اسئلة معقدة لقضية أكثر تعقيداً

نشر في 12-02-2010
آخر تحديث 12-02-2010 | 00:00
 د. محمد لطفـي «الوحدة الوطنية»... «الفتنة الطائفية»... «عنصري الأمة»... «المواطنة»... «اتحاد الهلال مع الصليب» ...إلخ. كل هذه المفردات وغيرها كثير، يكاد لا يخلو منها- في الفترة الأخيرة- مقال أو تحليل للمهتمين والمنشغلين بالوضع الداخلي المصري، حيث ارتفعت حدة الحديث مع تصاعد الأحداث التي تزداد وتيرتها، ويعلو صخبها، ويرتفع ضجيجها، وتكررت كثيرا بين المسلمين والأقباط في صعيد مصر وواديها، والحديث حول هذه القضية شائك الكثير من الحذر، وقد يغضب البعض من الطرفين سواء كانوا إخوة مسلمين أم إخوانا مسيحيين، ولكن ما باليد حيلة.

وقبل بداية الحديث نطرح مجموعة من الأسئلة، وللقارئ أن يجيب عنها وفقا لما يراه ويشعر به ويعتنقه:

* هل بدأ تصاعد الأحداث الطائفية في حقبة السبعينيات في القرن الماضي أكثر مما كانت قبل هذه الفترة؟

* هل يتعرض المسيحيون (واقعيا) لاضطهاد من جانب الحكومة والأجهزة التنفيذية المصرية؟

* هل يفرح المسلمون باضطهاد الحكومة للمسيحيين؟

* هل يقبل المسيحيون بهذا الاضطهاد ويستغلونه في أغراض أخرى؟

* هل تقوم الأجهزة الأمنية باعتقال البعض على أساس عقائدي؟

* هل تتساوى نسبة المعتقلين على أساس عقائدي مع نسبتهم السكانية؟

* هل يسعى المسلمون إلى تكسب سياسي من خلال عقيدتهم؟

* هل تتناسب دور العبادة (مساجد وكنائس) مع نسبة الطرفين السكانية؟

قبل الإجابة عن هذه الأسئلة المعقدة التي قد نختلف حولها، من الضروري ذكر بعض الحقائق التي لا نختلف بشأنها:

# فلسفة العقيدة المسيحية تقوم على التضحية وتحمل الآلام والعذاب من أجل تخليص الآخرين، ففي تحمل آلام الجسد خلاص الروح.

# العقيدة الإسلامية كما تهتم بتربية الروح تتحكم بنظام المجتمع ونشأة الدولة.

# الإخوان المسلمون حركة سياسية ذات أصول دينية.

# القوى الخارجية تلعب دورا مهما ومؤثرا في الوضع الداخلي المصري.

إن الديانة المسيحية كما نعلم جميعا أقدم من الإسلام، وقد يرى البعض أن هذه نقطة تميز (فمصر مسيحية في الأصل) تسمح للأقباط بحقوق أكثر باعتبارها الديانة الأقدم والأكثر انتشارا قبل قدوم عمرو بن العاص، بينما يرى البعض الآخر أنها مرحلة تطور تاريخي بدأ قبل الميلاد بالفراعنة وانتهى بالإسلام، ويرون أن عدد المسلمين في مصر يتجاوز في أقل النسب 4 أضعاف عدد المسيحيين، وأن هذا العدد الكبير مصدر قوة وسبب يسمح لهم بالتميز عن الآخرين.

ومع الاحترام والتقدير للطرفين فكلاهما على خطأ، فلا السبق التاريخي للديانة ولا النسبة العددية لأتباعها يجب أن يكونا نقطة تميز، فالدين علاقة بين الفرد وربه، ولله وحده حق تمييز الفرد ومحاسبته تبعاً لعمله، وله أن يجازيه بالثواب أو العقاب على أفعاله، ولكن الوطن والبلد الذي نقيم فيه يخضع لحسابات وأعمال تميز أخرى لا علاقة لها بالدين، فقيمة الشخص ومكانته وامتيازات طائفته تعتمد على ما يقدمه هذا الفرد، وتؤديه هذه الطائفة من خدمة لمجتمعها، فالوطن لا يعطي امتيازا لشخص لأنه رجل صالح وعابد ناسك، فمن يعبد الله يجازه، ومن يخدم الوطن يمنحه الوطن امتيازا وقيمة.

وقبل أن أنهي المقال، وللإجابة عن الأسئلة الواردة في صدر المقال، وكما هو معلوم، فأداة الاستفهام «هل» يكون الجواب عنها بـ«نعم» أو بـ«لا»، وإجمالاً فجواب جميع الأسئلة المذكورة «نعم» باستثناء سؤالين فقط... أما تفصيل الإجابة وشرحها فإلى مقال آخر إن شاء الله. 

back to top