أسعار الأسهم عند مستويات «عز الأزمة»... ولكن من يجرؤ على الشراء؟!
استقرار البيانات المالية ونموها والشفافية والإفصاح أهم محفزات النمو المستدام
يرى الكثيرون أنه ليس من المعقول أن يستمر السوق في حذف النقاط إلى ما لا نهاية، ولكن في المقابل فإن المتابع لنشاط السوق لا يمكن أن يستبعد المزيد من الهبوط حتى مع الأسعار التي دون القيمة العادلة لها.
بعد تراجعات كبيرة حققها مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية وصلت به إلى مستويات مقاربة لمستويات قاع الأزمة المالية العالمية خلال بداية العام الماضي، تساءل الكثيرون: هل حان موعد الدخول للشراء والاستفادة من هذا التراجع؟ ومتى يتأكد نهاية هذا النزيف؟ فليس من المعقول أن يستمر السوق في حذف النقاط إلى ما لا نهاية، فهناك شركات تراجعت أسعار أسهمها دون قيمها العادلة، وإن كان للدورة الاقتصادية اثر واضح في مثل هذا التراجع، ولكن لابد أن تستعيد قيمها العادلة خلال الفترة القادمة، والكثير الكثير من الأسئلة تطرح خلال هذه الفترة العصيبة التي يمر بها السوق المالي الكويتي، وتحاول "الجريدة" أن تجد بعض الحلول لمثل تلك التساؤلات الكثيرة.● نمو البيانات المالية: من إشارات الشراء تحسن البيانات المالية للشركات المدرجة ونموها، فهي أهم العوامل التي تؤثر في ارتفاع أسعار الأسهم في الظروف الاعتيادية، فمنذ الأزمة المالية العالمية خلال نهاية عام 2008 والبيانات الفصلية للشركات المدرجة تظهر مضطربة، فلم يلحظ التدرج بالنمو ومازالت تخسر ربعا وتربح آخر، وهي في اضطراب دائم مما يجعل تقديراتها المستقبلية صعبة جدا، مما يجعل المستثمر في حيرة وقلق من أن وقت الشراء قد حان أم انه ينتظر حتى ظهور بيانات متلاحقة مستمرة في النمو، ومثل هذه الحالة تفقده بعض المكاسب وتضيع عليه الفرص، ولكنه ينتظر لوقت أكثر أمانا في ظل ثقة مفقودة في الأسواق منذ عامين تقريبا.● شفافية وإفصاح: إن حالة الضبابية تربك المستثمرين، وكثير من الشركات مازالت مجهولة المصير، فالديون متراكمة والتدفقات النقدية التشغيلية معدومة، ولم تعد تسدد التزاماتها إلا بعد بيع أصول مدرة للدخل، وهي التي تستطيع تسويقها وتجد لها مشتريا، فغيرها من الأصول الرأسمالية غير مدرة، ولن تجد من يشتريها، لذلك تضطر إلى بيع جزء أصيل منها، وبالتالي تفقد قيمتها مع مرور الوقت وضغط الدائنين الذي وصل الأمر في بعضهم إلى رفع قضايا إفلاس، إذن المستثمر لن يدخل بالشراء إلا بعد أن يستطيع أن يقدر مستقبل تلك الشركات عبر شفافية وإفصاح واضحين، ولن يكونا دون جهات رقابية وعقابية تفرز الغث من السمين وتضع الأمور في نصابها.● مؤشر السيولة: دائما ما يلحق صغار المستثمرين بكبارهم، وبما أن الكبار مازالوا في حالة قلق وبيع مستمرين فإن الصغار يحتفظون بأوراقهم المالية بعد أن حققت خسائر كبيرة، ويتجنبون الشراء حتى تتبدل الأحوال، ومن مؤشرات التغيير دخول سيولة شراء واضحة إلى السوق تتزايد جلسة بعد أخرى، وتستمر فترات لتعيد الثقة، وهذه السيولة الكبيرة بيد الكبار وقرارات الشراء تكون نتيجة دراسة البيئة الاقتصادية ومعرفة مرحلة الدورة الاقتصادية، والتأكد منها، وهذا يتم عبر مستشارين كبار يقدمون استشاراتهم لكبار اللاعبين بالسوق، فمتى تتغير توصياتهم من السلبية إلى الإيجابية؟