تتكرر المصادمات بين قوات الأمن وعناصر "الحراك الجنوبي" وغالباً ما ينجم عنها ضحايا من الجانبين، في استمرار لدوامة الأزمات تنهك بالبلد الفقير، كان آخرها مقتل شخصين على الأقل في مديرية ردفان بمحافظة لحج، وتفجير قنبلة عند باب مركز للشرطة فرّ على إثره ما يزيد على 30 شخصاً كانوا اقتيدوا من تظاهرة غير مرخصة حسب قول السلطات الرسمية في مدينة الضالع. وها هو الشيخ طارق الفضلي في مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، يخرج عن التزامه بالهدنة التي أبرمتها السلطة معه رداً على "اعتداء قوات حكومية" على منزله أواخر الأسبوع المنصرم، حسب بيان متلفز له بث الخميس الماضي.

Ad

وأكد مسؤولون وسكان محليون في محافظتي الضالع ولحج أن قوات أمنية وعسكرية تنتشر بكثافة على مداخل مدن المحافظتين، لكن ذلك لم يحل دون خروج تظاهرات أسبوعية على الأقل ترفع صور الرجل الأول في الجنوب سابقاً علي سالم البيض، وعلم الشطر الجنوبي وتطالب بالإفراج عن المعتقلين و"فك الارتباط " بحكومة صنعاء. وقد يخرج المتظاهرون أسبوعياً في ما أسموه بـ"يوم المعتقل"، وهو يوم الخميس من كل أسبوع.

ظهور «الحراك»

تجمع القوى السياسية وباعتراف سلطة صنعاء على أن حرب صيف 1994 أحدثت تصدعات عميقة في جدار الوحدة الطري. ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب وانفراد صنعاء بحكم دولة ما بعد 94، كما يؤكد رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان د. عيدروس النقيب في حديثه لـ"الجريدة" عن إرهاصات ظهور الحراك. ويقول إن "السلطة لم تقم بما كان يتوجب عليها القيام به لحل المشاكل الناجمة عن الحرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب والإقصاء والاستبعاد والتسلط".

في حين يردد مواطنون من الجنوب أن السلطة إلى جانب تسريح عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994، قد أطلقت يد الفاسدين والنافذين لنهب أراضي الجنوب وبيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن الحكومة تقول إنها نفذت برنامجاً لإعادة المسرحين إلى أعمالهم، وصرفت مليارات الريالات كتعويضات لهم خلال السنوات الثلاث الماضية، كما أنها نفذت برنامجاً لـ"خصخصة القطاع العام" في الشمال والجنوب. ويرى الجنوبيون في تعامل السلطة مع مظاهرهم الاحتجاجية بالاعتقالات المتكررة مبرراً يتجدد كل يوم لمواصلة نضالهم.

خلال السنوات اللاحقة للحرب عبر الجنوبيون بوسائل متعددة عن رفضهم لإجراءات حكومة صنعاء، بينما ثابر الحزب الاشتراكي الذي خرج من السلطة بعد هزيمة قواته العسكرية على الدعوة لإزالة آثار حرب 1994، لكن مسؤولي الحزب قالوا في أكثر من مناسبة إن مطالبهم لم تستجب.

ظهرت عام 1997 أول محاولة جنوبية علنية للتعبير عن الرفض، إذ أعلن في عدد من المحافظات تشكيل ما سُمي وقتها بـ"اللجان الشعبية"، لكنها ووجهت بحملة اعتقالات أخمدتها في المهد. تلاها في عام 2002 الحديث عما سمي بـ"ملتقى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية"، وكان متبنوه هذه المرة بعض المنشقين من حلفاء الرئيس صالح في حرب 1994، وهم جنوبيون نزحوا بعد حرب 1986 الأهلية في عدن.

إلا أن الملتقى المذكور أعلن رسمياً في ديسمبر 2003 برئاسة العميد علي القفيش رئيس "هيئة رعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة"، وذلك من خلال رسالة وجهها إلى رئيس الجمهورية، تضمنت عدداً من القضايا، اعتبرت "نماذج تمثل جزءاً يسيراً من إجمالي معاناة أبناء هذه المحافظات". واشتملت تلك الرسالة على "المطالبة بالفرص المتساوية بين مواطني المحافظات الشمالية والجنوبية في جهازي الدولة المدني والعسكري، وإعطاء صلاحيات أوسع للمجالس المحلية في المحافظات الجنوبية، وإيقاف عمليات الإبعاد والتغيير والتهميش لأبناء المحافظات الجنوبية". كما طالبت الرسالة

بـ"التوزيع العادل للأراضي وإيقاف السطو عليها".

