أكد مستشار تطوير الأدوات المالية في شركة الشعب الوطنية العقارية محمد الثامر أن قانون الاستقرار الاقتصادي هو الأسلم والأصح بين المقترحات الأخرى، ومن ضمنها "صندوق الاستقرار الاقتصادي"، مشيراً الى أن عدم دخول الشركات في هذا القانون يرجع إلى عيوب فيها.
وأضاف الثامر خلال لقائه مع "الجريدة" أن خطة التنمية التي أقرت اخيراً ستضع حجر الأساس لخطط مستقبلية رائدة، آملاً في أن تكون بداية لخطط عشرينية وليست خمسية وتساهم في عودة الكويت كدولة تخطيط من جديد.وأوضح أن أولويات القوانين الاقتصادية بعد "هيئة سوق المال" و"خطة التنمية" هي إنشاء هيئات عامة للقطاعات الاقتصادية المختلفة تعمل على مراقبة القطاع الخاص ووضع الخطط والقواعد والضوابط اللازمة لعمله ومن ثم البدء بعمليات الخصخصة، نظراً الى أن هذه الهيئات ستساهم في تغيير نوعية الموظف الكويتي نفسه بشكل إيجابي ومنتج في الوقت ذاته، مضيفاً من جهة أخرى أن إنشاء هيئة سوق المال سيساهم في وجود قوة قانونية واضحة تجاه المتلاعبين والمستغلين لأوضاع السوق.ولفت الى أن المضاربة هي المتحكم الحالي الوحيد في مجريات التداول في سوق الكويت للأوراق المالية ولا وجود لمتحكمات أخرى، مشيراً إلى أن إعلانات البيانات المالية السنوية للشركات المدرجة دائماً ما تقطع دابر الشك وسرعة ظهورها مهم جداً، لكن الوضع الحالي للشركات غير طبيعي.وتحدث الثامر خلال اللقاء عن الكثير من القضايا الاقتصادية والبورصوية المهمة الأخرى، وفي ما يلي نص اللقاء:• كيف تصف لنا الوضع الحالي لسوق الكويت للأوراق المالية؟اذا أردت أن أصف وضع السوق فإنني مضطر لأن أعرّف السوق المالي، تنقسم أسواق الأوراق المالية إلى قسمين أولية وثانوية، الأسواق الأولية تنشأ بها الشركات وتعد بها الاكتتابات، أما السوق الثانوي يتم به عمليات تبادل الأوراق المالية، والهدف الأساسي من وجود هذه الأسواق هو تمكين المستثمرين من إيجاد تمويل مناسب.فالهدف الأساسي من وجود الأسواق الثانوية هو هدف تمويلي بحت، فعندما يتم تمويل مشروع ما من خلال هذة الاسواق الثانوية، تكون فرص التخارج من هذا الاستثمار أو التمويل أيسر وأسهل، مما يؤدي الى انخفاض مخاطر التمويل وبالتالي التكاليف التمويلية، ومن أشهر الأدوات التمويلية المسعرة السندات أو الصكوك والاسهم، لذلك فإن وجود الاسواق الثانوية مهم جداً لتقليل الأخطار التمويلية.ومن وجهة نظري، الكلام عن أن سوق الكويت للأوراق المالية يساهم في القطاع الاقتصادي العام للدولة بشكل جيد غير صحيح، فحسب الأرقام الواردة في التقارير الصحافية عن نسبة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي تبين أنها ضئيلة جداً، وأكبر نسبة حققها كانت في عام 2006 عندما بلغت 25 في المئة دون احتساب نسبة مساهمة الحكومة في تلك الشركات (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر• أي من خلال الصناديق الاستثمارية) وبالتالي من الممكن أن نجدها تنخفض نحو 12 فب المئة، ونتيجة لضآلة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي نجد أن أثر البورصة الكويتية ضئيل في الاقتصاد الوطني.انني لست مع من يقول ان البورصة واجهة ومرآة للاقتصاد الوطني ولا تعكسه بشكل كامل، بل المرآة الحقيقية في ظل الوضع الحالي هي أسعار البترول، وخير دليل على ذلك هو تحدث الإحصائيات عن أن 95 في المئة من الدخل المحلي ناتج عن بيع البترول ومشتقاته.• ما المتحكمات الأساسيات في السوق في الفترة الحالية؟