صرخة... «فهد عوض»!

نشر في 07-03-2010
آخر تحديث 07-03-2010 | 00:01
 سعد العجمي في زمن التراجع الكويتي على الصعد المختلفة أصبح التأهل إلى نهائيات كأس آسيا حدثاً يجعل من دموع فرحنا تنهمر بغزارة، بعد أن كان الحصول على الكأس أو التأهل إلى دور الأربعة على الأقل، أدنى طموحاتنا في ذلك الاستحقاق الآسيوي.

إن اختزال التقهقر الكويتي في مستوى الرياضة وإنجازاتها فقط، لا يعكس الواقع الذي نعيشه، فما كنا نفاخر به أمام الآخرين في السابق أصابه النكوص والردة حتى بتنا في آخر الركب، خذ عندك على سبيل المثال لا الحصر، الحركة الفنية تمثيلاً وغناء، والأدب، والثقافة، والإعلام بوسائله المختلفة، والتنمية بجوانبها كافة، حتى لغة الخطاب بيننا كشعب هوت إلى الدرك الأسفل، بعد أن أصبحنا نخون بعضنا بعضا ونصنف ولاءاتنا وانتماءاتنا لهذا الوطن وفق أهوائنا الشخصية.

قد يكون الحديث عما تعانيه الرياضة من مشاكل سبباً مقنعاً لتبرير غياب الإنجازات في هذه الفترة، لكن الشواهد على أن رياضتنا حققت إنجازات في السابق، وهي تعاني المشاكل ذاتها، كثيرة، وكلنا نتذكر كأس الخليج التي ظفر بها الأزرق عام 86، وتأهلنا للألعاب الأولمبية في برشلونة بعد الغزو العراقي، وكذلك تحقيق كأس الخليج في مسقط والمنامة أيام طيب الذكر المدرب "ميلان ماتشاله"، والتأهل أيضاً إلى أولمبياد سيدني.

القضية ليست قضية خلافات ومشاكل بحتة، فالروح المعنوية في أحيان كثيرة تعوض وجود مثل تلك الخلافات وتأثيرها في الفريق، لكن انحراف ذلك الخلاف والتباين بين أطراف القضية في السنوات الأخيرة من خلاف رياضي إلى شخصي واجتماعي وبعد ذلك سياسي، خلق أجواءً من الإحباط منسجمة مع الحالة العامة للدولة التي تشعر الجميع بمدى التردي والتراجع الذي تعيشه بلادنا.

لا يوجد "تكتل" ولا "معايير" في الصحة، ومع ذلك فإن الخدمات الصحية في الدولة سيئة إلى درجة تدعو إلى الشفقة على من يتلقون علاجهم في مستشفياتنا الحكومية، وليس هناك "مرزوق" أو "طلال" في وزارة التربية، فهل تطور قطاع التعليم لدينا؟ على العكس من ذلك تماماً فمستوى التعليم لا يليق أبدا بما يصرف عليه من أموال ولا يواكب ما يُوفر له من إمكانات.

ليس هناك خلاف حول عدد أعضاء المجلس الأعلى للبترول سواء كانوا "5" أو "14" ومع ذلك فإن رائحة الفساد والتجاوزات تزكم الأنوف في القطاع النفطي، والمنشآت النفطية وبنيتها التحتية تئن من التهالك والترهل فلا يمر يومٌ إلا ونسمع عن حادثة تسرب أو انفجار، رغم أن النفط هو مصدر دخلنا الوحيد.

في خضم ما نعيشه من إحباط ويأس وشعور بالألم والمرارة، وغياب كل ما هو جميل ومفرح في هذا البلد، بات التأهل إلى نهائيات آسيا عبر تعادل سلبي ومن بوابة الشقيقة عمان التي كنا نهزمها بالعشرة والسبعة أيام الزمن الجميل، مدعاة لكل هذه الفرحة الهستيرية! لست هنا محبطاً أو بصدد التقليل من الجهد الذي بذله لاعبو الأزرق في موقعة مسقط، لكنني أتساءل، من أوصلنا إلى هذه الحالة؟

عودوا إلى شريط المباراة، وتوقفوا عند الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع، وتأملوا في لقطة إنقاذ نواف الخالدي بكل بسالة وشجاعة فرصة الانفراد الخطيرة لأحد لاعبي عمان، ودققوا في الظهير الأيسر فهد عوض "كويتاوي" عندما توجه إلى زميله الخالدي "قدساوي" وصرخ من كل قلبه عرفاناً للحارس البطل في منظر يتقد حماساً ووطنية وقتالية.

آه يا فهد، لم نسمع صرختك لكننا رأيناها، ولو صرخت يا عزيزي ألف صرخة لن يسمعك أحد، فأنت مواطن مثلي، قد نملك الأقدام والأقلام، إلا أننا لا نؤثر ولا نملك أدوات التغيير، لكن هناك من يستطيع ذلك، ولو أنه صرخ تلك الصرخة لعادت الكويت إلى أيامها الجميلة!

back to top