الازدواجية وقصر النظر
فجأة، ومن دون سابق إنذار، وبعد مضي سنوات طويلة جدا على تطبيق قانون الجنسية اكتشفت الحكومة أن هناك مزدوجي جنسية في الكويت مخالفين للقانون الذي لا يجيز حمل جنسية دولة أخرى، رغم أن وزير الداخلية قد سبق أن أعلن قبل مدة قصيرة في رده على سؤال للنائب الفاضل علي الراشد أنه لا تتوافر لديهم كوزارة معلومات عن ازدواجية الجنسية!! فما الذي استجد إذن لكي تكتشف الحكومة فجأة أن هنالك مشكلة «عامة» تتعلق بازدواجية الجنسية؟ هل هو تكتيك سياسي مؤقت تريد الحكومة أن تستخدمه لمواجهة الاستجواب الحالي الموجه إلى وزير الإعلام؟ وإن كان الجواب بالإيجاب، فهل يا ترى من المصلحة الوطنية استخدام هذا الموضوع الحساس جدا الذي يتعلق بالولاء والانتماء الوطني في التكتيكات السياسية المصلحية الآنية؟ وما الفرق إذن بين ما تقوم به الحكومة وهرطقات صاحب قناة «السور» ومن يؤيده؟ أم أن طبيعة التحالفات السياسية الجديدة التي بدأت تتشكل إثر قضية «التأبين» وما ترتب عليها من تداعيات تتطلب إبقاء هذا الموضوع ساخنا على الدوام من أجل استخدامه لتحقيق منافع سياسية مؤقتة يستفيد منها طرفا التحالف السياسي الجديد بغض النظر عن مدى تأثير ذلك سلباً في أمن الوطن واستقراره على المدى الطويل، خصوصا أن أصابع الاتهام في موضوع ازدواجية الجنسية دائما ما تشير إلى حصول بعض أبناء القبائل المنحدرة أصولهم من الجزيرة العربية على الجنسية السعودية، مع العلم أن قضية ازدواجية الجنسية هي قضية شائكة ومعقدة لا تقتصر على حمل جنسيات دول مجلس التعاون، وبالذات الشقيقة السعودية فقط، بل تتعداها لكي تشمل إيران والعراق وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول؟ثم وبافتراض أن هناك مشكلة حقيقية في الكويت تتعلق بازدواجية الجنسية اكتشفتها الحكومة فجأة، وتريد وضع علاج مناسب لها، فهل من المصلحة الوطنية أو من الحكمة السياسية أن يتم الإعلان عن سياسة الحكومة، إن كان هناك فعلا سياسة حكومية لمعالجتها، بهذه الطريقة «الهوليوودية» التي حولتها إلى وسيلة سهلة في أيدي طلاب الشهرة والأمجاد الشخصية والمصالح الانتخابية الضيقة، وأداة رخيصة في أيدي العنصريين وأصحاب المصالح السياسية الضيقة؟ أليس من الأجدى والأنفع والأصلح وطنيا وسياسيا واجتماعيا إن كانت هنالك فعلا مشكلة «ازدواجية» حقيقية أن يتم حلها بهدوء وبطريقة علمية بعيدا عن البهرجة الإعلامية والمزايدات الفارغة والرخيصة للبعض، والتي قد تؤدي إلى جرح المشاعر الوطنية لمكون أساسي وأصيل من مكونات المجتمع على أن يتضمن الحل مجموعة بدائل مناسبة تأخذ في الاعتبار حجم هذه المشكلة، والظروف الموضوعية لنشوئها، والتداعيات السياسية والاجتماعية المترتبة عليها، بالإضافة إلى مسؤولية الحكومة عن وجودها في الأساس ناهيكم عن تفاقمها؟
أخيرا فإنه غني عن البيان أنه من المفترض أن تبتعد الحكومة عن المزاجية في تطبيق القوانين، وألا تتسم أعمالها بالموسمية والانتقائية وازدواجية المعايير، وألا تكون نظرتها قاصرة أو يكون موقفها منحازا لفئة ضد أخرى عند وضعها للسياسات العامة إذا كانت فعلا تريد أن تحصل على ثقة الناس وتأييدهم وتحافظ على استقرار البلد وتطوره.نافذة: بعد مطالبة وزارة الإعلام جامعة الكويت بضرورة الحصول على موافقتها قبل تنظيم معرض للكتاب في المستقبل (الجريدة 14 مارس 2010) مخالفة بذلك المادة 36 من الدستور، وحيث إن طبيعة عملنا في الجامعة (التدريس والبحث العلمي) تعتمد على الكتب، فلماذا لا نبعث بمقرراتنا الدراسية وكتبنا وبحوثنا العلمية إلى وزارة الإعلام لكي تجيزها؟ كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة