أخطاء المتداولين القديمة، التي بحت الأصوات في التحذير من تداعياتها على استثماراتهم، عادت إلى ساحة البورصة، سواء من قبل المتداولين الأفراد أو من الشركات المدرجة، وكأن الأزمة المالية لم تعطِ دروساً مستفادة.

Ad

لم نكد نستوعب الأزمة المالية التي طحنت معظم شركات القطاع الخاص بما فيها من بنوك وشركات استثمارية وعقارية وغيرها من مختلف القطاعات الإقتصادية، ومن ضمنها الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، حتى بتنا نرى العديد من الممارسات السلبية التي كانت منتشرة وبقوة في البورصة ما قبل الأزمة تعود من جديد، بل وازدادت عما كنا نراه قبل الأزمة، سواء من المتداولين أنفسهم أو من الشركات المدرجة التي تدور حولها الممارسات المقصودة.

وسواء استفاد البعض منها أو تضرر، فإنها تبقى ممارسات لا يجب فعلها حتى في أوقات الانتعاش الاقتصادي، أما خلال الأزمات كما يحدث حالياً فتأثيرها أكبر، وحسب آراء محللين ماليين فإنها تعتبر المتحكم الرئيسي في عملية المضاربة اليومية التي تحدث في السوق الذي يفتقد في الوقت الحالي وجود متداولين جدد يبحثون عن الاستثمارات طويلة ومتوسطة الأجل والتركيز فقط على المضاربة قصيرة الأجل، وبالتالي فإن هذه الممارسات هي المتحكم الرئيسي في تداولات السوق في الفترة الحالية.

من خلال هذا التقرير، تحاول "الجريدة" تسليط الضوء على أبرز الممارسات السلبية التي ظهرت وبقوة خلال الفترة الأخيرة، محاولةً من خلاله أن تنبه لضرورة اتخاذ الاجراءات المناسبة للعمل على إيقاف مثل هذه التصرفات، سواء أكانت هذه الإجراءات من قبل المتداولين أنفسهم أم الشركات أو حتى المسؤولين في سوق الكويت للأوراق المالية إن كانت معالجة بعض التصرفات تقع تحت مسؤوليتهم.

صعود صاروخي

صعود أسهم شركات وبشكل كبير دون وجود أي أخبار عن صفقات تتعلق بهذه الشركات، وهذه العملية لاحظناها وبقوة خلال الفترة الماضية، وللأسف فإنها تتكرر وبشكل مستمر لكن بتغير الشركات، علماً بأن عمليات الصعود "الصاروخية" تلك لا تصاحبها نهائياً أية أخبار إيجابية تستدعي هذا الصعوج، وبالتالي فإن الصعود يساهم في خلق بيئة خصبة للإشاعات المؤثرة على قرارات المستثمرين، دون التأكد من مصداقية الإشاعة إن كانت صحيحة أو كاذبة، حتى بوجود تحرك من قبل إدارة البورصة حيال هذه العملية عندما تقوم بمخاطبة الشركة حول وجود صفقة أو غيرها، فإن غالبية ردود الشركات المقصودة تنص على "ان الشركة تتلقى وبشكل مستمر عروضاً شفوية" أو أن "الشركة تتفاوض بشكل مستمر لتحقيق أفضل العوائد للمساهمين"، دون توضيح حقيقة هذا الصعود.

علماً بأن هذه العملية تذكرنا بعمليات مشابهة في الماضي عندما وصلت أسعار بعض الأسهم إلى مستويات "خيالية" ما لبثت أن انفجرت بالونتها بعد مدة ليست بالقصيرة دون الإعلان أو التوقيع على أي صفقة من شأنها أن تفسر هذا الصعود.

انجذاب غريب

لا نرى سبباً واحداً مقنعاً حول انجذاب المتداولين لأسهم يشير مراقبو الحسابات فيها إلى أنهم "يشكون في عدم قدرة الشركة على استمرارية مزاولة أعمالها"، فمن المفترض أن تكون هذه العبارة "تحذيرية" وتنبيهية للمساهمين حول أداء الشركة المقصودة وليست تشجيعية وتحفيزية على التداول بشكل أكبر على سهمها والمضاربة عليه دون وجود مقومات حقيقية لهذا الفعل، وعندما تتعرض الشركة فعلاً للأزمات التي حذر منها المراقبون نرى "تباكي" المساهمين ومحاولة خلق الأعذار لأنفسهم حول زيادتهم لكميات الأسهم، أين كنتم عندما حذركم مدقق الحسابات!

