آمال شياطين الخير (2)
![محمد الوشيحي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1579110147954926500/1579110167000/1280x960.jpg)
وقد أطلقوا على "الملعون" النار، وأصيب ونجا مرتين أو أكثر، إلى أن هرب على ظهر سفينة إلى أثيوبيا، ومنها إلى اليمن، وعاش في اليمن يتاجر بالسلاح، وكدّس ثروة ليست بالهيّنة، هي حصيلته من فرنسا واليمن. ثم تلبّسته الأمراض، وقد يكون الإيدز أهمها، لكن أحداً لا يجزم، وشارف الموتَ، وطلب نقله إلى فرنسا ليموت هناك، وبالفعل مات هناك وهو بالكاد يتصافح مع سن السابعة والثلاثين، وكان على فراش الموت يردد (على ذمة أخته) باللغة العربية: الله كريم، الله كريم، الله كريم...وليست هذه الأشياء هي الأهم في حياته، لا، الأهم أنه كتب قصائده كلها، وهو ما بين الخامسة عشرة من عمره والثامنة عشرة، أي في ثلاث سنوات فقط، ثم توقف مرة وإلى الأبد عن نظم القصائد، ومع هذا، لاتزال كليات الآداب تناقش قصائده، ولايزال هو محور أحاديث الأدباء والنقاد، ولايزال هو "الأعظم على مستوى التاريخ في الشعر" كما يعتقد البعض. وكان الأدباء وعشاق الشعر يحتفظون بقصائده في قصاصات، ويخبئونها عن أعين الناس وكأنها مخدرات، بل أشد... إنه الإبداع الذي أجبر أدباء عصره على تكديس قصائد هذا المراهق الماجن تحت مخداتهم، وسرقة الوقت لقراءتها. ولأن الترجمة تشوّه الشعر، لم أقرأ قصائد هذا الملعون، لكنني قرأت عنها، وهالني ما قرأت، وإن كان لا يعادل مثقال ذرة بالمقارنة ببعض أبناء الترف الخليجيين الذين ينظم أحدهم الشعر وهو لايزال في المهد صبياً، فهو شاعر خطير، يسبح ويطير، ويأكل الفطير، ويفوز في سباقات الخيل، ويمخر الفرات والنيل، وآه يا عيني آه يا ليل. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء