في بيانها الصادر قبل ثلاثة أيام أطلقت منظمة العفو الدولية صفة "سجين ضمير" على الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم، وهي صفة تستخدمها المنظمة لوصف أي إنسان يتم حبسه أو احتجازه بسبب تعبيره عن رأيه بصورة سلمية، وهي صفة مستحقة. كان لافتاً أيضاً أن المنظمة اتفقت مع منظمة مراقبة حقوق الإنسان دون ترتيب مسبق على مطالبة الكويت بأن تكون بمستوى وصفها لنفسها بأنها رائدة في حقوق الإنسان، وبأن يكون ذلك على مستوى الأفعال لا الشعارات.

Ad

التعامل مع حرية التعبير السلمية بأسلوب متعسف يمثل تحولاً وانحداراً في الحالة الحقوقية في البلاد، وعلينا جميعاً أن ننتبه لهذا التراجع وأن لا نسمح به تحت أي مبرر. أما إن استمرت هذه الممارسات فنحن في طريقنا إلى دولة لا يحكمها دستور ولا مبادئ حقوقية تصون حرية التعبير السلمية.

هل السؤال هنا مكرر؟ لا بأس. لماذا لا يتم التحقيق مع صاحب الرأي، سواء اتفقنا أو اختلفنا معه دون وضع قيد على حريته؟ ولماذا تتم إحالة قضايا الرأي ويتم تكييفها على أنها جرائم أمن دولة؟ ولماذا يحرم من رؤية أهله وذويه؟

 

* محمد الرشيد

رحمك الله يا محمد الرشيد، رثيتك قبل رحيلك ربما. ففي سبتمبر 2009 كتبت "لمحمد الرشيد منزلة كبيرة في نفسي وبيني وبينه مواقف عديدة أظهرت معدنه الوطني المستقل ودقته في نقل الأحداث".

محمد الرشيد هو من صنف السياسيين الذين لا يتكررون، سياسي عفوي، وطني، مثابر، مبادر، يجهد نفسه وراء المعلومة ودقتها. ارتبطت به في محطات عديدة فكان مثالاً للأب الناصح والمعين الذي لا ينضب. محطات لا تنسى في انتخابات 1981 وبعد أزمة المناخ عندما دعت الحكومة في صيف 1982 إلى جلسة طارئة وجاءت بالنواب من إجازاتهم لتمرير قانون رقم 100 الفاسد قال إن سبب المشكلة أنه لا يجوز للحاكم أن يشتغل بالتجارة، وفي حقبة ديوانيات الاثنين التي امتدت من ديسمبر 1989 وحتى قبل الغزو بقليل ولقاء لا ينسى في معتقل الأسرى الكويتيين في "بعقوبة" بالعراق، ربما يأتي الوقت للحديث عنها بالتفصيل، أما الآن فمن حقك علينا أن نذكرك بالخير فقد كفيت ووفيت فارقد بسلام وليرحمك الله رحمة واسعة، وخالص العزاء للأخوة والأصدقاء والأهل وليلهمهم الله الصبر والسلوان.