أستغرب جدا من الاتهامات التي طالتني من بعد نشر مقالي الذي تناول التكتل الشعبي وخصخصة المصافي منذ أيام، سواء عبر التعليقات أو الإيميلات، حيث جرى اتهامي بالحقد على هذا التكتل، ومحاولة خلط السم بالعسل، وتضليل القراء والتذاكي على الأذكياء، وغير ذلك من العبارات «الظريفة»، إلا أنني مع ذلك، لست في وارد الانجراف لتفنيد أي شيء من هذه العبارات أو الرد على أصحابها المحترمين جدا، فلا طائل من وراء أي شيء من هذا لأسباب عديدة، لعل أهمها بالنسبة لي على الأقل، هو أن من يريد تعطيل خلايا مخه، لن تستطيع إقناعه مهما حاولت بأي شيء مخالف لما تمت برمجته عليه.

Ad

عودتي إلى نفس الموضوع اليوم لأجل مخاطبة من يريد أن ينظر إلى الحكاية بتجرد ويريد أن يفهم حقا.

يا سادة، لنعد إلى موضوع تقرير اللجنة الاقتصادية الذي كتبت عنه، وهو واضح للعقلاء وحتى لمن هم أقل من ذلك ممن تمسكوا على الأقل بالإنصاف، حيث يقول في مادته الأولى، وسأنقل حرفيا ما ورد في مقترج السادة النواب السعدون والبراك والطاحوس والعبدالهادي وجوهر: «يعهد مجلس الوزراء إلى جهة حكومية يختارها بأن تقوم وحدها دون غيرها بتأسيس شركة كويتية مساهمة أو أكثر مقرها الكويت يكون غرضها، بناء وتنفيذ وتشغيل وإدارة وصيانة مصافي النفط في الكويت». وقد بينت في المقال السابق طريقة توزيع الأسهم فأشرت أن منها بيع ما لا يقل عن 26 في المئة من الأسهم على الشركات المساهمة الخاصة بما فيها الشركات الأجنبية، وكذلك طرح 50% من الأسهم للاكتتاب العام.

إذن فنحن نتكلم عن «بناء وتنفيذ وتشغيل وإدارة وصيانة»، وليس بناء وصيانة فقط، وكذلك نتكلم عن مصاف، وليست عن مصفاة واحدة، وحتى لو افترضنا جدلا أن الموضوع لن يشمل إلاّ المصافي التي «سيتم» بناؤها في المستقبل وليست الثلاث القائمة حاليا، رغم أن هذا لم يذكر صراحة في الاقتراح بقانون المقدم، فحينها سيكون السؤال البدهي هنا هو: ولماذا تقتصر المعارضة على رفض خصخصة المصافي الحالية، ولا مانع عندها من خصخصة المصافي القادمة؟ أين الوجاهة والمنطق في ذلك؟ وأين حماية مصالح العاملين الكويتيين الذين سيعملون في المصافي الجديدة أسوة بمن سبقوهم في المصافي السابقة؟!

يا سادتي، ليس في الأمر تصيد بالماء العكر ولا من يحزنون، بل على العكس من ذلك تماما، يسعدني كثيرا أن يتوجه التكتل الشعبي إلى مثل هذا التوجهات الموضوعية المؤمنة بخصخصة القطاعات التشغيلية في مختلف المجالات وفق معايير واضحة ورقابة برلمانية صحيحة، لما في ذلك من فوائد عظيمة على قطاع العمل، أما ما يتم ترويجه في المقابل للاستهلاك الجماهيري، فلا قيمة له عندي، لأن الأوراق والتقارير هي الفيصل والحكم.

هذه هي الحقيقة، وهذا هو الاقتراح بقانون الذي تقدم به التكتل الشعبي، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء أن يطفئ عقله فليفعل، ومن شاء أن «يقل أدبه» فيهاجمني- كالعادة- فلا مشكلة، ما دام ذلك يشعره بالراحة النفسية والرضا عن نفسه وجماعته، فكل إناء بما فيه ينضح!

* * *

افتقدت أخيرا تعليقات الأخ الظريف «زكي جمعة»، الذي تخصص في مهاجمتي شخصيا مع كل مقال أكتبه، كائنا ما كان، فأسأل الله أن يكون بخير وصحة وعافية، وألا يحرمنا من ظرافته... ونسأل الله الهداية للجميع.