الملتقى ضم في عضويته برلمانيين ووزراء سابقين وشخصيات اجتماعية وسياسية تنتمي إلى المحافظات الجنوبية، وجاءت مبادرة إنشائه من عدد من أعضاء مجلس النواب، الذين يمثلون دوائر انتخابية في المحافظات الجنوبية والشرقية.

وبحسب الباحث السياسي سعيد ثابت، فقد كان تشكيل الملتقى بمنزلة رد على إعلان الحكومة عزمها إحالة ما يقرب من عشرين ألفاً في الجهاز العسكري إلى التقاعد، معظمهم من المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى ما قيل وقتها عن خلافات بين الرئيس صالح ونائبه الجنوبي عبدربه منصور هادي وقيام الأول بتقليص صلاحيات نائبه المالية، والتي ترافقت مع عودة عضو مجلس الرئاسة السابق عن الحزب الاشتراكي سالم صالح محمد برفقة الرئيس صالح من دولة الإمارات العربية المتحدة بعد لجوئه إليها عقب حرب صيف 1994.

انطلاق الفعاليات

ويضع الكثير من المراقبين السياسيين ما حدث في جمعية ردفان الاجتماعية الخيرية كبداية أولى لانطلاق مسيرة "الحراك الجنوبي"، حيث احتشد في تاريخ 15 يناير 2006 مئات المتقاعدين العسكريين من مختلف المحافظات الجنوبية في ملتقى خصص لإزالة آثار صراع 13 يناير 1986 بين عناصر الحزب الاشتراكي. وهذا الصراع كانت أحداثه دارت في محافظة عدن وأدى الى عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين. واعتبرت السلطات اليمنية مشاركة القيادي في "حركة تاج" السفير السابق للجمهورية اليمنية في سورية وقائد القوات البحرية في تلك الفعالية عام 2006، وإلقائه كلمة عبر الهاتف، عملاً تخريبياً نجم عنه سحب ترخيص جمعية "ردفان" وإغلاق مقرها.

تأسيس "ملتقى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية" كان له أهمية كبيرة تمثلت بكونه البذرة الأولى في سلسلة الفعاليات والاحتجاجات التي تعبر عن اعتراض مجموعة جنوبية كانت محسوبة على السلطة لا على الحزب الاشتراكي، إلا أن السلطة حاولت احتواء تلك العناصر لكنها فشلت في إيجاد معالجات حقيقية لمطالب الملتقى، الأمر الذي سمح بعدها لأطراف جنوبية أخرى باللجوء إلى نفس الآلية، لكن هذه المرة كانت  جماعات من خارج السلطة.

إثر ذلك، انطلقت الفعاليات الاحتجاجية على شكل مجموعة من المراسلات مع مكتب رئاسة الجمهورية، من قبل جمعية المتقاعدين العسكريين، والتي تضم في عضويتها عدداً من العسكريين المبعدين عن أعمالهم. وضمنت تلك المراسلات مجموعة من المطالب الحقوقية لخصها

لـ"الجريدة" رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في مجلس النواب د. عيدروس النقيب لكونها تتعلق بالعودة إلى العمل، والحصول على الترقية والتعويض عن سنوات الإبعاد الإجباري عن الوظيفة، ومطالب تتصل بالحقوق المادية التي يحصل عليها ضباط الجيش والأمن من إعاشة ووسائل نقل ووقود وصيانة وأجرة سكن وسواها، بالإضافة إلى مطالب تتصل بالحقوق المستولى عليها وتخص الأراضي التي اشتراها الضباط والجنود قبل الحرب من خلال جمعياتهم السكنية وجرى نهبها بعد الحرب.

وفي 17 مايو 2007، استطاع المتقاعدون العسكريون والمدنيون في محافظات الضالع ولحج وابين وعدن وشبوة وحضرموت، تكوين وإشهار أول كيان تنظيمي يوحد فصائل الحراك في كيان واحد هو "جمعية المتقاعدين العسكريين"، كما تم انتخاب العميد قاسم عثمان أحمد الداعري رئيساً، والعميد صالح قائد راجح نائباً للرئيس.