المضاربة وليس هناك متحكم آخر غيرها، والأخبار لم تعد تلك صاحبة التأثير القوي على مجريات التداول في السوق، وقمت بإعداد دراسة أثبتت في درجة عالية أن البورصة الكويتية مضاربية، علماً بأن تلك الدراسة قد أعدت في يوليو من عام 2007.نحن لا نقول ان المضاربين غير مهمين بالسوق بل على العكس من الطبيعي لأي سوق في العالم أن يشتمل على المضاربين والمستثمرين معاً، لكن أهمية المستثمر قد تكون أفضل لأنه دائماً ما ينظر للعائد المتوقع على استثماره ودائماً ما يضع حدوداً دنيا على استثماره، وبالتالي يحاول إبقاءه فوق هذه الحدود كلما اقتربت منها عبر دعمها.عندما تم تخفيض الفائدة منذ بداية الأزمة المالية في الكويت وحتى التخفيض الأخير لم نر أثراً فعلياً على السوق، لأنه لا يوجد ارتباط مباشر ما بين الاقتراض والاستثمار، ولو كان المستثمر موجودا لكانت له فرصة كبيرة حيث يحقق عوائد استثمارية مجزية جداً، لكن يجب أن اشير إلى أن التخوف الرئيسي لدى أغلب المستثمرين من الاستثمار في البورصة في الوقت الحالي هو أن نسبة المخاطرة أعلى من نسبة العوائد المتوقعة لاستثماراتهم مما يؤدي الى عدم وضوح الصورة لهم بشكل يساهم في بناء قراراتهم الاستثمارية في ظل عدم وجود أساسيات واضحة في السوق.توجه البورصة الكويتية الحالي توجه خاطئ، لكن لا نريد القول إن الخطأ من المستثمرين بل لأن الوضع الحالي فرض عليهم نوعية الاستثمار الحالي وهو الاستثمار قصير الأجل أو المضاربة، وأتذكر في بداية العمل الاستثماري في 1983 كانت الرؤية الاستثمارية تغلب على المضاربة فكانت المؤسسات تستثمر هدفاً لتحقيق العوائد لكن بدأت الرؤية تتغير تدريجياً وتتجه اتجاهاً آخر، وللعلم فإن هذا الاتجاه هو التوجه السائد في دول الخليج كلها باستثناء السوق العماني الذي تضعف به المضاربة، مقارنة بباقي الأسواق الخليجية.استغلال الأخبار• ألم تعد الأخبار تتحكم بشكل أساسي في السوق؟ألاحظ أن الأخبار يتم استغلالها لما يفيد مصالح المضاربين، فنراهم يبالغون في خبر معين وتصعيد سهم معين أو تخفيضه نظراً لأن البيئة تكون خصبة لهم في هذه الأوضاع.وسوق الكويت للأوراق المالية نشيط جداً في متابعة الأخبار وشفافيتها ووضوحها للمستثمر بشكل دقيق جداً، وبدأ يتحسن بشكل أفضل وبدأت إدارة البورصة تربط التداولات بالأخبار بشكل مباشر بحيث أنهم يتابعون التداول وتغير مساراته، إلا أن السوق لا يزال غير محكوم بقواعد وقوانين ثابتة تحمي المستثمرين.هيئة سوق المال• حدثنا عن دور هيئة سوق المال في المرحلة القادمة؟هيئة سوق المال خرجت إلى النور قبل أيام قليلة ولم تسن قوانينها حتى الآن، وأعتقد أنه عندما تخرج رسمياً وبقوانينها الرسمية فإننا سنرى قوة قانونية واضحة جداً تجاه المتلاعبين والمستغلين لأوضاع السوق، ويجب أن أطالب الجميع بالتفاؤل في ما يتعلق بتطبيق قوانين هذه الهيئة وعدم إهمالها مثل القوانين الأخرى التي تسن ولا تطبق لان التشاؤم سيتعبنا، ولو أن إنشاء الهيئة يحتاج الى صبر نظر لأنها تعتبر مرحلة انتقالية مهمة وكبيرة جداً في تاريخ سوق الكويت للأوراق المالية من أوضاع كانت تغلب عليها صفة "الفلتان" إلى وضع سيشهد انضباطاً شديداً جداً ويحمل معه العديد من القيود الصعبة.ونرجو كذلك أن يصاحب إنشاء هيئة سوق المال وجود رؤية اقتصادية واضحة باتجاه تدعيم الاستثمار في البنية التحتية وتحويل المؤسسات الى استثمارات مسعرة داخل السوق، وكذلك يجب أن تمول الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية من داخل السوق لمشاركة الاقتصاد الوطني في تمويل المشاريع الضخمة من خلال أدوات مالية من داخل هذه الأسواق، وهذه واحدة من أهم الأمور التي تعمل على تفعيل الأسواق لكي يتاح المجال للناس للمشاركة الفعالة في أنشطة الدولة الاقتصادية وفي المشاريع الكبرى وكذلك لتنويع الأدوات المالية داخل السوق.