مرة بعد مرة يثبت لنا أن كثيراً من رجال الداخلية بحاجة إلى أخذ دورات تدريبية في طرق التعامل مع المواطنين والمقيمين ممن يشتبه فيهم، وحق هؤلاء بمعرفة سبب إيقافهم والتهم المشتبه في ارتكابهم لها، وأن يتم ذلك بطريقة راقية ومهذبة، فما حدث قبل أيام للفتاة التي أوقفها عسكري في الداخلية فجأة وهي تقود سيارتها، ثم أحالها إلى التحقيقات بوجه صامت دون أن يخبرها بتهمتها، وتكرر الأمر مع والديها في المخفر مما أدى إلى تفاقم المشكلة حين لقيت والدة الفتاة مصرعها متأثرة بصدمة الموقف، هو أمر يستدعي الوقوف عنده طويلاً، ومراجعة الأسس التي يتم بناءً عليها إسناد دوريات الشرطة لبعض الأفراد غير المؤهلين للتعامل مع الناس، ولا يتمتعون بأدنى درجات المهنية والخبرة الميدانية... وليس لديهم ذرّة من المعرفة بحقوق المتهم التي كفلها له القانون!

Ad

والحكاية بدأت حين غادرت الفتاة جامعتها التي تدرس فيها، لتفاجأ بعسكري في "الداخلية" بعد لحظات يوقف مركبتها، ويقوم بسحب رخصة قيادتها ودفتر المركبة بلا مناسبة، ويأمرها بأن تتبعه إلى مخفر الرميثية، وحين سألته عن التهمة الموجهة إليها أو المخالفة التي ارتكبتها لم يرد على سؤالها، وفي الطريق اتصلت على والديها اللذين توجها سريعاً إليها، وحين وصلا إلى هناك قاما بالاستفسار عن التهمة المنسوبة لابنتهما فلم يجبهما أحد من المخفر بما يفيد، وأصابتهما الصاعقة حين قيل لهما إن البنت ستحال إلى الإدارة العامة للتحقيقات "ما القضية؟... ما المشكلة بالضبط؟"... لا أحد يجيب، أو لا أحد يعرف!

وسط هذا الجو الغامض والمريب... ما كان من والدة الفتاة الكويتية التي هي من أصل بريطاني والمصدومة من الإجراءات التي اتخذت دون سبب مقنع، واللامبالاة التي تم التعامل بها معهما، إلا أن أخذت زوجها متجهة الى أحد المحامين كي يجد لهما مخرجاً، غير أنها للأسف لم تستطع ذلك، حيث وافتها المنية وهي في الطريق من شدة الاضطراب والقلق! وحينها، وقع زوجها المسكين في موقف لا يحسد عليه، بين زوجة متوفاة وابنة محتجزة في الإدارة العامة للتحقيقات، والعجيب والغريب، أنه بعد ساعات قليلة تم إخلاء سبيل الفتاة، حيث تبين عدم وجود أي تهم بحقها!

وهكذا... ماتت الأم لأن أحداً لم يعلِّم هذا العسكري حدود صلاحياته، وأنه قبل أن يجرّ المشتبه فيه إلى المخفر عليه أن يبلغه أولاً بالتهمة الموجهة إليه ليكون على بيِّنة من الأمر، وأن يبيِّن له حقوقه التي كفلها له القانون كما يفعل رجال الشرطة في الدول المتحضرة، فما هو سوى مشتبه بريء لم تثبت إدانته حتى الآن، لكن، ماذا نقول وإلى من نشتكي؟!

وهل اعتداء المواطنين على رجال الشرطة في الآونة الأخيرة قد أتى من فراغ أيها السادة؟! إنه في الغالب من الأسلوب الخطابي "الرائع" الذي يتمتع به بعضهم... حسبنا الله ونعم الوكيل!

***

"مكتباتنا العامة"... هذه الصروح الثقافية التي تحولت إلى "خرائب" تعسة لا تليق بدولة كانت مناراً للثقافة في زمن ولى وراح، أما آن لأحد من المسؤولين أن ينظر إليها نظرة عطف وحنان، ثم يطبطب على رأسها قائلاً لها إن كل شيء سيكون على ما يرام قريباً، فمبانيها الهرمة التي تشبه ملاحق العزاب في جليب الشيوخ، والمليئة بكتب تعود معظم طبعاتها إلى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي لا تجد من يرغب في قضاء ساعات فيها، لأن الأجواء خارجها وداخلها لا تشجع أبداً على القراءة، وصار من الضروري إزالتها "من عرجها" تماماً، وإعادة بنائها بطريقة حديثة جاذبة، وأن تزود بأحدث الإصدارات العربية والأجنبية، وبخدمة الإنترنت، و"كافيه" نظيف وراق، وقاعة جميلة للنقاش، وأخرى للمطالعة، وكذلك بحديقة خارجية صغيرة مزودة ببعض الكراسي لتفتح نفس الزائر قبل الدخول إليها... بدلاً من مبانيها الحالية الداعية إلى الاكتئاب وسد النفس، والتي تعكس صورة سيئة وقاتمة لاهتمام الدولة بالثقافة والفنون والآداب!

***

نداء إلى "الأشغال":

الجسر القريب من مجمع "360" بحاجة إلى وضع سور حديدي عند بداية الجسر ونهايته من الجانبين وذلك لحماية السيارات من خطر السقوط من أعلى الجسر، فالرصيف منخفض ولا يتجاوز ارتفاعه سنتيمترات عدة، وأي انحراف بسيط من أي سيارة سيؤدي إلى حدوث كارثة على مرتادي الطريق أسفل الجسر، أرجو الاهتمام بالأمر سريعاً... وقبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه!