شتم الصحابة... وسحب الجنسية!
لنوابنا الأفاضل بين الفينة والأخرى شطحات غريبة وعجيبة تجعلك تتساءل إن كانوا حقاً جادين في بعض ما ينوون عمله أم أنهم "يتغشمرون" مع وسائل الإعلام فقط؟!خذوا عندكم مثلاً تصريح النائب الفاضل "فيصل المسلم" الأخير الذي أعلن فيه "وجود توجه لتقديم اقتراح بقانون لسحب جنسية كل من يشتم الصحابة"! ما دخل هذه بتلك؟! ما العلاقة بالله عليكم بين سلوك شائن يتمثل في شتم الصحابة وأن يبقى صاحب هذا السلوك في المستقبل مواطنا أو أن يتحول إلى "بدون"؟!
أولاً وقبل كل شيء... لست ضد إصدار قانون يعاقب من يشتم أو يهين أو يحتقر المقدسات والرموز الدينية لأطياف المجتمع كافة وعلى رأس ذلك الرموز والمقدسات الإسلامية، على أن يكون ذلك القانون شاملاً كل من يهين رموز ومقدسات الآخرين، فمن يشتم الرموز والمقدسات الإسلامية "سُنيهِّا وشيعيها" يعاقب كمن يشتم الرموز والمقدسات المسيحية واليهودية والبوذية وغيرها، فالاحترام يجب أن يكون متبادلاً والقانون واحد أمام الجميع، لا أن نعاقب الآخرين على شتم مقدساتنا ونأخذ راحتنا على الآخر في شتم مقدساتهم وإهانتها! كان لابد من التوضيح أعلاه حتى لا يُساء فهم كلامي أو النقطة التي أريد انتقادها في تصريح النائب فيصل المسلم، وهي جزئية سحب المواطنة من مواطن لأنه ارتكب فعلاً خاطئاً، واستخدام وثيقة الجنسية كعقوبة أو وسيلة لردع أو إرهاب أي مواطن، وهو أمر خطير للغاية لا يقع فيه الظلم على مرتكب الفعل فقط، بل يترتب عليه الكثير من التبعات التي تطول أبناء هذا المواطن دون ذنب أو جريرة، لمجرد أن أباهم لديه من السذاجة أو السفاهة ما يكفي لتدميرهم مع وجود قانون أهوج يتيح له ذلك!وثيقة الجنسية هي ورقة إثبات مواطنة فقط، وسحبها من عدمه لن يغير من واقع الأمر شيئا، فالمواطن سيبقى مواطناً كويتياً في الأحوال كافة، وسحب وثيقة الجنسية منه سيحرمه من المزايا التي يحصل عليها بقية المواطنين، لكنه سيبقى كويتياً في كل الأحوال، وسيبقى كويتيا غصباً عن الجميع، كويتياً سيئاً.. نعم، سفيهاً.. نعم، تافهاً.. نعم، لكنه كويتي في كل الأحوال، شتم مَن شتم، وأهان من أهان، وحقّر من حقّر، فالمواطنة ليست منحة تسحب من المواطن وقتما وكيفما يشاء البعض ممن يفصّلون القوانين حسب أهوائهم ورغباتهم الشخصية، فالمواطنة شيء يسرى في دم الإنسان منذ أن يولد وإلى أن يموت، وعلى من يريد سحبها من أي مواطن لأي سبب كان، أن يسحب دمه من عروقه كاملا قبل أن يسحب منه وثيقة الجنسية!وعكس ما ينبغي أن يكون، فإن نواب التيار الإسلامي في مقترحاتهم ومعظم مواقفهم هم، مع شديد الأسف، الأبعد عن مبادئ العدل والإنصاف الواردة في القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، وهم الأبعد عملاً بقول الرسول عليه الصلاة والسلام "لا تغضب"... فالمتتبع لمواقفهم يجدها تنبع على الدوام نتيجة ردود أفعالهم الغاضبة التي لا تجعلهم لا يزِنون الأمور بشكل صحيح... وما مقترح النائب المسلم بسحب وثيقة الجنسية من أي مواطن يشتم الصحابة إلا مثال على ذلك الغضب الأعمى الذي لا يرى أبعد من خطوات أقدامه!