أنا متأكد وأجزم أنه إذا دخلت الأدوات المالية بشكل جيد في السوق الكويتي سيكون سوقاً جاذباً جداً للأموال الأجنبية والمستثمرين الخارجيين، فالكل يعلم أن الكويت ومنذ ثلاثين عاماً مصدرة للأموال الى الخارج، وكان أقل عام في تصدير الأموال للخارج كانت رؤوس الأموال تبلغ 5 مليارات دولار، ونقول إننا نأمل تنويع القاعدة الاستثمارية داخل البلد وتأمينها وترسيخها ليكون البلد جاذبا لرؤوس الأموال وبالتالي تكون حركة رؤوس الأموال أكبر داخل البلد.تأثير البيانات المالية• كيف ترى تأثير إعلانات البيانات المالية للشركات المدرجة ممن ظهرت حتى الآن على أداء السوق؟دائماً تقطع البيانات المالية دابر الشك والإشاعة، وسرعة ظهورها مهم جداً، لكن الوضع الذي تمر به الشركات المحلية المدرجة في البورصة غير طبيعي، ومن حقها أن تحاول قدر المستطاع أن تظهر بياناتها المالية بأفضل شكل ممكن باتباع الطرق المشروعة بالطبع، لكن أحياناً هناك بعض المعلومات والبيانات المطلوبة من المدققين قد لا تكون متوافرة في وقت مبكر خصوصاً أن معظم الشركات المدرجة أصبحت شركات قابضة وبالتالي يجب أن تنتظر ميزانيات الشركات التابعة والزميلة.في ظل الأوضاع الحالية والمشابهة دائماً ما تكون توقعات المستثمرين هي الأسوأ فأي خبر أو بيان مالي يكون أفضل من الأسوأ ولو أنه سيئ فسيكون في نظره إيجابيا، نظراً الى أنه ينظر للموضوع بشكل شامل ويرى أن النتائج التي كانت أفضل من المتوقع دليل على أن الشركة تسير على الطريق الصحيح حتى وإن حققت خسائر، وهذا ما يجب أن ينظر له جميع المستثمرين والمضاربين.صندوق الاستقرار• ما رأيك في الاقتراح المقدم من اتحاد المصارف بشأن تأسيس "صندوق الاستقرار الاقتصادي" بالمشاركة ما بين البنوك المحلية والحكومة؟أرى أن "قانون الاستقرار الاقتصادي" بتوجه محافظ بنك الكويت المركزي هو الأسلم والأصح حتى لو لم تدخل به أي شركة لإعادة جدولة ديونها، وعدم دخول الشركات في القانون هو عيب فيها وليس في القانون نفسه وأنا مسؤول عن هذه الكلمة.لو نرجع الى القانون ونقرأ فصوله وأبوابه فإننا سنجده قانونا تنمويا وتحفيزيا للإنفاق العام داخل السوق ويعالج المشكلة الأساسية وليس الوضع الشكلي فقط، فمن الأفضل: أن أقوم بوصف مسكن للمرض أو أعالجه بشكل كامل، وفريق العمل الذي أعد القانون هدف الى إعادة تأسيس وضع الاقتصاد الكويتي ووضعه على المسار الصحيح، وإذا كانت هناك أموال ستدفع من الدولة لقطاع البورصة يجب أن تدفع كإنفاق عام وليس كمساهمات خاصة.القانون وضع يده على مكامن الألم والمشاكل الأساسية، وسيساهم في حل المشاكل التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني بشكل نهائي، أما اقتراح تأسيس الصندوق فأرى أنه "مسكن" للمشكلة ولن يتصدى لمشاكل أخرى مستقبلاً مثل ما تكررت أزمة المناخ وغيرها.خطة التنمية• ما رأيك في خطة التنمية التي أقرت أخيرا؟الخطة ستضع الحجر الأساس لخطط مستقبلية رائدة وصحيحة وأراها خطوة جبارة ومبشرة للمستقبل، لا يجب أن ننسى أننا لم نضع خططا تنموية بهذا الحجم منذ 25 عاماً تقريباً، ووجود خطة معينة تضع مشاريع واضحة وأرقاما واضحة لحجم الإنفاق وآلية تنفيذ واضحة فإن السوق سيعمل ضمن هذه الدائرة، وهذا هو المطلوب وهو أن يعمل القطاع الخاص ضمن دائرة واضحة ومحددة، وليس كما كان يحدث سابقاً من تشتت وعدم تركيز، ونأمل بأن هذه الخطة تكون بداية لخطط عشرينية وليست خمسية وتساهم في عودة الكويت كدولة تخطيط من جديد.