● نمو الاقتصاد العالمي: من المعروف أن الاقتصاد في دورات متلاحقة، وأسعار الأسهم تتأثر بمثل هذه الدورات سواء بالنمو أو التشبع، ثم بعد ذلك التراجع إلى الأسعار العادلة، يتبعها الانخفاض بدائرة مقسمة إلى أربعة أرباع يقسمها خط مستقيم من المنتصف هو السعر العادل، وما حصل عالميا من سقوط اخل بالدورة الاقتصادية، ولم يمنحها الوقت الكافي لتعديل الأسعار، كما كان يحصل في ظروف الدورات الاقتصادية العادية، وكان لسقوط الأسواق الكبير في نهاية عام 2008 اثر كبير على الأسواق وخلط الأوراق والمفاهيم، ولم تعد الدورة الاقتصادية تتحرك بشكل اعتيادي، بل تخبطت كثيرا، وبعد أن استشعر العالم التحسن خلال الربع الأول من هذا العام عادت وانتكست بسبب ديون اليونان السيادية، لتفقد الخبراء ثقتهم بحالة التعافي المنتظرة، وتجعلهم متحفظين تجاه اي حالة نمو مقبلة، مما أخر عمليات الشراء وادخل المستثمرين في شك مستمر من اي حالة صعود، لذلك يفضل الكثيرون عدم الدخول إلا بعد نمو المؤشرات الاقتصادية المهمة ولفترات متلاحقة، والتي من أهمها مؤشر البطالة في الدول المتقدمة، نمو الناتج القومي، دون ارتفاع كبير في مستوى التضخم، وانخفاض العجز في الدول الصناعية الكبرى التي يعاني بعضها تراجع تصنيفها الائتماني المستمر. ● قوانين فاعلة: إن الأرباح تعادل المخاطر وبما أن المخاطر كثيرة خلال هذه الفترة فإن البعض يفكر في ركوب المخاطر ليحقق أقصى فائدة، وحقيقة ان بعض الشركات دون قيمها العادلة وعودة أسعار أسهمها إلى قيمها العادلة مسألة وقت، ولكن من الصعوبة بمكان تقدير هذا الوقت فهي تحت تأثير انعدام الثقة بالأسواق والاستثمارات الرأسمالية، وفي سوق الكويت هناك اثر كبير لوصول بعض الشركات إلى حافة الإفلاس، مما يخلط الأمور ويخلط الحابل بالنابل، وفي ظل هذا الخلط يتريث الكثيرون في الدخول والشراء قبل إشارات واضحة، لعل من أهمها عملية فرز السوق لشركاته بشكل واضح وسليم وخروج الشركات السيئة التي لا تستطيع الاستمرارية، ورؤية اللون الأخضر بوضوح وليس عمليات تجميلية أو ردة فعل فنية على سقوط حر، وهذه النقطة تحتاج إلى قوانين جديدة، فالقوانين السابقة لا يتماشى بعضها مع هذه الفترة وتحتاج إلى تعديل، وقد كان باكورتها ضوابط البنك المركزي لشركات الاستثمار التي أعلنها أخيرا خلال الشهر الماضي.إذن وقت العودة إلى السوق يحتاج إلى الكثير من العوامل والقرارات والمحفزات التي تدعمه، ومع تراجع الأسعار إلى ما وصلت إليه يرى البعض أنها فرص من الممكن ألا نراها مستقبلا، ولكن يرى البعض الآخر أنه ليس كل ما يلمع ذهبا، فيتريث الجميع في اتخاذ قرارات الشراء لتبقى قرارات البيع خلال هذه الفترة هي الطاغية، وأكثر ما يحتاج إليه السوق توقف عمليات البيع حاليا حتى يستطيع النهوض مجددا.«الشرقي»: مؤشرات القوة تحولت إلى ضعفقال تقرير المركز الشرقي للاستشارات إن التوقعات لهذا الاسبوع عادت الآن لتعكس ضعفاً بعد ظهور بعض القوة على الرسوم البيانية للاسبوع قبل الاخير، وعليه لا يمكن استبعاد محتمل مزيد من النزول.واستعرض الشرقي حركة الاسبوع الماضي: فتح السوق الاسبوع الماضي عند مستوى 6620 وتلك كانت قمته الاسبوعية، ثم هبط حتى حقق يوم الخميس قاعه الاسبوعي عند 6418 نقطة وأخيراً أقفل عند 6431 محققاً صافي نزول اسبوعي قدره 193 نقطة أي 2.92 في المئة (بينما حقق الاسبوع الاسبق صافي صعود 42 نقطة). وكان الشعور العام تشاؤمياً، وتذبذب مؤشر السوق طوال الاسبوع ضمن مجال عرضه 202 نقطة.