لعناية الأشقاء المقتدرين!

نشر في 18-06-2010
آخر تحديث 18-06-2010 | 00:00
 صالح القلاب اضطر الأردن تحت ضغط ارتدادات زلزال الأزمة الاقتصادية الدولية إلى رفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية، من بينها المحروقات من فئات محددة، ورغم أن آخر تقرير للبنك الدولي قد تحدث عن "انتعاش ملحوظ" للاقتصاد الأردني فإن مسألة رفع الأسعار ستبقى مطروحة في ضوء مستجدات الأشهر المتبقية من عام 2010 والعام المقبل 2011.

ولعل ما يجب قوله للأشقاء المقتدرين، والمقصود هنا الدول وليْس الأشخاص، هو أنهم يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار أن هذه المنطقة تشكل أمنيّاً ساحة واحدة، وأن بيئة الإرهاب هي الفقر، والدليل على هذا هو كل ما يجري في الصومال، والذي يجري في العراق وأفغانستان، فالعوز يشكِّل المناخ المثالي لتسرُّب الأموال المسيّسة، ولشراء ذوي الضمائر الميتة، ولاهتزاز الأمن، ولتراخي قبضة الدولة، وبالتالي تدني قدرتها على إغلاق منافذها الحدودية مع الدول المجاورة دخولاً وخروجاً.

والكل يعرف أن الظاهرة "الحوثية" في اليمن، ومثلها ظاهرة "القاعدة"، ما كان لها أن تتنامى إلى الحدود المرعبة التي وصلت إليها لولا أن هذه الدولة العربية ذات هذا الموقع الهام، المفتوح من جهة على بحورٍ غدت تشكل خطوط نقل واتصال للتنظيمات الإرهابية والدول التي تساندها وتقف وراءها، والمفتوح من جهة أخرى على كل الدول الخليجية، قد تُركت فريسة لأزمة اقتصادية طاحنة قبل أن يقع كل هذا الذي وقع في "صعدة" وجوارها، وقبل أن تتداعى الدول التي تداعت لعقد المؤتمر الاقتصادي الأخير.

لم يكن ممكناً أن تتحول الظاهرة "الحوثية" إلى جرح راعف في اليمن لو أن المتانة الاقتصادية حالت دون تسرب "الأموال الإرهابية" إلى هذه المجموعة، التي رغم الهدنة الحالية ورغم توقف القتال لاتزال تشكل جسراً متقدماً للتطلعات الإيرانية في هذه المنطقة، ولم يكن ممكناً أن تتجذر "القاعدة" على هذا النحو لو أن الأزمة الاقتصادية جرت معالجتها قبل أن تصبح ضرساً معطوباً في فك ملتهب، وهذا درس يجب أن تستفيد منه الدول العربية "المقتدرة"، ولكي تحصن نفسها ضد الإرهاب الوافد من الخارج فإن عليها أن تسارع إلى مد يد المساندة والدعم للأشقاء الأقربين الذين هم في أمسِّ الحاجة إلى المساندة والدعم.

على "الأشقاء المقتدرين" أن يقتدوا بما فعلته وتفعله أوروبا لمنع اليونان من الانهيار، فالاتحاد الأوروبي عندما اندفع إلى البذل بسخاء لليونانيين فإنه في حقيقة الأمر فعل كل هذا إدراكاً منه أنه إذا ترك هذا البلد فريسة لأزمته الاقتصادية الطاحنة فإن العدوى ستنتقل بسرعة انتقال وباء "الكوليرا" إلى دول أوروبية أخرى، وهذا بالتأكيد ينطبق على دول هذه المنطقة التي إن هي بقيت تواجه غول الأزمة الاقتصادية وحدها فإنها ستكون مُصدِّراً، لا سمح الله، لأوجاع كثيرة لهؤلاء الأشقاء.

back to top