وتأسست بعد ذلك عدة هيئات للحراك السلمي، أبرزها المجلس الأعلى لاستعادة دولة الجنوب برئاسة حسن باعوم، ويتلقى هذا المجلس دعمه من معارضة الخارج ممثلة بـ"حركة تاج" الموجودة في بريطانيا. كما أعلن تأسيس "الهيئة الوطنية لاستقلال الجنوب" برئاسة ناصر النوبة، الذي شغل موقع رئيس جمعية المتقاعدين العسكريين في بداية تشكيلها. كما تشكلت ما عرف بـ"حركة نجاح" التي يرأسها البرلماني الاشتراكي صلاح الشنفرة، ومن قياداتها ناصر الخبجي وعبده المعطري، والأخير هو الناطق الرسمي باسم فصائل "الحراك".

وأخذ الحراك بهيئاته المختلفة يصبح أكثر تشدداً في سقف مطالباته، إذ انتقل من مرحلة المطالب الحقوقية الى مرحلة المطالبة بالانفصال وفك الارتباط وتحديد المصير، والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990 (تاريخ إعلان الوحدة).

علي سيف حسن، الأمين العام السابق للتنظيم الوحدوي الناصري، وعضو اللجنة المركزية للتنظيم، وأحد أبناء محافظة الضالع، قال إن "لجوء قيادات عسكرية وأعضاء مجلس نواب من أبناء الجنوب إلى تشكيل مثل هذه الملتقيات جاء بعد يأسهم من إمكان تحقيق مطالب مواطني دوائرهم أو من خلال أجهزة السلطة التنفيذية والخدمية". ودافع حسن عن خلفية نشوء الملتقى الجنوبي الذي "يمارس ضغطاً اجتماعياً مشروعاً من أجل تلبية مطالب شعبية"، معتبراً أنه لا يشكل أي خطر على وحدة اليمن.

ردود الفعل

في المرحلة الأولى من الاحتجاجات كانت السلطات ترتكب أخطاء فادحة وفق مراقبين، فقد وصفت المحتجين بـ"الانفصاليين" رغم أنهم كانوا يرفعون مطالب حقوقية، وقللت من شأن تلك المطالب قبل أن تعود للاعتراف ضمنياً بأن هناك أخطاء وأعلنت تشكيل لجان لمعالجة مشاكل من قالت إنهم "منقطعون" عن أعمالهم، تلاها تشكيل عدد من اللجان الرئاسية والبرلمانية.

ومن بين ما لا يقل عن أربع لجان رئاسية، اشتهرت لجنة مكونة من أربعة وزراء، خاصة بملف الأراضي في عدد من المحافظات الجنوبية. ورفعت هذه اللجنة تقريرها نهاية عام 2007 لرئيس الجمهورية مطالبة باتخاذ إجراءات صارمة ضد 15 مسؤولاً مدنياً وعسكرياً قالت إنهم ينهبون أراضي واسعة في بعض المحافظات الجنوبية.

 يقول النائب علي العمراني، وهو عضو في الكتلة النيابية لـ"حزب المؤتمر" الحاكم، ورئيس لجنة برلمانية لتقصي للحقائق في مقتل مواطنين في منطقة ردفان بمحافظة لحج: "حاولنا وضع قراءة أكثر شمولية للاحتقانات الموجودة ورفعنا تقريراً مفصلاً للمجلس بشأن الواقعة التي أودت بـ3 أشخاص كانوا يشاركون في مهرجان احتجاجي بالمنطقة في أكتوبر 2007، وأوصينا بإحالة الجنود المتهمين بإرداء الناشطين الثلاثة إلى المحاكمة، وإعادة كل الأراضي المنهوبة وتلك التي صرفت بأوامر من الحكومة إلى نافذين بما فيها الأراضي ذات الملكية العامة، وسرعة محاكمة جميع من ثبت تورطهم في قضايا فساد ونهب من المسؤولين وأقاربهم".

 وكما تمّ التحفظ على تقرير اللجنة الوزارية في رئاسة الجمهورية، يبدو أن هذا التقرير أيضاً تاه في أدراج رئاسة مجلس النواب، الأمر الذي دفع العمراني إلى القول إن "المؤسسات في البلاد لا تعمل بشكل صحيح".

مصالح شخصية

وقال نائب محافظة عدن وأمين عام المجلس المحلي عبدالكريم شائف إن عناصر الحراك "لا تحمل مشروعاً مطلبياً وحقوقياً بقدر ما هو مشروع سياسي، وعندما فقدوا مصالحهم يريدون الآن استعادة الكراسي، مستغلين الظروف التي تمر بها البلاد". ورأى أن "الوحدة ليست قضية ألف شخص –يقبلون أو يرفضون- بل قضية الشعب اليمني كله، والكثير من المعالجات الرسمية مستمر وحلت ما نسبته 95 في المئة من مشاكل الأراضي في محافظة عدن على سبيل المثال".

ويوافقه في الرأي مدير عام مصلحة الأراضي في محافظة عدن شيخ سالم بانافع، الذي يرى أن قيادات الحراك "اتخذت من قضية الأراضي ذريعة لتبرير مطالبهم، إلا أنهم هم من ظلموا ونهبوا الناس حقوقهم وأمموها في عهد الحزب واستولوا عليها بعد الوحدة".

 ولا يستبعد المحامي شيخ طارق أن يقف وراء المغالاة بالمطالب باتجاه الانفصال من قبل بعض قيادات الحراك، فقدان مصالح شخصية لتلك الزعامات، علماً بأنه يستبعد مسألة الانفصال، لأنه "يؤمن أن أي انفصال لن يكون في مصلحة المواطنين". ويعتقد أن "المطالبة بالانفصال ستؤدي إلى أزمة أكبر مما كانت عليه في الماضي أو في الحاضر لأبناء الجنوب".

وإن أجمعت فصائل الحراك على هدف "فك الارتباط" واختلفت وسائل التعبير والضغط، إلا أن مواطنين في عدن وعدد من مدن الجنوب استطلعت آراؤهم لا يرون أن هؤلاء يمثلون أبناء الجنوب –وأنهم أصحاب مشروع سياسي وكل ما يقومون به يخدم في المقام الأول أهدافهم الشخصية، وإن كان ظاهر الهدف حقوقياً.

المعالجات

يقول تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، إن الحكومة اليمنية كانت "تزعم علانية أنها مستعدة للاستماع إلى مظالم الجنوب"، في حين أن "قواتها الأمنية ردت على الاحتجاجات باستخدام القوة. وكثيراً ما لجأ المتظاهرون إلى العنف، فأحرقوا السيارات وألقوا الحجارة، وكان هذا عادة رداً على عنف الشرطة".

وإلى جانب الإجراءات الأمنية والاعتقالات الواسعة التي انتهجتها السلطة ضد عناصر الحراك، تحدثت تقارير صحافية محلية عن إنفاق ملايين الدولارات خلال عام 2008 فقط، لاحتواء وجاهات اجتماعية وقيادات ميدانية بهدف محاصرة المد المتنامي للحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية. ويؤكد ذلك أحمد طلان، عضو مجلس محلي سابق في محافظة شبوة الجنوبية، والذي يقول ان السلطة "وزعت الكثير من الأموال وصرفت مئات السيارات لشراء ذمم كثيرين، كما قامت باحتواء آخرين بتعيينهم في مواقع في السلطة المحلية".

وكانت السلطات المحلية في مثلث الحراك الساخن (ابين ولحج والضالع) سعت إلى عزل قيادات الحراك في مناطق ريفية نائية، كما أنها قطعت وسائل الاتصال الهاتفي لأسابيع عدة، قبل إعادة تشغيل بعض شبكات المحمول مطلع الشهر الجاري.

ويعترف رئيس كتلة "الحزب الاشتراكي" د. عيدروس النقيب، وهو ممثل عن إحدى دوائر محافظة لحج الجنوبية، بأن هناك الآلاف من المتقاعدين أعيدوا إلى أعمالهم، وتمت تسوية الوضع المالي للبعض منهم، إلا أنه يستدرك: "لقد تم ذلك حقاً غير أنهم أعيدوا مجدداً إلى منازلهم. فقد عين بعضهم مستشارين ووضع آخرون في مكاتب دون عمل، فاضطروا إلى العودة إلى المنازل ويتقاضون رواتبهم آخر الشهر".

