خصخصة أم إصلاح سياسي؟
للخروج من الورطة فإنه لابد من القيام بعملية إصلاح سياسي شامل، إذ إن الإصلاح السياسي، كما سبق أن أوضحنا، يعتبر حجر الزاوية في أي إصلاح آخر سواء كان اقتصاديا أو إداريا أو اجتماعيا، وهو، في ظننا، إصلاح سياسي مستحق في هذه المرحلة الصعبة من مراحل تطور مجتمعنا.
الجميع تقريبا بما في ذلك السيد توني بلير متفقون، وإن تباينت الأسباب وطرق الحل، على أن الوضع العام السياسي والاقتصادي سيئ، وأنه لا يمكن للدولة أن تستمر على النمط ذاته أو النهج نفسه حتى لسنوات قليلة قادمة بأي حال من الأحوال، فالأزمة بين الحكومة والمجلس، على المستوى السياسي، لاتزال مستمرة ومن المحتمل أن تتفجر بقوة في أي وقت، وعندئذ لن تنفع عمليات الترقيع التي يقوم بها «عقلاء» المجلس. وعلى الصعيد الاقتصادي فإنه لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، إذ إن أسعاره متذبذبة وإنتاجه معرض للنضوب من جهة، وهناك محاولات دؤوبة وجادة تقوم بها الدول الصناعية الكبرى لإيجاد مصادر بديلة للطاقة من الجهة الأخرى، وعليه فإننا إذا ما استمررنا في اتباع النهج الحالي ذاته، لا سيما في ما يتعلق بسياسة التصرف غير الرشيد في المال العام الذي يتم في ظل استمرار الفساد واستشرائه فإنه من المرجح جدا، خصوصا إذا انخفض سعر برميل النفط، ألا تتمكن الدولة حتى من دفع رواتب موظفيها خلال السنوات القليلة القادمة، دع عنك القدرة على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية من دون مقابل مادي أو إمكانية خلق 460 ألف فرصة وظيفية جديدة ينتظرها من يتلقون تعليمهم الآن في مراحل التعليم العالي والعام.لذلك فإنه من الأهمية بمكان التأكيد على أن رفض مشروع قانون الخصخصة الحالي المخالف للدستور، كما أوضح أساتذة القانون في بيانهم الصحفي الأخير، والذي يدعو إلى تصفية النشاط الاقتصادي للدولة وتحويل ملكية المرافق العامة إلى القطاع الخاص على اعتبار أن ذلك، كما يدعي مؤيدو القانون، هو الذي سيقضي على مشاكلنا التنموية كافة، ويحولنا إلى دولة إنتاجية، لا يجب أن يفسر، أي رفض قانون الخصخصة، بأي حال من الأحوال على أنه شكل من أشكال الموافقة أو الرضا على النهج الاقتصادي الحالي الذي تسير عليه الدولة، أو تشجع على استمراره، إذ إن النهج المتبع حاليا هو نهج اقتصادي خاطئ وقصير النظر لا يمكن أن يؤدي إلى تنمية حقيقية شاملة، بل على العكس من ذلك فإن الخوف، كل الخوف، أن يقودنا هذا النهج الاقتصادي الخاطئ إلى نهاية مأساوية مشابهة لما يحدث في اليونان حاليا. وفي هذا الصدد، وللخروج من الورطة فإنه لابد من القيام بعملية إصلاح سياسي شامل، إذ إن الإصلاح السياسي، كما سبق أن أوضحنا، يعتبر حجر الزاوية في أي إصلاح آخر سواء كان اقتصاديا أو إداريا أو اجتماعيا، وهو، في ظننا، إصلاح سياسي مستحق في هذه المرحلة الصعبة من مراحل تطور مجتمعنا. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة__________________