ورطة وزير النفط!

نشر في 31-07-2009
آخر تحديث 31-07-2009 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر نصيحة للأخ العزيز أحمد العبدالله أن ينتبه إلى الحفر والمطبات الكثيرة التي يضعها من هم تحته في المسؤولية لتوريطه مع مجلس الأمة، وعليه أن يبدأ بـ"نفش" الجهاز النفطي ومحاسبة مسؤوليه قبل أن يدفع ضريبة مشاكلهم وفضائحهم ويكون طُعماً للمساءلة السياسية.

الشيخ أحمد العبدالله من الوزراء غير المحظوظين في الحكومة، إذ تلاحقه المشاكل من الحجم الثقيل أينما حطت حقيبته الوزارية، وعادة ما يجد الوزير العبدالله نفسه محشوراً بين مصالح خصوم لا هوادة بينهم أو يتسلم تركة ثقيلة تضعه في موقف محرج للغاية.

والقطاع النفطي الذي يتولى مسؤولياته الوزير العبدالله اليوم هو بحد ذاته مشروع أزمة، سواء ما يتعلق بالواقع الإداري والتنظيمي القائم أو في ما يتعلق بالخطط والمشاريع المستقبلية لهذا القطاع.

فالواقع الإداري والتنظيمي للقطاع النفطي قد تحول وعلى مدى سنوات طويلة إلى شبكة عنكبوتية تربطها مصالح حزبية وفئوية، ضربت عرض الحائط بمعايير الكفاءة الفنية والاستحقاق الوظيفي في شغل المناصب الإشرافية والقيادية، وأهدرت الكثير من الطاقات الوطنية التي كانت تنتظر دورها في التدرج الوظيفي والترقيات التي ابتلعتها بلعاً المحسوبيات والواسطات، بل تحولت الكثير من الشركات النفطية التابعة لمؤسسة البترول الكويتية إلى أنظمة هيكيلة متماسكة حسب التدرج من القمة إلى القاع تحكمها ايديولوجيات سياسية وحزبية بعيدة عن المعايير الفنية لقطاع حيوي مثل النفط، ولعب التفكير الاستراتيجي دوراً مهماً في إحكام السيطرة على القرار حتى بعد رحيل القيادات العليا التي ستحل محلها قيادات جديدة من ذات التوجه الفكري، إذ امتلأت بها الوظائف الإشرافية المتوسطة وحتى دون المتوسطة بدءاً من رؤساء الأقسام ورؤساء فرق العمل والنظّار والمديرين وانتهاءً بنواب رؤساء مجالس الإدارات.

أما ما يخص المشاريع والعقود الآنية والمستقبلية في الشركات النفطية فحدِّث ولا حرج، فقد نُشر الغسيل وفاضت روائح الوكالات الحصرية لقطع الغيار وعقود الصيانة لعدد ليس بالقليل من المسؤولين، إما بشكل مباشر من خلال الشركات المملوكة من قبل أقربائهم، وإما بطرق منوّعة تبرم خلالها الصفقات مع شركات محددة وبأسعار خيالية، والويل لمن يجتهد من المهندسين سواء لتوفير تكاليف بعض الأجهزة من خلال إصلاحها أو البحث عن عروض أفضل، فيكون مصير هؤلاء إما التجميد وإما وقف الترقية وإما الحرمان من المناصب الأعلى.

والطامة الكبرى فوق كل هذه البلاوي هي العقود المليونية التي كشفت خلال الأيام الماضية والتي تتجاوز قيمتها الخمسة ملايين دينار، إذ تم "تزريقها" من القنوات الرقابية والمحاسبية تحت بدعة الاستثناء من قانون المناقصات المركزية، وحتى إذا أخذنا بعين الاعتبار فلسفة الاستثناء من الرقابة المسبقة لبعض المشاريع النفطية لخصوصية هذا المرفق، وعدم تحمل التأخير بسبب حيوية الثروة النفطية وتقلبات الأسعار في السوق العالمي، إلا أن هذا الاستثناء قد تحوّل إلى قاعدة ثابتة يحاول المسؤولون في الشركات النفطية استغلالها وبشكل يثير علامات التعجب والاستفهام، وإلا فأين هي الضرورة الملحة لعقد استشارات ودراسات جدوى لمشاريع مستقبلية تزيد مدتها على عشر سنوات حتى يتم استثناؤها من الرقابة والشفافية والتنافس؟ وأين الاستعجال في تطوير بعض المرافق والمباني والأرصفة بعقود تفوق الأربعين مليون دينار ولا علاقة مباشرة لذلك في إنتاج وتصدير النفط؟ لقد سبق أن تقدمنا مع مجموعة من النواب في الفصل التشريعي السابق، وأيضاً في المجلس الحالي، بطلب تعديل على قانون المناقصات ليشمل القطاع النفطي بسبب هذه التصرفات التي يحاول بعض المسؤولين وضع وزرائهم في وجه المدفع ويسلمون من المحاسبة والمساءلة كما حدث مع مشروعي "المصفاة الرابعة" والـ"داوكيميكال".

ونصيحة للأخ العزيز أحمد العبدالله أن ينتبه إلى الحفر والمطبات الكثيرة التي يضعها من هم تحته في المسؤولية لتوريطه مع مجلس الأمة، وعليه أن يبدأ بـ"نفش" الجهاز النفطي ومحاسبة مسؤوليه قبل أن يدفع ضريبة مشاكلهم وفضائحهم ويكون طُعماً للمساءلة السياسية وغيره يسرح ويمرح في تحويل ثروة الوطنية إلى سبيل... لا يعلم إلا الله مَن هم المستفيدون منه في تحقيق ثروات خاصة على حساب الأموال العامة!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top