جذر المشكلة

رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) عبدالرحمن الجفري، الذي عين نائباً لعلي سالم البيض حين أعلن الانفصال عام 1994، وعاد في 2006 من السعودية حيث أقام منذ غادر البلاد عقب الحرب، لمساندة الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية، قال في حوار مطول مع "الجريدة" إن أصل المشكلة يكمن في سوء قراءة الأحداث وسوء تقدير ما يجري في البلاد من قبل النخبة الحاكمة، محملاً المسؤولية على كل الأطياف السياسية.

إلى ذلك، يجزم النقيب بأن جذر القضية هو سياسي بامتياز "مع انه لو تمت معالجة الحقوق المطلبية لما تطورت إلى المطالب السياسية الراهنة"، مضيفاً: "علينا أن نتذكر أن هناك دولتين اتحدتا وإحداهما أقصت الأخرى بحرب".

تفتقد السلطة الحاكمة في اليمن إلى رؤية للتعامل مع المشكلة الجنوبية والمشاكل الوطنية عموماً، حسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء د. محمد الظاهري، الذي يقول ان "ثقافة النخبة الحاكمة في اليمن لا تعترف بوجود مشكلات وأزمات". ويتفق معه رئيس اتحاد نقابات العمال في عدن، عثمان كاكو بقوله إن "الخطاب السياسي خطاب ملتف، لا يتناول الواقع بثقافة الاعتراف ويعوم الأحداث، كما يعوم الريال اليمني في السوق"، مشيراً إلى التدهور المتسارع لقيمة الريال مقابل الدولار الأميركي.

تواريخ أساسية

• 15 يناير 2006: تجمع مئات المتقاعدين العسكريين من مختلف المحافظات الجنوبية في ملتقى "التسامح والتصالح" (مهرجان خطابي) خُصص لإزالة آثار صراع 13 يناير 1986، الذي دارت أحداثه في محافظة عدن، وكان ضحاياه الآلاف من كوادر الحزب الاشتراكي في الصراع الذي تفجر بين قيادات الحزب.

• 23 مارس 2007: دشنت "جمعية المتقاعدين العسكريين" أول نشاط احتجاجي في مدينة الضالع، وفي 7 يوليو من العام نفسه، نفذ أعضاء الجمعية في المحافظات أول فعالية مشتركة في مدينة عدن.

• أبريل 2009: وقع ما يشبه المفاجأة، فقد أعلن الشيخ طارق الفضلي الانضمام الى "الحراك الجنوبي".

• بحسب إحصائية للمرصد اليمني لحقوق الإنسان، فقد قتل في فعاليات الحراك منذ بدايته في يوليو 2007 حتى نهاية 2009 نحو 60 شخصاً، وجرح قرابة خمسمئة آخرين بدرجات متفاوتة. ويعتقد أن  العشرات من عناصر الشرطة والجيش قتلوا وجرحوا في صدامات مع المحتجين أو سقطوا في هجمات انتقامية.

أربعة فصائل رئيسية

يتكون "الحراك الجنوبي" من أربعة فصائل رئيسية هي:

1- المجلس الأعلى لتحرير الجنوب، برئاسة حسن باعوم، وهو قيادي سابق في الحزب الاشتراكي.

2- الهيئة الوطنية للاستقلال، برئاسة ناصر النوبة، وهو عميد متقاعد في الجيش.

3- الهيئة الوطنية للنضال السلمي، ويرأسها صالح يحيى، وهو أستاذ جامعي وناشط سياسي سابق في صفوف الحزب الاشتراكي.

4- المجلس الأعلى للحراك السلمي الجنوبي، يقوده صلاح الشنفرة، وهو نائب في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي، وتطارده السلطات، ويضم هذا الفصيل معظم القيادات المعروفة في الحراك، وهو الأكثر نفوذا في الساحة الجنوبية، وكان قد اختار علي سالم البيض رئيسا له.

ورغم ذلك فالمسميات نسبية، وفي كل مرة تظهر جماعة وتختفي أخرى تحت مسميات متعددة.

في الحلقة الثالثة

يتواصل الحديث في الحلقة الثالثة، عن ظاهرة "الحراك الجنوبي" وعن المنهجية التي يتبعها في التعبير عن مطالب عناصره سواء كانت حقوقية أو سياسية، ويتم التركيز على مطالب بمشكلة الأراضي في عدن. كما يتم التطرق إلى مستقبل "الحراك" في جنوب اليمن.