في كل مرة يضرب فيها الإرهابيون إحدى الدول العربية المستهدفة تتجدد المطالبات بضرورة أن تكون المواجهة مع آفة الإرهاب، التي يبدو أنها غدت متجذرة في منطقتنا، جماعية، وأن تكون هناك غرفة عمليات مشتركة، وألا تُترك أي دولة وحدها بحجة أنه على كل واحد أن يُقلّع شوكه بنفسه، وكأنه لا يوجد ذلك المثل العربي القائل: "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض".

Ad

يوم السبت الماضي جدد الإرهابيون استهداف الأردن بقصف منطقة العقبة، التي تعتبر منطقة حيوية واستراتيجية لأنها سياحية واقتصادية، بصاروخ تسبب في استشهاد مواطن أردني وإصابة أربعة آخرين، مع بعض الأضرار المادية، وهذا أكد أن هناك خلايا سرطانية "للإرهابيين" متجذرة في المنطقة المجاورة تستدعي تعاون مصر والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية لاجتثاث هذه الخلايا التي تبث أنها تستهدف هذه الدول كلها.

لا يجوز أن يبدأ "الأشقاء"، بعد كل عملية إجرامية كعملية يوم السبت الفائت، التبرؤ من انطلاق الصواريخ المجرمة من أراضيهم، فالمشكلة ليست من أين انطلقت هذه الصواريخ، من سيناء أو من الأراضي الأردنية أو من البحر الأحمر، بل في هذه الخلايا السرطانية التي غدت متجذرة في المنطقة، والتي يحتاج اقتلاعها والقضاء عليها إلى تعاون أمني رفيع المستوى بين الأجهزة الأمنية المعنية، السعودية والمصرية والأردنية، وأيضاً اليمنية، على اعتبار أن مضيق باب المندب يشكل معبر الأسلحة والذخائر والصواريخ إلى هذه المنطقة.

وعلى الدول (العربية)، التي تعتقد أنها بعيدة عن هذا الحزام الناري، أن تدرك أنه سيأتي اليوم الذي تصل فيه النيران إلى أطراف أثوابها، فالمؤكد أن الإرهاب الذي ضرب الجزائر ويضربها، والمستمر في استهداف المغرب وموريتانيا، سوف يرتد نحو تونس والجماهيرية الليبية، وسيجد المبرر لاستهداف هاتين الدولتين مادامت الحدود مشتركة والإقليم واحداً.

قبل فترة استغرب البعض كيف يرسل الأردن خيرة ضباط مخابراته إلى أفغانستان، إذ استشهد في خوست أحد هؤلاء الضباط في حادثة "خوست" الشهيرة، والحقيقة أن هذا الاستغراب مستغرب، فهناك حرب كونية ضد الإرهاب، وتجارب الأردنيين مع هذه الآفة علمتهم أن عليهم أن يذهبوا إلى الضباع الكاسرة ليقضوا عليها وهي في كهوفها، وذلك لأنها إن خرجت من هذه الكهوف فستأتي إلى منازلهم لتفترس أطفالهم، على غرار ما حدث عندما هاجم الإرهابيون القادمون من الخارج عدداً من فنادق عمان الوادعة، ومزّقوا بشظايا المتفجرات المتوحشة أجساد مواطنين أبرياء كانوا يشاركون في عرس من المفترض أنه لا علاقة له بكل هذه المواجهة الكونية.