المجتمع المجرم


نشر في 22-07-2010
آخر تحديث 22-07-2010 | 00:01
 إيمان علي البداح عندما يصبح العنف ظاهرة اجتماعية فإن ذلك قد يكون مؤشراً على ضياع البوصلة الأخلاقية للأمة، والتفكك الأسري، وضعف التنشئة، والتوجيه الاجتماعي، ووجود مثل عليا مشوهة، وقيم مجتمعية تشجع المسلكيات السلبية، وتدفع بالعنف كأسلوب للتعامل والحوار. طالعتنا الصفحة الأولى من «القبس» يوم الاثنين الماضي بالإحصائية السنوية للمحاكم الكويتية، والتي تشير إلى ازدياد معدل الجريمة بشكل «غير طبيعي» على حد تعبير المستشار فيصل المرشد، مشيرا إلى ازدياد عدد القضايا التي نظرت فيها المحاكم هذا العام بنسبة 68 في المئة مقارنة بأعداد العام الماضي.

في حين أطلت علينا «الجريدة» في اليوم التالي بخبرين «لطيفين»: الأول حول بلاغ د. الساير ضد نائب الأمة دليهي الهاجري بعد أن تهجم عليه لفظيا وجسديا، والآخر حول حبس النائب السابق «الدكتور» بادي الدوسري إثر تعديه على مدير إدارة الهجرة! فهل يمكننا فصل هذه الأخبار عن بعضها؟

أتفق مع المستشار المرشد أن ضياع «التسامح» في المجتمع الكويتي نتاج ضعف أو ضياع دور المؤسسات التربوية، سواء كان ذلك البيت أو المدرسة أو مؤسسات المجتمع المدني، ولكن أين تكمن المسؤولية العليا؟ ومن أين يأتي الحل؟

العنف- كما أي سلوك- هو نتاج تفاعل عاطفي ومعالجة ذهنية، فمن ناحية، العنف نتاج تراكم أو كبت مشاعر حادة، بعضها بدائي كالجوع أو الرغبة الجنسية، وأخرى أكثر تعقيدا كالغضب والقلق، ومن ناحية أخرى فإن العنف نتاج وهن ذهني في معالجة هذه المشاعر الحادة، ناتج عن انخفاض الذكاء العاطفي، وقلة الحيلة وسطحية الثقافة والتعليم.

لذا فعندما يصبح العنف ظاهرة اجتماعية فإن ذلك قد يكون مؤشراً على سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع العامة لحد الجوع والحاجة، وقد يكون مؤشرا على الشعور العام بالظلم والطغيان والدكتاتورية، ومن ناحية أخرى يكون مؤشراً على ضياع البوصلة الأخلاقية للأمة، والتفكك الأسري، وضعف التنشئة، والتوجيه الاجتماعي، ووجود مثل عليا مشوهة، وقيم مجتمعية تشجع المسلكيات السلبية، وتدفع بالعنف كأسلوب للتعامل والحوار. وفي الكويت هذه الأيام تجتمع تلك العوامل كافة والحمد لله!

ولربما كانت الأزمة الاقتصادية عالمية، وبالتأكيد تتحمل الحكومة مسؤولية الفساد وسوء الأوضاع السياسية وتدهور الحريات، ولكن أثر هذه وتلك يمكن حده بالتشريعات المناسبة، وباحترام هذه التشريعات... الأهم أن مثل هذه الظروف تتطلب قيادات واعية تدفع بالعامة لتحويل مشاعرها الحادة إلى عمل بنّاء يخرجنا كمجتمع من دوامة الانهيار.

ولكن... العنف والكره والتمييز تدرس للأطفال في المدارس، فمن أين نتعلم التسامح؟ والتشريعات والقيادة والسياسة بيد من هم على شاكلة الهاجري والدوسري، فممن تأتي النجاة؟

back to top