الجريدة• تخترق «حصون» المطلوبين في سيناء قبل مواجهة وشيكة مع «الداخلية»
كان من الممكن جداً ألا ألجأ إلى كل هذه الإجراءات السرية حتى أصل إلى المقر الجبلي لعدد من المطلوبين أمنيا في سيناء، الذين كانوا يوماً ما على علاقة طيبة بأجهزة الأمن، خلال سنوات مواجهة الإرهاب وعملياته خلال عام 2007 وما قبله، والآن صاروا مطلوبين من قبل الأجهزة نفسها، لذلك كان عليَّ أن أظل معصوب العينين لساعات قبل أن أجلس مع أشهر المتمردين في سيناء، الذين تجمعهم أهداف واحدة على رأسها رفض التعامل مع الأجهزة الأمنية، وعدم تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم، بل وبدأوا الاتصال ببعض القبائل لكي يخرجوا في المواجهة الأمنية الوشيكة متضامنين.وتشن وزارة الداخلية المصرية حملات أمنية مكثفة منذ قرابة أسبوعين في مضارب قبيلة "الترابين" بسبب هؤلاء المطلوبين.
سالم أبولافي أصبح المطلوب رقم واحد لدى أجهزة الأمن، بعد فراره أثناء ترحيله إلى السجن في فبراير الماضي، في واقعة قتل فيها ضابط شرطة وجندي.سالم حكى بصوت هادئ ظروف اعتقاله، مُفضلاً وصفها بـ"الخديعة" من قبل أجهزة الأمن، حيث كان يتمتع بعلاقات جيدة مع القيادات الأمنية، لافتاً إلى سنوات التعاون التام معها خلال السنوات السابقة، حيث شارك في الحملات الأمنية ضد ما أسمته قوات الأمن وقتها بـ"العمليات الإرهابية"، مشيراً إلى أنه كان يقوم بدور "حلقة الوصل" بين أبناء القبائل والشرطة.وقال سالم إن "الداخلية" بمدرعاتها تصل إلى سيناء وتطلق الرصاص العشوائي على المواطنين، بحثاً عنه هو ورفاقه، وانه ليس أمامهم سوى المواجهة، بعد أن فقدوا الثقة بالشرطة تماماً، خصوصاً أن التصعيد والمواجهة على سلم أولوياته، حيث لا بديل أمام "الداخلية" المصرية إلا العودة إلى الاستقرار أو التصعيد، ويضيف سالم منفعلاً: "حتى في حالة الاستقرار يجب أن تخضع المنطقة لإشراف جهاز سيادي نثق به، لا لمديرية أمن شمال سيناء". والأسلحة التي يعتمد عليها أبولافي ورفاقه بينها "مدافع الجرينوف" 250 و500 ملم، المماثلة لما تستخدمه مدرعات أجهزة الشرطة، والقنابل اليدوية وسيارات الدفع الرباعي من نوع كروزر حديثة التقنيات، نُصبت فوقها منصات "مدافع الجرينوف".وهدد أبولافي ومعاونوه باستهداف المصالح الحيوية، ومنها خط الغاز الدولي وشبكة الكهرباء الدولية ومصانع الأسمنت، إذا لم تنظر وزارة الداخلية في مطالبهم، وأهمها إعادة النظر في الأحكام الغيابية، وتحسين علاقة الشرطة ببدو سيناء، والإفراج عن المعتقلين، محذراً من انهم يمتلكون أسلحة أكثر فاعلية لكنهم لن يستخدموها الآن.وبرر انعدام الثقة بينه وبين وزارة الداخلية بتراجع مسؤولين في الوزارة عن تفاهمات تمت بين أبناء القبائل في يوليو 2007، بشأن تفهم طبيعة الثقافة القبلية وعدم انتهاك حرمة المنازل وإعادة النظر في الأحكام الغيابية والحد من الاعتقالات.موسى الدلح، أحد وجهاء "الترابين"، أكمل حديث أبولافي قائلاً: "لقد عدنا إلى المربع صفر، وهي فترة ما قبل 2007، فلا تفاهمات سوى بإشراف جهاز سيادي،والمواجهة هي الخيار الوحيد الآن".حين تركناهم عائدين من مغامرتنا علمنا أن قرارات بالإفراج عن 32 من المعتقلين صدرت من وزارة الداخلية، في محاولة لتهدئة الأجواء، بينما سمعنا عن تنسيق يتم بين أفراد من قبائل الجنوب والشمال لتوحيد صفوفهم قبل المواجهة المقبلة مع "الداخلية"، وهي المواجهة التي ستزيد من سخونة هذا الصيف الحار أصلاً في سيناء.