مزايدات في مزايدات
لعل بعض ردود الفعل النيابية على موضوعي إنفلونزا الخنازير ومحطة مشرف للصرف الصحي تدعوني إلى العودة إلى فحوى مقال «كيفما تكونوا يولّ عليكم» الذي طرحته قبل أسبوعين لأن تلك الردود تعد نموذجا لنواب الاستعراض والتكسب السياسي، فأقصى ما يملك هؤلاء البعض هو إطلاق التصريحات المعلبة والمهددة باستعمال «الأدوات الدستورية» التي باتت عبارة الموسم ولزوم الاستعراض الناجح.
خذ مثلا كارثة حريق الجهراء، حيث خرج علينا النائب علي الدقباسي (الذي أعتبره أفضل نائب يصفصف كلام فاضي) ليصب جام غضبه على كل شيء، فلا رجال الإطفاء ولا الشرطة ولا الأطباء «عاجبينه» بالرغم من كل الجهود التي بذلوها لإنقاذ ما يمكنهم من كارثة استغرقت أقل من خمس دقائق لتحرق كل شيء. لكن فات على النائب أن ينتقد ولو بشكل عابر ثقافة الفوضى المتمثلة بنصب الخيام وإيقاف السيارات في كل مكان دون التفكير في عواقب ذلك.نأتي بعد ذلك إلى النائب مبارك الوعلان الذي هدد باستجواب وزير الصحة نتيجة لحدوث بعض الوفيات بسبب إنفلونزا الخنازير. فالنائب الوعلان يتحدث وكأننا نعيش في المريخ لأن الوفيات بسبب هذا المرض تحدث يومياً في العالم كله بما فيها الدول المتقدمة. شخصياً لا ألوم الوعلان على هذه الاندفاعة واستخدام أسلوب التهديد والوعيد والمزايدات في كل قضية لأنه وببساطة دخل إلى المجلس في الوقت الضائع وفي سن متأخرة نسبيا، ولذلك يريد أن يحصد ولو جزءا من الرصيد الذي كوَّنه النائب مسلم البراك لنفسه وذلك واضح من سيرته وتحركاته.فهو يجلس بجانب النائب البراك في المجلس، وبعد إعلان نتيجة طرح الثقة بوزير الداخلية قام البراك ليخاطب الجمهور فوقف بجانبه الوعلان، وما إن انتهى الأول من كلمته حتى بدأ الأخير كلمة أخرى حتى يحصل على جولة تصفيق أخرى من الجمهور. ويشارك الوعلان في هذه السيرة النائب خالد طاحوس «و لو بدرجة أقل» مع أن الأخير متخصص في تقليد النائب البراك سواء في استخدام المصطلحات أو حركات اليد، فبات الاثنان مثل الطلبة الجدد الذين يحاولون أن يلتصقوا بـ»أبضاي» المدرسة- الذي يهابه أغلب الطلبة- حتى يشعروا بأنهم «cool».وأخيرا نأتي إلى مشكلة محطة مشرف، التي يجد فيها بعض النواب فرصة للنيل من وزير الأشغال لأنه يطبق القانون، مع أنه من الأولى محاسبة مسؤولي الوزارة الذين أشرفوا على بناء المحطة قبل توزير الوزير الحالي، والذين أتى معظمهم (إن لم يكن كلهم) عن طريق الواسطة والقفز على الكفاءات. لست هنا بمدافع عن الحكومة لأنها ليست مثالية وتعاني ترهلاً وضعفاً وتجني ثمار عقود من الواسطة والمحسوبية، لكن في الوقت نفسه فإن لدينا بعض النواب من هم أشد سوءاً من الحكومة لأنهم وببساطة يلعنون الظلام دائما دون أن يكلفوا أنفسهم ولو لمرة واحدة بإضاءة شمعة.***رحم الله العلامة السيد عبدالعزيز الحكيم وأسكنه فسيح جناته... فقد كان بحق صديقاً للكويت وصوتاً للعقل والحكمة في تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، كما نستذكر أيضاً أخاه الشهيد السيد محمد باقر الحكيم الذي كان دائماً ما يزور الكويت في رمضان إلى أن توفاه الباري عز وجل على أيدي الإرهابيين. ونتمنى من السيد عمار الحكيم أن يستمر في نهج والده وعمه في تدعيم العلاقات بين الشعبين الشقيقين.