شاركت الخميس الماضي في برنامج «لقاء الراي» الذي يقدمه الصديق عبدالله بوفتين لمناظرة الصديق الجديد رئيس المكتب السياسي في الحركة السلفية فهيد الهيلم في إشكالية التيارين الليبرالي والإسلامي.

Ad

نبهني كثيرون: ما إن بثت قناة «الراي» إعلان الحلقة بأن الهيلم خطيب مفوه، ويجب الحذر منه، وأشار آخرون إلى موقفه من أسامة بن لادن، وطالبني أصدقاء بأن أشير إلى موقف الحركة السلفية من التجمع السلفي، إلا أنني أثناء إعدادي للحلقة حرصت على التركيز بالمضمون بهدف تقديم ما يفيد المشاهد بالدرجة الأولى.

في الموعد المحدد وصلت إلى القناة، استقبلني مدير الأخبار الصديق بلال شعيب جلسنا في الديوانية، كان الهيلم قد سبقني بدقائق، علق على صورتي التي تختلف بالإعلان عن المنشورة مع مقالي في «الجريدة»، حرص على كسر الحاجز النفسي، طلب شايا فيما طلبت قهوة، ربما كان قدرنا أن نختلف قبل ظهورنا على الهواء، دخلنا الاستديو... بدأت الحلقة.

بدا لي فهيد الهيلم خلال النقاش بأنه ينتمي إلى جيل جديد من الإسلاميين، يختلف عن الآخرين، جريء في رأيه، متزن في كلماته، إلا أنه كأي منا له هفوات بعضها سيعلق معه طوال حياته.

ما إن انتهت الحلقة حتى جاء فيض الاتصالات لكلينا، الجميع يشيد بالحلقة وبطرح الضيفين، وما لفت نظري أن هناك شبه اتفاق بين الجميع على نقطتين: الأولى أن الحوار كان راقيا، ما أشعرني بخطورة ما تقدمه القنوات الأخرى من نماذج تؤثر في المتلقي سواء بالضيوف أو المواضيع، وهو ما جعل "لقاء الراي" من البرامج الاستثنائية التي يرى فيها الجمهور حيادية بالطرح وضيوفا محترمين، بدلا من أن يكون هو القاعدة، وهو ما يحسب للبرنامج وفريقه، أما النقطة الأخرى فهي مدى تململ الناس من التيار الديني وأطروحاته.

مشكلة التيار الديني أينما كان أنه يتبنى قضايا تافهة ومواضيع هامشية، ويجعل منها أولويات يفرضها على المجتمع، بالإضافة إلى موقف عدائي من المرأة، والأخطر أنه يعطي قضاياه بعدا دينيا يضفي هالة قدسية على القضايا الاجتماعية، وفي جميع الحالات متى ما أبعدت النص الديني ستجد أنك أمام قضية اجتماعية بحتة.

التيار الليبرالي بالمقابل لا يقف بوجه الدين بل يقف بمواجهة التيار الديني، وهناك فرق كبير بين المسألتين، حينما يكون النقاش سياسياً نتحدث بالسياسة بشكل مريح، لكن عندما يدخل الدين تبدأ المسائل بالتعقد، نحن ننتصر للحرية والفرد والخصوصية، فيما يريد الطرف الآخر أن يفرض ما يريد على الآخرين، إن لم يكن بسلاح الدين استخدم سلاح القانون، ولهذا يلجأ التيار الديني إلى إظهار خصومه على أنهم ضد الدين، ومن هنا تبدأ الإشكالية، بعد أن يضعهم بمواجهة ما قاله الله وقاله الرسول صلى الله عليه وسلم.

"لقاء الراي" الخميس الماضي أضاف إلي صديقا جديدا، ونبهني إلى تململ الناس من التيار الديني وأطروحاته، ولن أنسى ما قالته لي سيدة كبيرة بالسن استوقفتني لتثني على ما طرحته معبرة باللهجة المحلية بأننا «ملينا من الحكارة» أي مللنا من التقييد والتشدد، أو ما قاله أخ لأحد الأصدقاء حينما شدد على أن الدين عبادة وليس سياسة.

معركتنا مع التيار الديني مستمرة، تجمعنا معه الكويت ومساحات مشتركة كبيرة، لكننا نختلف في تفاصيل المشروع، نحن ننتصر للفرد وهم يريدون خطف المجتمع، نحن لسنا ضد ما قاله الله وقاله الرسول صلى الله عليه وسلم، بينما هم لا يريدون من الدستور سوى المادة الثانية، أما فيما عدا ذلك فالقواسم بيننا كثيرة، أبرزها أننا ننتمي إلى هذا الوطن، ونختلف لأجله لا بسببه.