حق تأديبها"... إذ ثابت من الأوراق أن المجني عليها كانت تستحم وتترك باب الحمام مفتوحاً وكان ذلك يثير غضب المتهمة وزوجها!

ليعذرني الأخ المحامي... فلم أفهم معنى "ولهما حق تأديبها" بالمرة! من أين لهما بهذا الحق في ذلك ومن أعطاهما إياه؛ أهو القانون أم العادات والتقاليد أم الثقافة السائدة في التعامل مع خادمة بائسة جاءت من آخر الدنيا بحثاً عن دنانير زهيدة تملأ بها أفواه الجياع من أسرتها؟! وماذا إن كانت الخادمة أكثر أدبا من مخدوميها وكانا هما من بحاجة إلى التأديب... هل سيكون من المقبول تأديبهما بقطعة حديدية على رأس كل واحد منهما؟!

الخدم لهم مكاتب مسؤولة عنهم، وأي خادمة لا يعجب المخدوم سلوكها ما عليه سوى إرجاعها إلى المكتب دون عصبية وعنف يفضي إلى الموت، المشكلة أننا نتصرف مع الخدم لا كخدم إنما كعبيد نملكهم ولنا حق تأديبهم وتقويم أي اعوجاج في سلوكهم، والنقود التي ندفعها لمكتب الخدم نعتبرها قيمة شراء لهؤلاء العبيد، وأن عليهم بموجب هذا أن يتحولوا إلى آلات تعمل 24 ساعة في اليوم طوال العام دون شكوى أو تذمر أو تكشيرة بسيطة، فإن حدث... فالعصا والعقال والحذاء والقطع الحديدية كفيلة بتأديبهم!

والمصيبة كلما جاءت تقارير حقوق الإنسان لتدين سلوكنا تجاه الخدم، كابرنا واعترضنا وقلنا إن هناك حملة ظالمة لتشوية مجتمعنا "المحافظ بطبيعته" والذي يعامل الخدم أفضل معاملة، وإن لدينا من الضوابط والثوابت وحملات تعزيز الأخلاق ما يجعلنا المجتمع المثالي "اللي مفيش منه"، ولدينا كذلك بحمد الله لجنة تقضي على أي ظاهرة سلبية تظهر في المجتمع، لكن للأسف، حتى الآن، لم يدرج ضرب الخدم وإساءة معاملتهم وأكل حقوقهم ضمن الظواهر السلبية... لأنها تشمل أموراً أهم وأعظم بكثير من ذلك!

back to top