النفط والغاز في القطب الشمالي من أكثر قضايا إمدادات طاقة المستقبل غموضاً

نشر في 13-07-2010 | 00:01
آخر تحديث 13-07-2010 | 00:01
مواردها ذات أهمية متزايدة لأن الاحتياطيات الأكثر سهولة في مناطق أخرى نضبت
أصبحت احتياطيات القطب الشمالي ذات أهمية متزايدة نظراً لأن الاحتياطيات الأكثر سهولة في مناطق أخرى نضبت، أو غدت صعبة البلوغ بسبب عوامل سياسية. وقد بدأ سباق بين دول القطب الشمالي, بما فيها الولايات المتحدة وروسيا وكندا, من أجل السيطرة على تلك الموارد.

تمثل كميات النفط والغاز المتوقع اكتشافها في القطب الشمالي واحدة من أكثر قضايا إمدادات طاقة المستقبل غموضاً: وتقدر الدراسات الجيولوجية الأميركية وجود ما يصل الى خمس احتياطيات العالم الكامنة من الهيدروكربون في ذلك الجزء من الكرة الأرضية.

وقال تقرير صدر عن "OE" أخيراً أن هذه المنطقة التي تتمتع بحساسية بيئية تشكل مجموعة من التحديات الصعبة. وقد أصبحت احتياطيات القطب الشمالي ذات أهمية متزايدة نظراً لأن الاحتياطيات الأكثر سهولة في مناطق اخرى نضبت أو غدت صعبة البلوغ بسبب عوامل سياسية. وقد بدأ سباق بين دول القطب الشمالي, بما فيها الولايات المتحدة وروسيا وكندا, من أجل السيطرة على تلك الموارد. وعلى أي حال فإن التنقيب عن تلك الاحتياطات القطبية وتطويرها سيعتمد على تلبية التحديات التقنية الصعبة في البيئة القطبية.

وعلى سبيل المثال فإن مجموعة الصعوبات تشتمل على مد خطوط للأنابيب المارة عبر الأراضي القطبية والتغلب على العقبات المتمثلة في التصميم والبناء والتشغيل الناجمة عن الجليد وبرودة الطقس والظلام والعمل في مناطق نائية. ثم ان حفر الجليد يعتبر ظاهرة شائعة في المياه الضحلة على طول ساحل المحيط القطبي وهو يبدأ عندما تقوم الرياح وقوى التيارات بتجميع بحر الجليد ضمن كتل ضخمة تمتد تحت سطح الماء وتتحرك مع ألواح الجليد. ولذلك فإن خطوط الأنابيب قبالة الشاطئ يجب أن تدفن على أعماق كافية لتجنب الاحتكاك المباشر مع التشوهات الحاصلة في التربة. وفي أغلب الأحيان تجعل هذه العملية المشروع غير مجد من الوجهة الاقتصادية.

الأنابيب وتراكم الجليد

إن الطبقة المتجلدة باستمرار لسنتين متواصلتين تمثل صورة شائعة اخرى في مناطق المياه الضحلة القطبية القريبة من الشاطئ ومن المحتمل أن تعاني خطوط الأنابيب الضعيفة التصميم من تراكم الجليد. وبالمثل فإن الطبقة المتجلدة الضخمة التي تتراجع نتيجة احتكاك خطوط الأنابيب قد تفضي الى متاعب بيئية كبيرة وتصبح في حاجة الى مئات السنين كي تتعافى. ومن أجل تجاوز هذه الظاهرة يتعين ابقاء التربة متجمدة اذا كانت كذلك, مع المحافظة على ذوبانها اذا كانت في تلك الحالة. ويمكن استخدام طرق مختلفة لتحقيق تلك الغاية, مثل رفع خط الأنابيب فوق سطح الأرض ووضع عوازل حرارية ضخمة لمنع الطبقة المتجلدة من الذوبان. وعلى أي حال فإن هذه الطرق يمكن أن تكلف حوالي ثلاثة أضعاف تكلفة خط الأنابيب ذاته.

وبالنسبة الى مشاكل حفر الجليد والطبقة المتجلدة معاً يعتبر التقييم الحذر والدقيق للحالة مسألة حيوية من أجل ايجاد حل اقتصادي عملي مقبول. وقد تم اجراء العديد من أنشطة البحث وتنفيذ الكثير من المشاريع منذ منتصف القرن العشرين في أميركا الشمالية وروسيا وفرت تجربة عالية القيمة ودروساً يستفاد منها في هذا الشأن. ولاتزال الخبرة محدودة جداً مقارنة بالطبيعة المعقدة للمشاكل وبالتنوع الهائل في البيئة القطبية الشمالية. وبالنظر الى التكلفة المالية والزمنية العالية  فإن الاختبارات الميدانية التامة للمشاريع الفردية ليست ممكنة التطبيق عادة. ويتمثل البديل لذلك في استخدام مماثل رقمي بصورة متزايدة في التصاميم الهندسية العصرية نظراً الى دقتها وسرعتها وانخفاض تكلفتها ومرونتها الكبيرة, وقد أصبحت أداة لاغنى عنها في الممارسة الهندسية المتعلقة بهذه الأنشطة.