• ما أولويات القوانين الاقتصادية التي يجب إقرارها من مجلس الأمة؟ خصوصاً بعد انتهائه من إقرار قانوني خطة التنمية وهيئة سوق المال؟لدي توجه بأن القطاعات الاقتصادية يجب أن تراقب من قبل هيئات، ويجب أن نخرج قليلاً من عباءة القطاع العام نبدأ بالخصخصة، لكن قبلها يجب أن نضع الهيئة الراقبية الكفؤة القادرة على مراقبة القطاع الخاص ووضع الخطط والقواعد والضوابط التي على أساسها يقوم القطاع الخاص بخدمة القطاع العام، على سبيل المثال هيئة الاتصالات نظراً لأنها الأكثر بروزاً في الوقت الحالي، ووفق الوضع الحالي فإننا نرى وزارة المواصلات هي الخصم والحكم في الوقت ذاته.عند إقرارنا بهذه الهيئات فإنه حتى نوعية الموظف الكويتي داخل القطاع الخاص تتغير، وسلوكه السلبي داخل عباءة القطاع العام ستتغير، وإذا تعدل سلوك الموظف الكويتي فإن السلوك الاستهلاكي العام للمواطنين سيتعدل، وتساهم في شيوع المنفعة العامة على المنفعة الخاصة.الأزمة الحالية تصحيح لوضع مليء بالأخطاءقال الثامر ان كل أزمة مليئة بالفرص والأزمات ليست نهاية الأسواق بل على العكس دائماً ما تكون بداية انتعاش الأسواق، فيجب أن ننظر الى الأزمات بمنظور إيجابي أكثر مما ننظر بمنظور سلبي، ولا نحاول أن نضع أيدينا فوق رؤوسنا ونبدأ بندب حظنا بينما الفرص تتواجد أمامنا.واشار الى ان طبيعة الأسواق منذ الأزل طبيعة متقلبة تتبع أهواء وطبيعة البشر لكن الصفة الوحيدة والمتفق عليها في العالم كله أن الأسواق لا تتراجع بل تتقدم دائماً إذا ما نظرنا الى المؤشرات منذ بداية هذه الأسواق، وهذا يشير الينا بأن الكرة الأرضية ليس من الممكن لها نهائياً أن تزيد بمساحتها لأنها من مخلوقات الله الثابتة، ولكن المؤكد حدوثه هو أن أعداد البشر تزيد في ظل تناقص الموارد الطبيعية للأرض، وهذا ما يعمل على الزيادة المستمرة في الطلب وارتفاع أسعار السلع بشكل مستمر.أعتقد أن الأزمة التي نمر بها حالياً هي مجرد تصحيح لوضع كان مليء بالأخطاء ومليء بالمبالغات في الأسعار والأرباح والنمو الاقتصادي خلال الفترة مابين عامي 2002-2007، ومن الواجب أن ننظر الى الفترة الحالية على أنها فترة تصحيحية وأننا سنرجع مرة أخرى للعمل وتحقيق الأرباح وإعادة النشاط مرة أخرى.قليل مستمر خير من كثير منقطعتحدث الثامر عن سياسة الهيئة العامة للاستثمار الاستثمارية فقال: "انني أحد الذين يطالبون بوجوب ان تكون السياسة الاستثمارية للهيئة في ما يتعلق باحتياطيات الاجيال القادمة أن تكون شديدة التحفظ وعدم دخولها في استثمارات ذات مخاطر عالية بل التركيز على الاستثمارات ذات الضمانات العالية والعوائد المستمرة لاستمرارية تدفق العوائد الإيجابية بشكل مستمر، على عكس ما تعلمنا عليه وهو "قليل مستمر خير من كثير منقطع"، وتجاهلنا أن مصدر الدخل الأساسي للدولة وهو النفط مصدر ناضب وليس مستمرا، وبالتالي إذا ما تم وضع البدائل لهذا المصدر يضمن استمرار قيام الدولة بشكل جيد فإنها ستتعرض لأزمات خانقة جداً.«الفلتان» سبب تردي الاقتصادقال الثامر عن اسباب تردي الأوضاع الاقتصادية في الكويت ان أحد أهم أسباب تردي الأوضاع الاقتصادية بالكويت هو "الفلتان" وعدم الالتزام، وتراجعنا على المستوى الاقتصادي كان سببه أن المبادئ الأساسية للاستثمار تم التنازل عنها وتجاوزها لأجل تحقيق مكاسب مالية عالية محدودة بفترات قصيرة.
اقتصاد
الثامر لـ الجريدة•: «صندوق الاستقرار» مهدئ للمشكلة وعلاجها «قانون الاستقرار»
14-02-2010