استمعت إلى قصيدة الشيخ الدكتور عايض القرني «لا إله إلا الله»، التي غناها فنان العرب محمد عبده رغم اعتراضات المتجهمين، كالعادة. ومع أن القرني خطيب مفوّه، كلمات هجائه سيوف قاطعة، وعبارات ثنائه ورود يانعة، فإنّ صياغته للقصيدة لم تجرؤ على الخروج من دائرة «العادي» أبداً، أو كأنها عندما خرجت من صدره كانت تتلفت خوفاً من أن يراها أحد، واضطرت إلى ارتداء ثيابها العادية التي كانت ترتديها في البيت، وسرّحت شعرها على عجالة، ولم تضع عطراً على رقبتها، للأسف. كانت عادية مملة رتيبة كأحاديث الساسة، تدفعك إلى التثاؤب مللاً والتمغط كللاً.

Ad

أين عايض القرني الذي يشدني إلى الاستماع إليه بفم فاغر، لا لمضمون أحاديثه ورواياته، فأنا أعرف أن جلها من تأليفه، سيما وهو يتحدث عن التاريخ، فإذا به يأتينا بأشياء جديدة لم نسمع عنها أبداً! إنما إعجابي به سببه الفصاحة التي تدفعني إلى تتبع أصحابها والتصفيق لهم، فما الذي أصابه ليأتيني بقصيدة ألبست ظني به خيبة ذات هيبة.

بالله عليكم يا أهل الشعر ويا متذوقيه، هل هناك من قافيتين أسهل من (ــاب) و (ــابه)، القافيتان اللتان توفران لك بحراً يفوق المحيطات عرضاً وعمقاً، وأنواعاً من اللؤلؤ ما عليك إلا أن تنتقي منها ما يخدم فكرتك؟ لكن القرني جلس على الشاطئ وانتقى من محّاره ما يملأ الخيشة، فالمهم أن تمتلئ الخيشة. يا خسارة... أين القرني وهو يتحدث عن سيرة عمر بن الخطاب أو علي بن أبي طالب أو خالد بن الوليد رضي الله عنهم؟ أين اختفى خياله؟ ما الذي حداه على الرضا بمثل هذه القصيدة، وهو حر من سيف الوقت، إذ قد نقبل أن تخرج مقالة أو قصيدة إلى النور ليست بمستوى كاتبها، لكننا سنعذره إذا تذكرنا سيف الوقت، أما أن تخرج قصيدة - غير ملزمة بتوقيت - تزحف على الأرض لخطيب يحلق في السماء، فسنقول حينئذٍ بلهجة أجدادنا: «لا وا سفا»، أو يا للأسف.

وأجزم أنه لولا اسم «القرني» لما طلب محمد عبده غناء القصيدة الباهتة أبداً، ولولا اسم عبده لما استمع لها هذا العدد من الناس.

هي سقطة شعرية في رأيي يجب أن يتبعها ما يمحوها يا دكتورنا الفصيح.

***

إيقاف المسلسل التلفزيوني الذي يتعرض للساسة والشخصيات العامة مخالف للدستور، رغم أن القائمين على القناة هم أكثر من يخالف الدستور ويطعن المدافعين عنه. ولطلال السعيد الذي يتباكى على قناة عائلته وعلى الحريات، أذكّره بدعواه القضائية التي رفعها عليّ عندما كتبت عنه سطرين لا أكثر... وموضوع إيقاف المسلسل يستحق العودة للكتابة عنه باستخدام الضوء.