عقد من السينما: كشف حساب (1)

نشر في 05-03-2010
آخر تحديث 05-03-2010 | 00:00
 محمد بدر الدين تزامنت نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مع قرب نهاية ظاهرة استمرت عشر سنوات، هي في اعتقادنا أهم ظاهرة شهدتها السينما المصرية، ونعني سيطرة نوعية واحدة من الأفلام على الإنتاج السينمائي المصري إلى حدّ الانفراد أحياناً أو الاستئثار غالباً، هي الفيلم الفكاهي الخفيف.

نحاول هنا اختيار الكلمات بدقة، فلا نقول «الفيلم الكوميدي» لأن قلّة من أفلام هذه الظاهرة تنتمي إلى الكوميديا بمعناها الصحيح. وما زاد على أهمية الظاهرة أنها غير مسبوقة في تاريخ السينما المصرية، على امتداد مراحلها وعراقتها، ولا نعرف أن ثمة مثيلاً أو شبيهاً لها في أي سينما في العالم!

الغريب أن ظاهرة أخرى تزامنت وتداخلت مع هذه الظاهرة، لا تقلّ وضوحاً ومدعاة للتأمل والتناول والتفسير، وهي ما قد نطلق عليه انفجار الوجوه الجديدة في السينما المصرية (أو ثورة الوجوه الجديدة) التي صعدت فجأة إلى مراكز البطولة وتوارى مع صعودها النجوم الذين كانوا يتربعون على عرش البطولة أزمنة طويلة، فوقع بعضهم في الأسى واستسلم البعض الآخر وقلة تفهمت الوضع. ثمة إذاً ظاهرتان متلاحمتان، حلقتا بجناحين كبيرين فوق صناعة السينما المصرية في العقد الأول من الألفية الثالثة.

بدأت الإشارة أو العلامة الأولى للتحوّل عام 1997، بالنجاح الذي شهده فيلم «إسماعيلية رايح جاي» والإقبال عليه الذي فاق أي توقع، حتى بالنسبة إلى منتجي الفيلم وموزعيه وأبطاله، الذين قدموه كفيلم بسيط ليس فيه أي جهد فني أو حرفي لافت.

أراد بطله، المغني محمد فؤاد أن يقدّم فيه مشاهد من حكاية صعوده الحقيقية إلى بريق «أهل المغنى» المعروفين، والمعاناة التي عاشها من الارتحال من بلدته الإسماعيلية إلى القاهرة، والمساعدة التي تلقاها من الممثل عزت أبو عوف الذي كان يقود فرقة غنائية في ذلك الوقت، وهو بنفسه يظهر في الفيلم ليؤدي دوره الحقيقي.

إلى جانب فؤاد ظهر محمد هنيدي، الممثل الذي سبق أن ظهر في أدوار قصيرة أو عابرة في السينما والمسرح والتلفزيون، لكنه في «إسماعيلية رايح جاي» يؤدي المشاهد بحضور وتلقائية وظرف ويغني فتدوي الضحكات وتنتشر الأغنية الفكاهية الكاريكاتورية في كل مكان.

هل يرجع نجاح الفيلم إلى أن فؤاد قدّم قصة بسيطة من دون حذلقة تحمل وقائع من مشواره الفني أم لأن الجمهور اشتاق إلى فيلم غنائي ونجم مطرب في السينما بعد انقطاع طويل للسينما الغنائية بعد عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش؟ هل شعر الجمهور بميلاد نجم كوميدي ما زالت قدرته على الإضحاك وتعابيره و{لوازمه» طازجة؟

الإجابة: هذه الأسباب مجتمعة، إضافة إلى شوق الجمهور إلى وجوه جديدة تمثل وتغني أو تضحكه. وقد لفت هذا الواقع هنيدي نفسه، فوجد أن الوقت حان لأداء بطولة فيلم كوميدي، فكان «صعيدي في الجامعة الأمريكية»، إخراج سعيد حامد.

لم يخيب الجمهور ظنّ الممثل الكوميدي الصاعد، ولقي فيلم هنيدي نجاحاً واسعاً، فتح الباب على مصراعيه أمام زملائه الشباب من الواعدين، على غرار علاء ولي الدين وأشرف عبد الباقي الذين كانوا ينتظرون منذ سنوات فرصة أداء دور لافت أكثر تأثيراً.

back to top