وتنطوي عملية حفر الجليد على تداخل معقد بين الجليد والتربة ويمكن أن تصبح أكثر تعقيداً نتيجة وجود خط أنابيب مطمور. ويعتبر التنبؤ الدقيق بالجهد والمتعلق بخط الأنابيب المدفون عندما تتم ازاحته بواسطة التربة المحيطة مسألة أساسية بالنسبة الى سلامة تصميم خط الأنابيب في المناطق المعرضة لحفر الجليد. ويتمثل التحدي الرئيسي ازاء تصميم تفاعلات خط الجليد-التربة في حادث حفر للجليد في التشوه الضخم في التربة الذي يتعين تحليله, ويتم عادة تطبيق الطريقة المعروفة باسم نظام العد العشري من أجل معالجة هذه المشكلة.

طمر خطوط أنابيب

من جهة اخرى، تعتبر عملية تحديد وتنظيم مواد الذوبان المشكلة المباشرة بقدر أكبر والمتعلقة بطمر خطوط أنابيب دافئة في طبقة متجلدة. ويحدث هذا أيضاً في المياه الضحلة ومعابر الشاطئ, ومع انطلاق الحرارة من خط الأنابيب فإن الطبقة المتجلدة المحيطة قد تذوب تدريجياً بمرور سنوات التشغيل لتشكل كتلة ذوبان طبقة متجلدة تعمل على خفض طاقة حمل التربة. وقد يفقد خط الأنابيب الدعم المطلوب بينما يستمر في الوقت ذاته في حمل الثقل الزائد للتربة. ويفضي ذلك الى جعل خط الأنابيب ينحرف نحو الفراغ الناجم عن الترسبات والحاق الضرر بالخط, وقد يتوقف ذلك على كمية الحرارة المنبعثة من خط الأنابيب وعلى نوع التربة وتوزع الجليد في الطبقة المتجلدة.

وبغية مماثلة هذه الترسبات في تطوير نموذج ثلاثي الأبعاد من أجل التنبؤ بالتفاعلات الحرارية والميكانيكية بين خط الأنابيب المطمور والطبقة المتجلدة المحيطة. ويتم تطبيق التحليل المستخدم في هذا النموذج عبر خطوتين: تتمثل الأولى في قيام النموذج بمضاهاة عملية تحويل الحرارة لفترة من الوقت, ومن ثم يقوم بحساب ترسب التربة وانحراف خط الأنابيب استناداً الى كتلة الذوبان التي تم التنبؤ بها خلال مماثلة نقل الحرارة.

وبوسع النموذج التنبؤ بدقة بالجهد الناجم عن الترسب والذي أصاب خط الأنابيب, كما يقوم بتقييم الحجم الصحيح لكتلة الذوبان والرواسب المقابلة في وقت معين, ويخفف بذلك من زيادة المحافظة في التصميم.ومن الممكن استيعاب أنواع تربة مختلفة في طبقات متعددة في مثل هذا التحليل, كما يمكن استخدام النموذج في التصميم الأولي أو النهائي لخطوط الأنابيب, اضافة الى تقييم خطوط الأنابيب الحالية المطمورة في تربة الطبقة المتجلدة.

وتجدر الإشارة الى أن طريقتي حفر الجليد ونماذج الطبقة المتجلدة قد تم استخدامهما عبر تقنية تدعى "أباغس" ذات الطاقة الفيزيائية المتعددة الجوانب والتي اشتهرت بوجود طائفة واسعة من النماذج المادية فيها. وبوسع هذه النماذج المعروفة باسم العناصر المحدودة تحسين تصاميم خطوط الأنابيب الخاصة بمشاريع القطب الشمالي, وضمان سلامة تلك الخطوط والبيئة معاً وذلك من دون المبالغة غير الضرورية في التصاميم.

يذكر ان معظم مشاريع خطوط الأنابيب في القطب الشمالي موجودة حتى الآن في روسيا, وكندا والاسكا. وتتركز المشاريع القطبية المقابلة للشاطئ بصورة عامة في عدد قليل من المواقع التي توجد في السهول الشمالية في الاسكا, وجزيرة سخالين في روسيا, و"غراند بنكس" في كندا. وكانت التحديات الفريدة التي تواجه تصاميم خطوط الأنابيب في القطب الشمالي موضع دراسة ونظر منذ عقود طويلة, وقد توافرت درجة بالغة الأهمية من الخبرة والدروس المستقاة, وأصبح فهمنا للأحوال البيئية والأوضاع الهندسية في المنطقة القطبية أفضل من أي وقت مضى. ومع التطورات الجديدة في مجالات التحليل والطرق التقنية المتقدمة, أصبحت خطوط الأنابيب ذات التصاميم السليمة ممكنة التحقيق في المناطق القطبية, وستساهم في نهاية المطاف في انجاز التقدم المرجو في ميادين استكشاف موارد الطاقة في القطب الشمالي. 

back to top