الدببة والرئيس مبارك
مرة أخرى، وأتمنى أن تكون الأخيرة، أرجع إلى الحديث عن إبعاد المصريين الداعمين للبرادعي، فإلى الآن لم تصدر الخارجية المصرية بياناً رسمياً يشرح حقيقة ما حدث، ويفسر لنا دورها، ومادام الأمر كذلك فلا سبيل أمامنا إلا اعتقاد الظنون والتخمينات كوقائع حقيقية نحتكم إليها.
ما حدث أن بعض صغار «دببة» الحزب الوطني والحكومة في مصر اتصلوا بالحكومة الكويتية طالبين التحرك بشأن ما يثار حول تأييد بعض المصريين المقيمين للدكتور البرادعي، فكان ما كان، وقد قام الصغار بذلك «عربون محبة»، كما نقول في مصر، وأملاً في نيل رضا الرئيس مبارك والتزلف إليه، معتقدين أنهم بذلك العمل الطفولي (البطولي في عرفهم) سيحظون بمكانة أفضل وموقع أعلى، ونسوا موقف الدبة التي آذت صاحبها بغبائها وقلة عقلها.فهل كان الرئيس مبارك في حاجة إلى تدخل هؤلاء؟ لقد أظهر هؤلاء الرئيس مبارك كما لو أنه يخشى البرادعي، وهذا مخالف للحقيقة تماماً، كما أظهروا مصر بموقف الدولة الضعيفة التي لا تتحمل اختلاف الآراء ولا تقبل الديمقراطية والرأي الآخر، فهل هذه حقيقة أيضاً أو وهم وخيال دار في رؤوس البعض وتسرعوا بجهلهم في الإساءة إلى مصر ورئيسها؟!وعلى الجانب الآخر، وبداية أيضاً، فمن حق أي دولة أن تضع ما تشاء من قوانين وتنفذها، فالإبعاد حق سيادي للدولة- ولو من دون ذكر أسباب- نقبله- ولو على مضض- أما إذا ذكر السبب فيجب أن يكون منطقياً يقبله العقل أو لا يذكر على الإطلاق.وكي لا ننسى فمنذ أقل من 10 سنوات حدث هنا على أرض الكويت وفي «خيطان» تحديداً مظاهرات من جانب بعض المصريين أيضاً، ولم يكن العدد 30 كما حدث بالأمس، بل كان بالمئات، ولم يكن تجمعاً سلمياً، بل كانت إضرابات وإتلافا للمال العام، وتعدى المتظاهرون على رجال الأمن والقنصل المصري، ورغم ذلك فكم كانت نسبة من تم إبعاده إلى نسبة المشاركين في المظاهرات؟ بالتأكيد لا أستعدي الحكومة على أحد، ولكن فقط للمقارنة وبيان الفارق.بالإضافة إلى ذلك يتم يومياً من قبل بعض الوافدين مخالفة قانون الإقامة لأسباب كثيرة مرورية كانت أو بيع مواد تموينية أو العمل عند الغير... إلخ، فكم شخصا يتم إبعاده لمخالفته قانون الإقامة، كما ذكر التعليق الإعلامي عن إبعاد المصريين؟أتمنى- وليس هذا ببعيد- أن تنظم «الجريدة» ندوة حول «حقوق الوافد السياسية في الوطن العربي» بشكل عام، وتتم مناقشة الموضوع بتوسع، وكمثال نتساءل: في وقت الغزو الصدامي للكويت قام العشرات من الكويتيين المقيمين في مصر بمسيرات ومظاهرات شاركهم فيها الآلاف من المصريين دعماً وتأييداً ضد الاحتلال العراقي، واليوم تمنع مصر الفلسطينيين المقيمين على أرضها من القيام بمظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي! أهناك مفارقة أكبر من هذه نستحق ندوة لمناقشتها؟ أم أن الاحتلال الإسرائيلي أقرب إلى قلب النظام المصري من الغزو الصدامي؟كتب أحد الزملاء في صحيفة يومية مؤيداً موقف الداخلية من إبعاد المصريين، ذاكراً أن للكويت في مصر أحباباً وأصحاباً، وأن للرئيس مبارك موقفا مشرفا أثناء احتلال الكويت، ولا يجب أن تسمح الكويت بأي مظهر يبدو معارضاً للرئيس مبارك. هكذا قال. يا سيدي من وقف بجانب الكويت هي مصر الدولة... مصر القيمة والمكانة... مصر التاريخ والحضارة وليست مصر الفرد أو الحاكم.يا سيدي إن كنت قد نسيت ففي الستينيات من القرن الماضي كان لمصر موقف مماثل وفي ذات القضية، بل إنها منعت الغزو قبل وقوعه ولم تنتظر حدوثه لتدينه.فيا سيدي إن الوفاء يكون لمصر الدولة، وليس لمصر الحاكم، فالفرد زائل والدولة باقية.وفي النهاية سؤال أخير:أين أمين لجنة السياسات مما حدث؟ ألا يعتبر هؤلاء مصريين؟ ألا يستحقون تصريحاً من سيادته؟ أم تراه عازفاً عن التعليق منذ انهيار الدويقة وحوادث قطار العياط؟ أم يلتزم حكمة المثل «صمت العالم هيبة وصمت الجاهل...»***التزاما بعهدي مع نفسي والقراء ومنعاً لإحراج أحد يستمر استبدال بعض الكلمات بالنقاط:نعم للـ... وتعديل الدستور، لا للفساد والاستغلال والـ...