إن هذه الممارسات النيابية السيئة تعتبر تعديا على الدستور الذي أقسم الأعضاء على احترامه وحمايته، وفي حالة استمرارها فإنها ستفتح الباب للمزيد من الانتهاكات الدستورية، لذا فإنه لا بد من أن يكون هناك وقفة جادة من قبل الأعضاء الحريصين على الدستور وعلى تطوير الممارسة البرلمانية.

Ad

هناك بعض الممارسات النيابية غير الدستورية التي إن استمرت فإنها ستسيء إلى العمل البرلماني ككل، ناهيك عن أنها تمثل انتهاكا صارخا للدستور الذي يقسم النواب عادة على احترامه وحمايته، ومن أبرز هذه الممارسات النيابية المعيبة التي تكررت في الفصل التشريعي الجديد محاولة بعض الأعضاء الالتفاف على الدستور عندما قاموا بإضافة عبارات جديدة على القسم الدستوري، وهو ما يعني عدم اعتراف هؤلاء الأعضاء بالدستور ومحاولة الالتفاف عليه وتفريغه من محتواه.

على أنه من الملفت للنظر أن من قام بذلك من الأعضاء هم من المنتمين في الأساس إلى الجماعة السلفية التي كانت في السابق لا تؤمن بالديمقراطية وتعتبر المشاركة في الانتخابات العامة، سواء الترشيح أو الانتخاب، نوعا من أنواع الكفر! وهنا فإننا نتساءل: ترى هل لايزال هذا هو الرأي الحقيقي للجماعة السلفية تجاه الديمقراطية؟ وبما أن رئيس الجلسة الافتتاحية كان أحد الأعضاء الذين قاموا بإضافة عبارات جديدة للقسم الدستوري وهو ما يعني عدم دستورية قسمه، فهل تعتبر الجلسة الافتتاحية وما ترتب علىها باطلا من الناحية الدستورية؟

وفي السياق ذاته فإن قيام بعض أعضاء مجلس الأمة بانتقاد زملائهم الأعضاء لمجرد أنهم يستخدمون حقوقهم الدستورية يعتبر أيضا ممارسة برلمانية معيبة تدل على عدم الالتزام بالدستور واللائحة الداخلية للمجلس، فقد لوحظ مثلا أن بعض الأعضاء يهاجم بعض زملائه لمجرد أنه قد أعلن نيته استخدام صلاحياته الدستورية في تقديم استجواب لأحد الوزراء، ويدفع بعدم دستورية هذا الاستجواب بالرغم من أنه لم يقدم بعد ولم يطلع على محتواه، فبناء على أي أساس كوّن رأيه؟ أليس من المفروض، دستوريا، على أي عضو أن يدعم حق زملائه في ممارسة حقوقهم الدستورية كتقديم الاستجواب مثلا مع احتفاظه بحقه في معارضة هذا الاستجواب أو تأييده بعد الاطلاع على صحيفته والاستماع لردود الوزير المعني؟

من ناحية أخرى فإنه من الملاحظ أيضا طغيان الاعتبارات الشخصية والفردية على العمل البرلماني، فبعض الأعضاء يمارس العمل البرلماني وكأنه لايزال مرشحا ينافس مرشحين آخرين في الدائرة الانتخابية نفسها، وبعضهم الآخر وصل إلى المجلس حاملا معه المخلفات السلبية لحملته الانتخابية لاسيما تجاه بعض زملائه النواب، لذا تراه يتصرف معهم على هذا الأساس مما سيشكل عائقا في سبيل تحقيق أي تعاون جماعي يتطلبه العمل البرلماني.

أخيرا فإن هذه الممارسات النيابية السيئة تعتبر تعديا على الدستور الذي أقسم الأعضاء على احترامه وحمايته، وفي حالة استمرارها فإنها ستفتح الباب للمزيد من الانتهاكات الدستورية، لذا فإنه لا بد من أن يكون هناك وقفة جادة من قبل الأعضاء الحريصين على الدستور وعلى تطوير الممارسة البرلمانية لمنع هذه الممارسات السلبية من خلال الإصرار على تطبيق الدستور واللائحة الداخلية للمجلس، علاوة على تعديل بعض القوانين السارية والدفع بمشاريع قوانين جديدة تعيد الاعتبار للعمل السياسي وتنظم الحياة السياسية حتى لا تطغى الاعتبارات الفردية على العمل السياسي والبرلماني كما هو حاصل الآن. فهل سنرى قريبا مبادرة تجديد ديمقراطي مستحقة؟ نأمل ذلك.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء