إذا كنّا نعوِّل على مدير هيئة البيئة في إصلاح الخلل البيئي أو جزء منه، وهو يتطلب وقتاً طويلاً، فعلى الأقل عليه الإسراع بحماية ساحل الفنطاس وما جاوره من السواحل القريبة حتى تبقى كلمات الرجيب حقيقية، ولا نضطر إلى منع "الست" نجاة من دخول الكويت.

Ad

أول العمود: كل دول العالم تتعرض لاختراقات أمنية تقوم بها شبكات تجسس لمصلحة دول أخرى، لكن المهم هو ترك جهات الاختصاص تعمل دون إثارة خصوصاً في ظل الاستقطاب الإقليمي الذي تقوده دول فاعلة وقوية حُشرنا بينها بسبب الجغرافيا.

***

في عام 1966 غنت قيثارة الأغنية العربية نجاة الصغيرة أغنية جميلة جداً اسمها "يا ساحل الفنطاس يا ملعب الغزلان" وهي من إبداعات الراحل حمد الرجيب، الشاعر والسياسي، وكان قد غناها قبلا الراحل غريد الشاطئ. الأغنية في غاية الرقه وأنصح بسماعها على اليوتيوب لأنها مضاد حيوي ضد مسببات الكآبة، وما أكثرها في البلد.

بالطبع مؤلف الأغنية ومغنيها الأصلي رحلا عن الدنيا قبل العطب الذي أصاب محطة مشرف، ولاتزال صاحبة الرقة والإحساس المرهف نجاة على قيد الحياة... ولها طول العمر، وأنا هنا أطالب وزير الداخلية بمنعها من دخول الكويت مثلما منع أبوزيد والفالي والعريفي، مع فارق مسوغات المنع، وهو الحديث الذي أدلى به مدير عام الهيئة العامة للبيئة د. صلاح المضحي عن التلوث الشديد الذي أصاب شاطئ المسيلة- وهو امتداد لشاطئ الفنطاس موضوع الأغنية- بسبب كارثة محطة مشرف، حيث وضعت لافتة كتب عليها "ممنوع السباحة بسبب تلوث المياه"... وعن مبرراتي لمنع نجاة الصغيرة من دخول الكويت كي لا ترى "الهباب اللي عالشواطئ"... أذكِّر القراء بكلمات الأغنية وأضع تعليقاتي على يسار بعض أبياتها:

يا ساحل الفنطاس يا ملعب الغزلان (الغزلان طفشوا يا نجاة)

يا متعة الجلاس يا سامر الخلان  (د. المضحي يقول الساحل شبعان أمونيا)

رمالك النشوى والبحر ساقيها (يسقيها من المجارير)

حكاية تروى والموج يحكيها (احكيلي ياست روايح)

ما أعذب النجوى رقت معانيها (النجوى مع مين؟)

يا طيب الأنفاس يا سامر الخلان (الخلان ماتوا مخنوقين)

أظن الآن أن المبررات مقنعة فالأغنية عندما أذيعت منتصف الستينيات كانت الشواطئ نظيفة ورمالها بيضاء، أما اليوم فالوضع مختلف تماماً، فمن يعدْ مريضاً في المستشفى الصدري فسيجد بداية شريط السواد الكارثى يتواصل حتى مبنى الجامعة في الشويخ، حيث مقبرة السفن وصولاً إلى شاطئ السلام، وواجهة المارينا ذات الرائحة النفاثة إلى أن نصل إلى "شاطئ نجاة- الرجيب" الذي عافته الغزلان منذ عقود.

بالطبع مشكلة التلوث البحري في الكويت يرجع سببها الرئيس إلى شركات النفط، ثم إهمالنا في بناء محطات تنقية تستوعب الكم الكبير من عدد السكان الذين تزايدوا بالتوالد و"التبرعم" وتجارة الإقامات، وإذا كنّا نعوِّل على مدير هيئة البيئة في إصلاح الخلل البيئي أو جزء منه، وهو يتطلب وقتاً طويلاً، فعلى الأقل عليه الإسراع بحماية ساحل الفنطاس وما جاوره من السواحل القريبة حتى تبقى كلمات الرجيب حقيقية، ولا نضطر إلى منع "الست" نجاة من دخول الكويت... وتعود الغزلان المفترضه في خيال الشاعر.

بالمناسبة أسألكم، هل كان في الكويت غزلان في الستينيات... وعلى الشواطئ؟! خيال شاعر جميل.