مَنْور وكفوري الزحلاوي
الجلسة المقبلة لمجلس الأمة ستحمل «البشارة» إلى بنات الكويت، فأغلبية نوابنا صمموا وعزموا على إقرار قانون حقوق المرأة المدنية والاجتماعية السخي لهن، فأبشري يا سَبّاكة ومَنْور وعهود، فبعد الأربعاء المقبل لن تكن ملزومات بـ»عبود الحوَل» ولا «فهود الأجلح» ولا «بروك الحلي»، و»طُبوا» و»تنقوا» من «يحيى الإسطنبلي» و»كفوري الزحلاوي» و»أباظة الإسكندراني»، والدولة الكويتية ستكفل احتياجات زوجك وأولادك من المهد إلى اللحد دون تأفف أو اعتراض حسب القانون الملزم بهذا الشأن الذي غالباً سيصدر عن المجلس هذا الأسبوع.
قانون حقوق المرأة الاجتماعية تبنته أغلبية من النواب الإسلاميين الذين تعودنا منهم على أن يطلبوا في كل عمل برلماني بحث الجانب الشرعي فيه، وتضمين أي قانون حتى لو كان اقتصادياً أو فنياً نصاً «على أن يتم العمل به وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية»... ولو حكمنا الشريعة الإسلامية في ما يخص هذا القانون وتحديداً نَسَب الابن... فالمولى عز وجل يقول «ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ» (الأحزاب - 5)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تنتفوا من آبائكم فإنه كفر بكم»، ولذلك فإنه شرعاً يستلزم الانتساب إلى الأب الشرعي وحمل اسمه ولقبه وجنسية قومه، ولكن نوابنا الإسلاميين غير معنيين في هذا القانون تحديداً بالجانب الشرعي، لأن القضية فيها مكاسب انتخابية كبرى وحسابات سياسية تخص الوعاء الانتخابي الذي تشكل فيه المرأة نسبة الترجيح من الأصوات. القانون المعروض بمسودته النهائية يعطي المرأة المتزوجة من غير كويتي وأبناءها امتيازات تفوق أفضل الامتيازات المقدمة في الدول الغربية من رعاية إسكانية وطبية وتعليمية حتى المرحلة ما بعد الجامعية، وغير الموجودة حتى نصاً للمواطن الكويتي، وسيمنح الحق لأبنائها لمنافسة المواطن الكويتي على مقاعد الجامعات والبعثات والرعاية السكنية وكل خدمات الدولة، فنحن سنُلزم بالقانون برعاية مواطن أجنبي أمه كويتية، ليذهب بعد ذلك إلى بلده «كامل مكمل»، رغم أنه من المعلوم عرفاً وقانوناً أن القرارات الشخصية من زواج وخلافه هي قرارات يتحمل تبعيتها الفرد، ولا تلزم الدول وحكوماتها أعباء والتزامات مالية.فإذا كانت الكويت اليوم مغرية بامتيازاتها وخدماتها، فمن سيضمن غداً عندما يجف ضرعها النفطي- وكم سيحملون على كاهلك يا برميل النفط الكويتي من أعباء- أن يبقى فيها من ستقدم إليهم هذه الخدمات بعد أن يُطبب ويتعلم وينافس طالب كويتي على مقعد جامعي ويأخذه منه، ويذهب بعد ذلك إلى وطنه، وحال سبيله؟ فالقوانين التي ستقر ستحمل صفة الديمومة، وإذا كانت أعداد من ستقدم إليهم الخدمات المنصوص عليها لأبناء الكويتيات من آباء أجانب اليوم بالآلاف، فغداً لا نعلم كم ستصبح هذه الأعداد مع انفتاح المجتمع أكثر فأكثر وتعقيداته الناتجة عن التطورات الاجتماعية والاقتصادية، وإذا كان صندوق الرعاية السكنية لهن الآن سيكلف الميزانية العامة مبلغاً محدوداً، فلا نعرف بعد عشر سنوات كم سيكلفنا، ولنا عبرة بتجربة «بدل الإيجار»، الذي كان حلاً مؤقتاً حتى إنهاء المشكلة الإسكانية في عقد السبعينيات ببضعة ملايين، وأصبح الآن يكلف الدولة مئات الملايين من الدنانير.قانون حقوق المرأة الاجتماعية والمدنية، الذي سيُبت هذا الأسبوع، فيه الكثير من الشطط التشريعي الذي يصل أحياناً إلى العبث بمصالح البلد ومقدراته، من امتيازات مبالغ فيها وتقاعد مبكر، ولكم أن تتصوروا أن القانون سيجعل الطبيبة والمعلمة والمهندسة تتقاعد في سن الأربعين، وهو سن الخبرة والنضوج المهني، فما أثر ذلك على قوى العمل الوطنية؟... أعلم أن كلامي هذا سيجر علي غضب البعض في حقبة «موضة» السباق لكسب ود الناخبات وأصواتهن، والمساعي الحثيثة للأصوليين إلى عودة المرأة إلى البيت ومكوثها فيه، واحتفالات «حقوق المرأة» الصاخبة في البلد... ولكن الحق ومصلحة الوطن كما أراها أحق أن تتبع... لذلك أتمنى أن يكون هناك «بريك» نيابي - حكومي لوقف هذا القانون وتهذيبه قبل أن تقع الفأس بالرأس.