... رحمك الله يا طلال العيار!

نشر في 25-10-2009
آخر تحديث 25-10-2009 | 00:00
 د. ساجد العبدلي أمام مهابة الموت ورهبته تتضاءل دوما عباراتي وكلماتي وتتقزم جميعها، وتتيه كل الأفكار فلا حقيقة أشبه بالخيال كحقيقة الموت!

لم أكن أعرف الرجل شخصيا، ولم يسبق لي الالتقاء به عن كثب إلا بشكل عارض في بعض المناسبات، لذا لم تتجاوز معرفتي به ما كنت أتابعه عنه عبر وسائل الإعلام باعتباره الوزير والنائب السابق، فجاء لقائي الأول (والأخير) به في مثل هذا الوقت تماما من العام الماضي، حين التقيت به في معرض الكتاب السابق، في الجناح اللبناني وبالضبط أمام المؤسسة العربية للدراسات والنشر، فكان هو ذاته الرجل المتواضع صاحب الابتسامة المشرقة التي كنت أراها لا تفارق وجهه في كل مكان.

تصافحنا، وتجاذبنا أطراف الحديث في شتى الموضوعات، ابتداء بهموم وشجون الواقع السياسي، وانتهاء إلى الشأن الثقافي وأحوال معرض الكتاب وما فيه من معروضات لذلك العام، لأكتشف به مثقفا من الطراز الرفيع.

نسيت يومها أن آخذ منه رقم هاتفه، لكنه ظل ماثلا في ذهني بعدها طوال الوقت، حيث كنت قد ابتدأت تنفيذ مشروع ثقافي تطوعي، وظننت أنه حتما سيكون من المتحمسين لدعم فكرته لما لمسته منه من حب للثقافة في ذلك اللقاء اليتيم. وبالأمس إذا بي أتسلم رسالة هاتفية، تنقل خبر وفاته... لقد اختطف الموت ذلك الرجل الهادئ المثقف الباسم دوما!

لقد مات طلال مبارك العيار النائب والوزير السابق الذي عشقته الجهراء فجعلته الأول دوما على رأس قائمة مرشحيها الناجحين لعضوية مجلس الأمة إلا في مرة يتيمة في عام 1999 سرعان ما تجاوزها ليعود كسابق عهده الأول وباقتدار في عامي 2003 و2006، وعشقها في المقابل وأحب أهلها ورد جميلهم فخدمهم ليل نهار بلا كلل ولا ملل.

هنيئا لك بمحبة الناس يا أبا مبارك وإلى جنات الخلود إن شاء الله، فقد مرت جنازة برسول الله صلى الله عليه وسلم فأُثني عليها بخير حتى تتابعت الألسن، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وجبت، ومرت به جنازة فأُثني عليها بشر حتى تتابعت الألسن، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وجبت، فقال عمر بن الخطاب يارسول الله قلت في الجنازة الأولى، حيث أثني عليها خيراً وجبت، وقلت في الثانية كذلك فقال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم شرا فوجبت له النار، إنكم شهود الله في الأرض مرتين أو ثلاثا.

وقال أبو الأسود الدؤلي قدمت المدينة وقد وقع بها مرض، فجلست إلى عمر بن الخطاب فمرت بهم جنازة فأثني على صاحبها خير، فقال عمر وجبت، ثم مر بأخرى فأثني عليها بشر، فقال عمر وجبت، فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما مسلم يشهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا وثلاثة، قال وثلاثة، فقلنا واثنان، قال واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد.

خالص العزاء لأهل الفقيد وذويه، وأسأل الله لهم الصبر والسلوان في مصابهم، وأن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعله من أهل الجنة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top