مبالغة في التوقعات

سلبية أخرى نشهدها وباستمرار في الكويت بل وربما تكون من أهم صفات البورصة الكويتية، وهي المبالغة في التوقعات بشأن تحقيق الأرباح لهذه الشركة أو تلك، فحتى مع حدوث الأزمة وانشغال معظم الشركات بوضع الخطط الكفيلة بتقليل آثار الأزمة على عملها قدر المستطاع، فإن المتداولين يتوقعون تحقيق 100-150 في المئة من السهم، غير مهتمين بأوضاع الشركة نفسها!

الآجل... من جديد

الإفراط في تداولات الآجل عادت من جديد وبقوة، ولم تمنع أوضاع الشركات المتأزمة، ووضع السوق المتذبذب أيضاً من أن يعمد العديد من المتداولين إلى تجميد كل أموالهم في الآجل، على الرغم من إدراكهم جميعاً أن تجميد الأموال في نطاق ضيق جداً من شأنه أن يلتهم جزءاً كبيراً منه إذا ما تعرضت هذه الاستثمارات إلى هزة غير متوقعة، وما أكثر الهزات في هذه الفترة!

«عناد» المتداولين

هل يعقل أن نراهن على شركات لديها ما لديها من المشاكل الداخلية سواء تلك التي تحدث بين الملاك أنفسهم أو في مشاريع الشركة وعقودها؟

نعم يعقل حدوث مثل هذا الأمر في بورصة مثل البورصة الكويتية، ويقول محللون إنه من الممكن أن نسمي هذه العملية أنها عملية "عناد" من قبل المتداولين وتعمدهم الوقوف ضد الريح.

 

استقالات غامضة

معظم الاستقالات التي قدمت من قبل العديد من مسؤولي الشركات المدرجة -إن لم يكن جميعها- ووافقت عليها مجالس إدارات شركاتهم لم يتم الإعلان الرسمي عن سبب هذه الاستقالات، وتركت الأمر بيد الإشاعات التي تتلاعب بقرارات المستثمرين والمتداولين، فإن كانت الاستقالة على سبيل المثال بسبب خلاف ما بين الإدارة التنفيذية والملاك فلماذا لا يتم الإعلان عنها حتى تتضح الصورة بشكل كبير أمام المساهمين؟

استحواذات غريبة

استحواذات شركات على شركات تابعة أو زميلة، ما الهدف الأساسي منها؟ وما القيمة الاقتصادية أو الاستثمارية المضافة لمساهمي الشركتين؟ وما العوائد المحققة من هذه الاستحواذات إن كانت بالأساس شركات تابعة بعضها لبعض؟ لا تزال هذه العمليات غير واضحة إلى الآن.

سداد ديون

بعد أن حدثت الأزمة المالية، كان من الطبيعي أن تلجأ الشركات المتعثرة في سداد ديونها إلى وضع خطط لإعادة هيكلة هذه الديون، وكان نصيب معظمها بالموافقة على خططها الموضوعة من قبل دائنيها، ولكن ما يجب ذكره في هذه النقطة، أن السوق يعاني عدم قراءة مستقبل الشركة، نظراً الى أن العديد من خطط إعادة هيكلة الديون التي حصلت على موافقة الدائنين ارتكزت على تسديد المستحق خلال فترات زمنية تراوحت ما بين 3-5 سنوات، وبالتالي فإن عمل الشركة ونشاطها خلال فترة الخطة سيتركز فقط على دفع ديونها واستحقاقتها، اذاً، أين العوائد التي من الممكن تحقيقها في ظل النشاط المحدود لها؟

السهم الرخيص

نعاني خلال هذه الفترة عدم وضوح التعريف الحقيقي لـ"السهم الرخيص"، فمن الملاحظ أن أغلب المتداولين وخصوصاً الصغار يعتمدون على القيمة السعرية للسهم في تعريفهم للسهم الرخيص، فأي سهم يكون سعره أقل من 50 أو 100 فلس مثلاً هو سهم رخيص، متناسين بعض الأمور الفنية التي تتحكم في تحديد سعر وجودة السهم، مثل مضاعف مكرر الربحية ومضاعف القيمة الدفترية على سبيل المثال.

دوران السهم

لاحظنا تداول أسهم شركات بأكثر من رأسمالها بمرتين أو أكثر، دون وجود أي أمر يوضح أسباب تداول هذه الكميات الكبيرة من السهم نفسه دون أن يصاحبها أخبار إيجابية أو حتى تغيير في الملاك الرئيسيين للشركة.