جميلة هي الحياة حين تنبعث ومضة أمل في خضم اليأس... حين تضيء شعلة التنوير ظلام التخلف والعوز والحاجة... حين يتحقق حلم رجل بتغيير واقع الكثير من العائلات الفقيرة والمهمشة والمعدمة... ليصبح الحلم حقيقة للفئة الأقل حظاً في هذا العالم: النساء في الدول الآسيوية الفقيرة... وليفتح البنغلادشي المستنير كمال أحمد، مؤسس الجامعة التي تقدم التعليم المجاني للنساء في الدول النامية في آسيا، الأبواب التي كانت موصدة، والفرص التي كانت منعدمة، والآمال التي كانت متلاشية، والأحلام التي كانت مجرد خيال... هكذا حكت الطالبات بوجع قصص معاناتهن وكيف انتشلن من واقعهن القاسي في حفل التعريف بالجامعة الآسيوية للبنات في بنغلادش (AUW)، الذي أقامته الإنسانة الخيرة لولوة الملا، عضو المجلس الاستشاري الدولي في الجامعة، والذي تحدث فيه كل من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وزوجته شيري بلير، الناشطة في حقوق المرأة، وكمال أحمد الذي أسس الجامعة على مبدأ "علم امرأة تعلم وطناً"، والذي استطاع في مدة قصيرة أن يوفر دعماً مادياً وثقافياً وإدارياً لمشروعه الإنساني النبيل من مختلف مؤسسات المجتمع المدني وجامعات العالم المرموقة مثل ستانفورد في كاليفورنيا، وامبريال كولدج في لندن، والبرغ في كوبنهاغن، كما شارك في نجاح هذا المشروع العديد من الأفراد من مختلف بلدان العالم، مثل الدكتور البنغلادشي محمد يونس مؤسس بنك الفقراء والحائز على جائزة نوبل للسلام.

Ad

تختلف تلك الجامعة عن بقية المؤسسات التعليمية، لأنها الأولى من نوعها في منطقة تشكل فيها النساء الأكثر أمية في العالم، كالنساء في أفغانستان وبنغلادش وكمبوديا ونيبال وباكستان وفلسطين وسريلانكا، إذ تعتمد على فلسفة التعليم الليبرالي الحر الذي يعزز قيم التسامح والمسؤولية الأخلاقية والتفكير المنطقي والحوار العقلاني، لاسيما بانضمام مختلف الجنسيات والأعراق والمذاهب، كما أنه يمكن النساء المهمشات من مهارات القيادة والتواصل والبحث العلمي والتفكير النقدي، من خلال العلوم الإنسانية التي تسلحهن بالأدوات اللازمة لمعالجة مشكلات التنمية وتحقيق المساواة بين الجنسين والعمل على النهوض بمجتمعاتهن.

أدرك هؤلاء المؤسسون والمشاركون والداعمون أن التعليم الليبرالي الحر يخلق مجتمع المعرفة المناقض لمنظومات "الجهل المؤسس" (حسب تعبير المفكر الكبير أركون) الذي استفحل في مجتمعاتنا، ذلك الجهل الذي أسسته الأنظمة التربوية والمجتمعية التي يتشرب منها صغارنا ثقافة التعصب والعنف والكراهية والانغلاق والتفكير الخرافي والانتماء إلى الهويات الضيقة في مؤسسات تعلم الجهل، وتعيد إنتاجه لتخرج أجيالاً تقدس الجهل وتعبده، وهو جهل يشل تفكيرنا ويقوض حراكنا ويعدم ضمائرنا ويفسد أخلاقنا ويهدر طاقاتنا، ويحولها إلى عامل هدم لا بناء، ويجعلنا عاجزين حتى عن طرح تساؤلات الطفولة، والسبب هو الابتعاد عن أنسنة التعليم وغياب الانثروبولوجيا (علم الإنسان) الذي يسلط الضوء على التراث الفكري والثقافي الذي يبرمج السلوك الإنساني في المجتمعات المختلفة.

"إن التصدي لمشكلات التخلف يبدأ بنشر التعليم بجودة عالية في مجتمعاتنا"... صدقتِ يا لولوة الملا... كم نحتاج إلى جهودك الإنسانية.

• لمزيد من المعلومات عن الجامعة الآسيوية للبنات أو طرق التبرع لها، يرجى التكرم بزيارة موقعها الإلكتروني

 www.asian-university.org