الموقف العربي المفترض

نشر في 02-08-2009
آخر تحديث 02-08-2009 | 00:00
 صالح القلاب بات في حكم المؤكد أن حلَّ مسألة تدابير التطبيع الجزئي مع إسرائيل، التي تطالب الولايات المتحدة العرب بها، سيكون على أساس أن تكون هناك "وديعة" مزدوجة عربية وإسرائيلية توضع بين يدي الرئيس باراك أوباما، مضمونها أن تكون خطوات حسن النوايا المطلوبة متبادلة ومتزامنة، أي أن يتعهد الإسرائيليون بوقف الاستيطان وباستحقاقات عملية السلام وفقاً للتصورات الأميركية، مقابل تعهد عربي بمثل تدابير التطبيع الجزئي هذه التي يريدها الأميركيون.

لقد تسلم بعض القادة العرب قبل أيام رسائل من الرئيس باراك أوباما بهذا الخصوص، وهناك مساع متواصلة في هذا الاتجاه، والمتوقع أن يتبلور شيء واضح في أقرب فترة ممكنة، فالمعلومات المتداولة على نطاق ضيق تشير إلى أن هناك استجابة عربية مشجعة لما تريده واشنطن، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ألا تكون الخطوات "التطبيعية" المطلوبة، حتى وإن كانت رمزية، مجانية وبلا مقابل.

ولذلك فإن المتوقع، بل المؤكد، أن تتفق بعض الدول العربية، التي لديها القناعة بالنسبة إلى هذا الأمر، والتي لديها الاستعداد لاتخاذ خطوات التطبيع الرمزية التي تريدها واشنطن، على وضع "وديعة" بهذا الخصوص لدى الرئيس باراك أوباما مقابل أن يضع الإسرائيليون مثل هذه الوديعة بين يدي الرئيس الأميركي، وبحيث يلجأ الأميركيون إلى المطالبة بتنفيذ هاتين الوديعتين في اللحظة المناسبة.

وهنا ومرة أخرى فإنه على العرب الذين لديهم الاستعداد لاتخاذ خطوات التطبيع الرمزي المطلوبة هذه، والعرب الذين يفضلون البقاء بعيداً عن هذه المسألة إلى أن تصبح الأمور أكثر وضوحاً، أن يدركوا حجم الضغوط التي يتعرض لها الرئيس الأميركي من قبل مجموعات الضغط الإسرائيلية في أميركا، والتي كما هو واضح غدت تحقق بعض النجاح داخل الكونغرس الأميركي، وداخل مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة.

هناك الآن صراع إرادات في ذروة الاحتدام، ولهذا فإن عامل الوقت بينما يجري كل هذا السباق المحموم في غاية الأهمية، مما يقتضي أن تكون الحركة العربية متناغمة مع كل هذا الذي يجري، ويقتضي أيضاً أن يكون هناك تنسيق عربي ولو في الحدود الدنيا.

لا يجوز أن يجري كل هذا الذي يجري والعرب يتخذون هذا الموقف الذي لا يمكن ترجمته إلا على أنه في النهاية يصب الحب في طاحونة اليمين الإسرائيلي... إنه لابد من أن يكون هناك تحرك عربي مدروس ومتفق عليه، وإنه لابد من أن يكون هناك توزيع أدوار، وأن تكون هذه الأدوار مكملة بعضها لبعض.

غير ضروري أن تكون خطوات التطبيع الرمزي هذه هي المطلوبة باسم الجامعة العربية، لكن المطلوب أن يكون هناك اجتماع عاجل على مستوى وزراء الخارجية العرب، على غرار الاجتماع الذي جرى قبل فترة لاتخاذ موقف إن لم يكن موحداً فعلى الأقل يتسق ويتناغم مع كل هذه التحركات الجارية، وهي تحركات جادة وستصبح أكثر جدية كلما اقترب موعد إطلاق الرئيس باراك أوباما مبادرته أو خطته الشرق أوسطية المنتظرة.

كاتب وسياسي أردني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top