تحفز ايراني تركي 
وعرب كومبارس

نشر في 02-11-2009
آخر تحديث 02-11-2009 | 00:00
 محمد صادق الحسيني في إيقاع متسارع للأحداث يحاول ترتيب الأوراق الخاصة بكل طرف من جهة وتنظيم آليات التعاون الإقليمي من جهة أخرى، جرت زيارة الطيب أردوغان إلى طهران، ومن ثم أعقبتها زيارة وزير خارجيته إلى المدن العراقية المختلفة مبتدئاً إياها بأربيل عاصمة الإقليم الكردي، محاولاً منعها من ابتلاع كركوك، ما قد يعني بالنسبة لتركمانها تهديداً وجودياً لهم بالإضافة إلى خطر تهديد عروبة العراق وأمنه ووحدة أراضيه، ناهيك عن احتمال تطاير شظايا مثل هذا السلوك إلى ما يهدد أمن دول الجوار برمتها.

فالمتتبع لما يجري في الإقليم المشرقي الكبير من العراق مروراً بأفغانستان وصولاً إلى باكستان على يد الاحتلال الأميركي البغيض ومخابرات الكيان العنصري الصهيوني المتحالف معه، يدرك تماماً أهمية وضرورة تجميع كل نقاط وقواسم الاشتراك بين قوى الاستقلال الرافضة للتبعية، وكذلك ضرورة تعزيز ومراكمة المجموعة الواسعة من التفاهمات السياسية والمصالح المشتركة لدول جوار العراق وأفغانستان، لمواجهة التحديات التي بدأت تتنامى على خلفية مشاريع الفيدرالية والتقسيم العرقي والطائفي والمذهبي، بعد أن انتقلت من طور التنظير إلى طور التنفيذ من قبل المحور الأميركي الصهيوني.

ويجري هذا الإيقاع المتسارع في الوقت الذي يفشل فيه العراقيون وللمرة الثالثة للاتفاق على قانون للانتخابات يحل مسألة كركوك فضلاً عن مسألة القائمة المفتوحة أو القائمة المغلقة، الأمر الذي بدوره أيضا يمكن أن يجعل العراق مرة أخرى رهينة الصراعات الطائفية والمذهبية وعملية المحاصصات القائمة على الفكر الانعزالي ما يقد يفجر حربا أهلية عراقية من نوع جديد.

الإيرانيون من جهتهم لم ولن يعطوا جواباً قاطعاً ونهائياً وتفصيلياً حول مسودة اتفاق فيينا النووي إلا بعد مفاوضات فنية واقتصادية وتجارية وسياسية معمقة وطويلة مع القوى الغربية، لأنهم لا يثقون أصلا بتعهدات الغرب التي لطالما تم نقضها منذ أيام الشاه حتى يومنا هذا!

وفي هذا السياق لا بأس من نقل ما قاله أحد رجالات النظام الشاهنشاهي السابق في تعليق له على الموضوع، ما يؤكد صحة الموقف الإيراني الراهن.

ففي مقابلة له مع «بي بي سي» الفارسية يقول أكبر اعتماد، وهو رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية في العهد البائد «لو كنت محلهم- يقصد المفاوضون الحاليون- لما وثقت بالغربيين فحسب، بل أيضا لن أعطيهم ما طلبوه، لأنهم كذابون ولا يفون بتعهداتهم، وهو ما حصل معي عندما فاوضت فرنسا ونقضت عهدها بالرغم من كوننا اشترينا عشرة في المئة من مصانع (أوروديف) لصناعة الوقود النووي في حينه، بل لكنت خرجت من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية غير العادلة، التي إنما خلقت هي والوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إخضاع دول الجنوب»!

أفغانستان من جهتها أصبحت مستنقعاً آسناً للأميركيين وحلف الأطلسي، وأما باكستان فقد قرر الغرب على ما يبدو أن يشغلها بحرب أهلية طويلة المدى يحاول من خلالها منع وصول الإسلاميين إلى السلطة بأي ثمن كان حتى لو كان تمزيق باكستان وإعادة بعض ولاياته إلى الدولة الأم، كما سبق لرجال معاهد الدراسات الأميركية «البحثية» أن طرحوا ذلك في مقالات لهم نشرت في الصحافة الأميركية منذ مدة!

إنها إذن الحروب المفتوحة بالوكالة على الإقليم العربي الإسلامي المشرقي بكل معنى الكلمة، بديلاً عن الحروب المباشرة التي تعثرت أو فشلت أو يعجز الغرب عن إطلاق جديدها!

الإيرانيون والأتراك يتصرفون إذن بكل تحفز تجاه القادم من بعيد ممتنعين عن منحه شيكاً على بياض اتعاظاً من الماضي وخوفا من المجهول، فيما العرب يكادون يسلمون كل أوراقهم قبل أن يأخذوا أي شيء... فهل يعتبر عرب الاعتدال المصرون على ما يسمونه بالمبادرة العربية للسلام، فيقرروا تجميدها على الأقل مستفيدين من فطنة التركي وحنكة الإيراني بدل أن يبقوا شعوبهم وقوداً لحروب الآخرين، أو ديكوراً أو كومبارساً في دراما ما يسمى بالحل السلمي لأزمة الشرق الأوسط المزعوم؟!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني 

back to top