أين العرب؟!

نشر في 19-03-2010
آخر تحديث 19-03-2010 | 00:00
 صالح القلاب لم يدرك «الأشقاء الفلسطينيون» بعد، رغم كل هذا التاريخ الطويل ورغم الخيبات والنكبات والأخطاء، أن القضية الفلسطينية لم تعد قضية قومية، وأن كثيرين من الذين أصروا على قرار قمة الرباط الشهير عام 1974 باعتبار منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني كان هدفهم الحقيقي التنصُّل من هذه القضية وإخراج بلدانهم من الصراع الشرق أوسطي، وكلّ هذا ينطبق عليه المثل القائل: «كلام حق يراد به باطل» !!.

الآن هناك دولة فلسطينية ملتحية، بمقدار قبضتين على الطريقة الطالبانية، وهناك دولة أخرى في الضفة الغربية، وكل واحدة منهما تشتم الأخرى وتقول في شقيقتها ما قاله مالك في الخمر وأكثر، وكل هذا والشعب الفلسطيني، الذي ابتُلِيَ بقياداته منذ فجر هذه القضية المقدسة فعلاً، يصرخ: «أين العرب»... و

لقد أسمعت لو ناديت حيّاً

ولكن لا حياة لمن تنادي

حتى الذين اعتادوا أن يُطِلُّوا من لندن عبر شاشات الفضائيات المتخصصة في الشتم والتهويش والتحريض قد نسوا هذه المرة -ككل مرة- أنهم فلسطينيون، وأن الأحرى بهم أن يتخلوا عن مصالحهم ويأتوا إلى فلسطين بجوازاتهم البريطانية ليشاركوا في احتجاجات القدس ولو ساعةً واحدة، لكنهم بدل هذا صبّوا جام غضبهم على العرب فأشبعوهم شتماً واتهامات ودعوا الشعوب العربية إلى الانتفاض على أنظمتها وإسقاط هذه الأنظمة، وكل هذا على غرار ما كان يقوله المتفرجون عن بُعْد في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

لا شك في أن للقدس على العرب وعلى المسلمين ما هو أكثر من العتب، لكن بشرط أن تعود القضية الفلسطينية قضيةً عربية كما كانت، وبشروط أن يقبل الأشقاء الفلسطينيون أن يلتزموا بالقرار العربي الذي يطالبهم بالوحدة، وبأن تحل دولة غزة نفسها، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل ذلك الانقلاب المشؤوم، وأن يتم الاحتكام إلى انتخابات رئاسية وتشريعية يقول فيها الشعب الفلسطيني رأيه في مَنْ يتولى أمره، ويمثل قضيته ويقوده نحو تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

في كل مرة يتخذ أحد القادة «الذين جادت بهم العناية الإلهية» قراراً لا يستشير فيه إلا نفسه ويقود بلده إلى الانتحار ثم يبدأ بالصراخ «أين العرب؟» وهذا هو ما تفعله «حماس» الآن، التي انحازت إلى إيران مبكراً على حساب كل القضايا العربية، ثم كلما وقعت واقعة بدأت في الشتم والصراخ، وكأن هؤلاء العرب «قطاريز» أي خدَمٌ عند خالد مشعل وإسماعيل هنية، ومعهم كل جوقة الفصائل التي يعيش قادتها أفضل حالات رغد العيش في العواصم البعيدة.

ليفهم هؤلاء أن واقع اليوم غير واقع الأمس، وأنه أصبحت لكل دولة من الدول العربية أولوياتها الخاصة، وأن هذا الواقع الفلسطيني المأساوي، حيث هناك دولة غزة التي لا همَّ لها، حتى بما في ذلك الدعوة إلى انتفاضة جديدة، إلا إسقاط ما تسميه «سلطة رام الله»، هو الذي يبرر هذا الاستنكاف العربي الذي يُوجع ضمائر وقلوب المخلصين لقضية فلسطين المقدسة.

back to top