أبعدت المملكة العربية السعودية مؤخراً 2000 معلم سعودي في مراحل التعليم العام المختلفة عن سلك التدريس لأسباب تتعلق بنشرهم أفكاراً متطرفة تمس الأمن الاجتماعي، مستشار مساعد وزير الداخلية السعودي للأمن الفكري عبدالرحمن الهدلق قال «إن الإبعاد جاء بسبب الغلو، وتم إيقاف عدد من المعلمين بعدما تبين أنهم يحيلون رسالة التدريس في المواد الدراسية إلى أداة لنشر الفكر الضال»، الأخوة السعوديون استوعبوا دروس أحداث التطرف والإرهاب بسرعة واستخلصوا العبر، ووضعوا الخطط وباشروا العمل لحماية وطنهم، واقتلاع الخطر الداخلي لحفظ الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي.
وفي المقابل ماذا يجري في الكويت، فمازلنا على «طمام مرحوم» تحالفات السبعينيات السياسية التي مكنت التيارات الأصولية الدينية من السيطرة على التعليم، وما نتج عنه من إرهاب فكري للباحثين والساعين إلى الإصلاح والتطوير، ورغم ذلك باشرت الدولة في بناء مدينة جامعية بمليارات الدولارات معزولة جنسياً وفكرياً لتكرس نهج التشدد، ومعركة المناهج التربوية على أشدها بما تستجلبه من سجال طائفي خطير على وحدة المجتمع وتماسكه، بينما الحكومة تجتمع مع أطراف النزاع المتشددين وتمنحهم الوعود بما يخص المناهج، لتشجعهم على المزيد من التدخل في قضايا التعليم التي تشكل صياغة فكر وسلوك أفراد المجتمع التي هي بلاشك قضية أمن وطني، ولكننا لا ندري متى ستعي السلطة ذلك بعد ما شاهدناه على مدى العقد الزمني الماضي من حوادث وقضايا إرهابية، وما دفعه البلد من أثمان باهظة بسبب تراجعه على جميع الصعد بسبب الإرهاب الفكري الأصولي وتطوره في ما بعد إلى إرهاب على الأرض في فيلكا وأم الهيمان وميدان حولي!السلطة في الكويت تعتقد أن التيارات الأصولية المحلية رغم ما ثبت من امتدادها خارجياً، مازالت تحت عباءاتها، وأنها بما منحتها من امتيازات تجارية ووظيفية ومالية، رهن طوعها عندما تستدعي الحاجة إلى «تحمير العين» عليهم، وهذا أخطر ما في الموضوع لأنها قد تكتشف بعد فوات الأوان أن ذلك كان وهماً، وكان لعب على حافة الهاوية، فعندما تُخرج أجيالاً بفكر متعصب وغلو عقائدي ونفس طائفي، ستكون القاعدة العريضة بإمرة من حقنهم ذاك الفكر، ولن يحتاج أي صراع طائفي في البلد، لا سمح الله، إلّا إلى خطبتين أو ثلاث من إمام منفلت أو سياسي إسلامي متهور من هذا الطرف أو ذاك، ليقع البلد في المحظور الذي ستطول نيرانه الجميع، لذا ونحن نشهد ما يجري من حولنا، نرتجي أن تعي الحكومة خطورته وتجعل ملف التعليم، وبصفة خاصة الأمور التي تتعلق بالعقيدة، ملفاً متعلقاً بالأمن الوطني لا يمكن أن يعبث أو يتدخل به أحد... على أن تدفن قبل أن تشرع في ذلك تحالف السبعينيات المشؤوم وما ترتب عليه من التزامات مع الأصوليين وكذلك طمام المرحوم معه!
أخر كلام
دفنوا طمام المرحوم
18-07-2010