أخبر الجنرال في الجيش ديفيد بتريوس إحدى لجان مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي أن العالم لن يواجه "خلال روزنامة هذه السنة" دولة إيرانية تتمتع بمقدرات نووية. توخى بتريوس الحذر في كلامه: يتوقع معظم الخبراء اليوم أن إيران تحتاج إلى 18 شهراً تقريباً للانتهاء من تطوير سلاح نووي وصاروخ يحمله.

Ad

تباطأت مسيرة إيران نحو القنبلة بسبب عوامل عدة، منها المشاكل التقنية، وافتضاح أمر منشآتها السرية، وتعطل المعدات (أحياناً بسبب عيوب أحدثتها في المعدات وكالات الاستخبارات الغربية)، لكن التقدم نحو القنبلة مازال متواصلاً، إذ أخفقت العقوبات والمفاوضات والاضطرابات الداخلية في وقفه.

لايزال هدف إدارة أوباما منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، لكن على غرار الكثير من طموحات الرئيس الأميركي التي تستحق العناء، قد يكون هذا الهدف بعيد المنال. تعمل الإدارة بدأب على فرض عقوبات اقتصادية أكثر تشدداً على إيران، لكن حتى مؤيدو هذه المقاربة لا يعدون بأنها ستؤدي إلى نتائج فورية. أما خيار تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران فيواجه معارضة قوية من فريق مهم، الجيش الأميركي. فلا يود الجيش إضافة حرب ثالثة إلى الحربين اللتين يخوضهما راهناً. وكما أشار وزير الدفاع روبرت غيتس مراراً، إلى أن الضربة العسكرية لن تمنع إيران من تطوير سلاح نووي، بل ستؤجله فحسب.  

نتيجة لذلك، يتحدث خبراء الأمن القومي من كلا الحزبين بصراحة أكبر عما سيحدث تالياً: فكيف يلزم التصرف عندما يحصل الإيرانيون على سلاح نووي؟

لا شك أن دولةً إيرانيةً تملك قنبلة نووية أو اثنتين تطوُّر سيئ، حسبما يفكرون، إلا أن هذه ليست نهاية العالم، وكما ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، الشهر الماضي، "حتى لو طوّر الإيرانيون قنبلة، لا أعتقد أنهم سيلقونها في الحال على إحدى الدول المجاورة. فهم يعون تماماً ما سيحدث بعد هذه الخطوة. قد يكونون متشددين، إلا أنهم ليسوا مجانين". وتابع باراك قائلاً إن دولةً إيرانيةً نوويةً "مرفوضةٌ" لأنها تعزز مكانة نظام طهران كقوة إقليمية وتزيد من خطر انتشار التكنولوجيا النووية. بيد أن الإسرائيليين يفكرون أيضاً في ما يلزم فعله في حال أصبح ما يرفضونه واقعاً ملموساً.

يذكر الصقور، بمن فيهم حاكمة ألاسكا السابقة ساره بالين، أن الضربة العسكرية هي الخيار الوحيد المتبقي، لكن عدداً متزايداً من السياسيين، بمن فيهم وزير الخارجية السابق جيمس بيكر الثالث ومستشار الأمن القومي السابق زبيغنيو بريجينسكي، يحذّر من ضربة عسكرية على إيران تنفذها الولايات المتحدة أو إسرائيل. فستؤدي الضربة العسكرية في رأيهم إلى الفوضى وستقوّي نظامها المتشدد. كذلك لن تحول هذه الضربة دون تطوير طهران في النهاية سلاحاً نووياً.

وكما قال الأسبوع الماضي بروس ريدل، موظف مخضرم عمل طوال 29 سنة في وكالة الاستخبارات المركزية وتولى مراجعة إدارة أوباما الأولى لسياسة الولايات المتحدة في أفغانستان، "يشكّل ضرب إيران خياراً سيئاً بالفعل".

كذلك حذر ريدل من أن ضربة جوية دقيقة ضد منشآت إيران النووية ستفجر صراعاً أكثر اتساعاً في الخليج العربي والمنطقة، وذكر ريدل: "لا شك أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى هذه الحرب في الوقت الراهن. فسيكون لهذه الحرب انعكاسات كارثية على الحربين اللتين نخوضهما راهناً في [أفغانستان والعراق]. كذلك ستُشعل فتيل حرب رابعة، حرب بين إيران وإسرائيل".

إذن، ما الذي علينا فعله بدلاً من ذلك؟ فيما تحاول الولايات المتحدة منع إيران من تطوير القنبلة، عليها أيضاً تبني خيار لطالما اختبرته، الاحتواء. لا يعني الاحتواء الاستسلام والقبول بدولة إيرانية نووية، على العكس، يعني العملَ على جبهات عدة لحرمان إيران من أي مكاسب تأمل تحقيقها من تطوير أسلحة نووية.

ويعني الاحتواء أيضاً تعزيز العقوبات على إيران بغية رفع كلفة امتلاكها أسلحة نووية. كذلك يعني تزويد إسرائيل والمملكة العربية السعودية وغيرهما من الدول التي قد تهددها إيران بمظلة دفاع أميركية أكثر وضوحاً. ويعني دوراً أميركياً أكثر فاعلية في المنطقة، بخلاف ما تتمناه إيران حسبما يُفترض. ويعني أيضاً مواصلة الطلب من إيران أن تُجمّد برنامجها النووي لتلغيه في النهاية، وإن طورت أسلحة نووية فعلية.

حتى لو لم تكن إدارة أوباما مستعدة لتقبل أن إيران ستصبح قوة نووية، فقد بدأت بتنفيذ هذه الخطوات ووضع أسس الاحتواء.

يطرح ريدل نقطة أخرى مثيرة للجدل، فيوضح أن على الرئيس أوباما سحب الخيار العسكري عن الطاولة ورفض أي نية في مهاجمة إيران لأن ذلك في نظره يعيق سياسة الاحتواء الفاعلة. يقول ريدل: "يصعب هذا الخيار على الكثير من الدول الأخرى الانضمام إلى الولايات المتحدة".

ولكن بما أن أوباما ومساعديه تعهدوا مراراً بإبقاء الخيار العسكري على الطاولة، يبدو من المستبعد أن يقبلوا بالتخلي عنه.

يبقى الأهم ألا يسمح أوباما للصيغ السابقة بأن تكبّل يداه، وإذا كان غيتس محقاً في قوله إن الهجوم العسكري على إيران فكرة سيئة، يكون الوقت قد حان للتحدث عن بدائل.

في عام 2003، شنت الولايات المتحدة حرباً على العراق من دون مناقشة معمّقة للخيار البديل، الاحتواء. وكما هي الحال اليوم، اعتبر الصقور آنذاك أن العمل العسكري الخيار الوحيد المتبقي. لذلك علينا اليوم، قبل أن نهرع إلى الحرب، أن نتفحص هذا الادعاء بدقة أكبر.

* دويل ماكمانوس | Doyle McManus