لحسن حظ المتزوجين الجدد أن الفحص الطبي محصور في الأمراض الجسمانية، ولا يتجاوزه الى الفحص «الطبنفسي» المعري لسوءة وأعراض الأمراض النفسية الكامنة في دهاليز وسراديب اللاشعور! فضلا عن أنه ينأى عن كشف مثالب وعيوب العروسين الاجتماعية والأخلاقية.

Ad

* لعلني لا أغالي إذا زعمت أن الزواج، قبل إقرار قانون الفحص الطبي للعروسين قبل الزواج، ينطوي على مغامرة ومقامرة تضاهيان عملية شراء البطيخ الأحمر المتكئة على قاعدة «حظك نصيبك» المشرعة على كل الاحتمالات والمفاجآت!

ومن هنا فإن الخمسة والأربعين مواطناً الذين راجعوا مقر الفحص الطبي في يومه الأول يدل على أنهم موقنون بضرورته وجدواه للعروسين المقبلين على تصفيد ذواتهما بـ»كلبشات» وأغلال الحياة الزوجية!

والعدد السالف الذكر واعد، ويبشر بنجاح التجربة لاسيما إذا توافرت مقار الفحص في المحافظات كافة.

ومن نافل القول الإشارة إلى أن تقليد الفحص الطبي السابق «لورطة» الزواج تعمل به جل دول العالم منذ عشرات السنين، لكن بلادنا تأخرت كثيراً في تطبيقه، لأسباب شتى لعل أبرزها تجذر وشيوع عادة أختيار العروسين لبعضهما بآلية اختيار البطيخ الأحمر كما أسلفنا!

وعلى الرغم من الإشارات الأولية التي تشي بنجاح تجربة الفحص الطبي، فإنه يجوز لنا توقع تهرب العديد من المواطنين وتحايلهم على القانون، على طريقة الموظف المتمارض الذي يحظى بإجازة لا تعبر عن واقع حاله البتة! ذلك أن عامة الناس يتسمون بعدائهم لكل شأن جديد يجهلونه، لذا سيجابه القانون من قبل الفصيلة المتهربة بالتوجس والتهرب والتحايل، وربما إتمام الزواج خارج الحدود!

* ولحسن حظ المتزوجين الجدد أن الفحص محصور- فقط- في الأمراض الجسمانية، ولا يتجاوزه الى الفحص «الطبنفسي» المعري لسوءة وأعراض الأمراض النفسية الكامنة في دهاليز وسراديب اللاشعور! فضلا عن أن الفحص الحالي ينأى عن كشف مثالب وعيوب العروسين الاجتماعية والأخلاقية، التي لا تعلن حضورها إلا بعد العِشرة وتفريخ الذراري من الأولاد والأحفاد! ولحسن حظّنا نحن معشر المتزوجين جداً وقديماً أن قانون الفحص الطبي لا يطبّق بأثر رجعي ينسحب على كل المتزوجين الذين بلغوا فيه عمراً عتياً، فلو أنه طبق بأثر رجعي والعياذ بالله، لكان نصيبنا يكمن في الخلع ما غيره! والحق أن الفحص الطبي السابق للزواج بحاجة ماسة إلى إعلام توعوي يتوسل التعريف بفوائده، ويسعى إلى الحث عليه والترغيب فيه، في سياق الحرص على بناء أسرة صحية سوية مترعة بالعافية بأشكالها كافة.

وأحسب أنه لأمر محمود أن يكون الفحص قاصراً على الكشف عن الأمراض الوراثية فقط، وتصور معي- بالألوان إن شئت- لو أنه يكشف هوية البعل الذي قُدّ من البخل، والذي يستأهل الانضمام إلى قبيلة البخلاء الموجودين في متن مصنّف عمّنا «أبو عثمان الجاحظ» الموسوم باسم: البخلاء! أو أنه- البعل نفسه!- بدون نقطة على العين! إنسان مزواج يرتكب الفعلة مثنى وثلاث ورباع، دون أن يرف له جفن الشبق العارم! والحمد لله أن الزواج صار كما الموت ومثل الوفاة لا يتم إلا بوجود شهادة تردفه وتلحقه! وحيثما كنتم أيها المتزوجون الجدد يدرككم الفحص الطبي!