أهذه معاركنا الحقيقية؟!

نشر في 27-12-2009
آخر تحديث 27-12-2009 | 00:00
 صالح القلاب بينما غدت هذه السنة تقترب من نهاية أيام عمرها فإن الناظر من بعد إلى هذا الوطن، الممتد من الماء إلى الماء، كما يقال، ومن المحيط الأطلسي في الغرب إلى الخليج الممنوع أن يُسمى عربيّاً في عهد جمهورية محمود أحمدي نجاد كما كان في عهد الشاه السابق، الذي كان يُطربه أن يطلق عليه وصف شرطي هذا الخليج، يشعر بأوجاع في القلب أكثر من أوجاعه التي تنتقل في شرايينه إذا كان قصد عاصمة الضباب، التي ضاعت هويتها وأصبحت عاصمة الزاحفين من أوروبا الشرقية وعاصمة مَن لا عاصمة لهم، للاستشفاء والمعالجة.

وبالطبع فإن ما هو محزن فعلاً أنَّ مَنْ اضطر لأن يكون مراقباً عن بعد، إنْ لبضعة أيام أو لبضعة أسابيع، يصاب بأكثر من خيبة الأمل وبأكثر من المقت، وهو يرى كيف أننا كعرب وكمسلمين قد وقعنا في شَرَك مَن أراد إبعاد اهتمامنا عن قضايانا الرئيسية والأساسية للانشغال بمعارك وهمية مع الغرب حول النقاب والمآذن وقشور كثيرة تشغلنا، وننشغل بها على حساب التحديات الحقيقية والجوهرية.

كان يجب، منذ البدايات، أن ندرك أن افتعال مثل هذه المعارك مع الغرب، وآخرها معركة "النقاب" في فرنسا وقبلها معركة "تَقْييف" المآذن في سويسرا، لا يمكن أن يكون بريئاً ولوجه الله، وبخاصة أن كل هذه الحلقات المتلاحقة في هذه السلسلة تأتي وهناك تحولات فعلية في الرأي العام الغربي تجاه قضية فلسطين التي هي أهم قضايانا وأكثرها قدسية، والتي من المفترض أنها هي الأساسية، وأن ما عداها ثانوي، حتى وإن كان بحجم الحرب الحوثية السادسة في صعدة والملاحيظ وحَرْف سفيان.

هل هي مسألة عفوية أن ننشغل، عربا ومسلمين، عن التعاطي بمنتهى الإيجابية مع تحول الرأي العام الغربي كل هذا التحول تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، وعن السعي إلى تطوير هذا التحول إلى مواقف سياسية عملية، بنقاب سيدة جاءت إلى فرنسا مع زوجها مستجيرة إما من البطش الآسيوي الأهوج، أو من الجوع، أو من البطالة وقلة الحيلة، ففرض عليها هذا الزوج ما لم يَرِدْ في الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة معتبراً وجهها "عورة" لا يجوز انكشافه في الشوارع الباريسية وشوارع المدن والعواصم الغربية؟!

كان علينا أن ندرك أن هناك خطة لإشغالنا عن قضايانا الرئيسية بكل سفاسف هذه الأمور، وسواءً كان وراء هذه الخطة دوائر ذات صلة بإسرائيل ومراكز نفوذها ورؤوس جسورها في الغرب الذي بات يعيش صحوة ضمير تجاه القضية الفلسطينية أو "القاعدة" وأسامة بن لادن والظواهري أو بعض "المُتمشْيخين" الذين يفتون ويُنظِّرون بلا علم ولا معرفة ويعتقدون

أن غاية التأهُّل الفقهي والشرعي هو إطالة ذقونهم بمقدار قبضتين وفقاً لمواصفات حركة "طالبان"، التي عندما حكمت أفغانستان قدَّمت أنموذجاً كان إساءة للدين الإسلامي لم يشهد التاريخ مثلها حتى في عهد القرامطة والحشاشين وقلعة ألـْموت وحسن الصباح!!

إن هناك تحولات فعلية وهامة في الغرب كله تجاه قضية فلسطين التي هي أقدس قضايانا وأهمها، وإنها لجريمة نرتكبها بحق هذه القضية أن نقع متطوعين في شراك الذين يريدون لنا أن نبقى في صدام مع هذا الغرب، وأن ننشغل عن التعاطي مع مواقفه المستجدة هذه بسفاسف الأمور وبمعارك وهمية سواءً كان عنوانها نقاب امرأة بقيت مضطهدة من قبل زوجها حتى بعد هروبها معه من وطنهما "السعيد" أو تقصير ارتفاع مئذنة مسجد للطائفة "القديانية" التي تعتبر خارجة على الدين الإسلامي وعلى التعاليم الإسلامية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة 

back to top