قدَّمت د. فاطمة المعدول ورقة بحثية تمحورت حول الإنترنت والحياة الافتراضية، متناولة موضوع ثورة الاتصالات في القرن العشرين وصولاً إلى الثورة الكبرى وهي الإنترنت، مشيرةً إلى أن الثقافة العربية والمحلية المنتشرة على كل القنوات التلفزيونية، ما هي إلا وسيلة لربط المشاهد سواء كان شاباً صغيراً أو يافعاً بالواقع الذي يعيش فيه. وفي ما يتعلّق بالمدى الزمني لانطلاق الأجيال الجديدة، أكدت الباحثة أن أواخر القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، كانت الأنسب لتعبّر هذه الأجيال عن رؤيتها وقدرتها وتفاعلها مع التجريب، موضحة أن الفترة المُشار إليها شهدت تفجر ثورة الاتصالات وتطور ألعaاب الفيديو وانتشار شبكة المعلومات العالمية الإنترنت، كما أن الأجيال الناشئة هي الأقدر والأسرع على ولوج الفضاء الخارجي، لما تشعر به من ثقة بالنفس وتحقيق للذات، بعيداً عن كل القيود التي تفرضها الأسرة أو الدولة والمجتمع.

Ad

واستطردت الباحثة متحدثة عن بداية انطلاق ألعاب الفيديو في الغرب وأنواعها، كما تحدثت عن آثارها الإيجابية والسلبية على حد سواء.

وفي الختام، أشارت المعدول إلى أن معظم الأبحاث أكدت مدى خطورة هذه الألعاب على الشباب والأطفال في الغرب، وهم من أنشأها، متسائلةً: ما مدى خطورتها على مجتمعاتنا، وما مدى تأثير هذه الأفكار التي لا تنبع من مجتمعاتنا ولا تحمل قيمنا ولا أفكارنا، مستهدفةً بذلك عقول أبنائنا لتعطلهم عن التفاعل الحقيقي مع ارض الواقع؟ بدوره، قدم أشرف أبواليزيد بحثاً بعنوان "المحتوى الثقافي العربي لبرامج الأطفال في القنوات التلفزيونية"، تطرق من خلاله إلى منظومة مقومات الثقافة العربية الواجب تضمينها في البرامج والأفلام والمواد "السمعبصرية" الموجهة إلى هذه الشريحة المتمثلة بالأطفال، متناولاً السلبيات والإيجابيات، إضافة إلى اللغة العامية الهجينة واللغة الأجنبية المهيمنة، مشيراً إلى ضرورة اعتماد اللغة العربية الفصحى لبرامج الأطفال وزيادة الحصة المخصصة للبرامج التي تعلمها، ومن بينها البرامج الثقافية للآداب العربية، مؤكداً أننا مازلنا نعاني عدم ملاءمة ما ينتج للأطفال في عالمنا العربي لمقتضيات الحاجات القيمية والعلمية والتربوية والفنية لأطفالنا، مشدداً على ضرورة مشاركة ممثلي الخبرات التربوية والفنون والتقنيات التكنولوجية لإنتاج برامج خاصة بفئات الأطفال المختلفة، عن طريق تحديد المراحل السنّية المختلفة ليصنف بها كل برنامج، مع وضع أهداف علمية ومجتمعية ودينية وشخصية ضمن محتوى البرامج.

وجاء بحث بلال بصل "الإنترنت والطفل"، مؤيداً التطور السريع في التكنولوجيا والإنترنت، إذ يعتبرهما الوسيلة الأحدث للتواصل، إضافة إلى كونهما حاجة ضرورية في حياتنا اليومية، لما لهما من انتشار كبير كالكمبيوتر المحمول والجوال، إضافة إلى الخدمات المجانية المنتشرة للإنترنت في المطارات ومحطات القطارات، موضحاً سلبيات وايجابيات استخدام الشبكة العنكبوتية. وقد تطرق المحاضر إلى مشروع عالم ذكي الإلكتروني الخاص بالأطفال، كما تحدث عن المشاكل والمعوقات التي تواجهه كالتمويل والدعم الإعلاني والاشتراكات، داعياً في نهاية حديثة كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، والشركات التجارية الضخمة، إلى التفكير جيداً في دعم مواقع الإنترنت البناءة، والثقافية والتربوية والترفيهية أيضاً.

الجلسة السادسة

جاءت الجلسة السادسة بعنوان «مستقبل ثقافة الطفل العربي في العصر الحديث»، وقد ترأستها د. كفاية رمضان وتناولت المحاضِرة نهى الدخان تجربتها الخاصة في مجلة العربي، وجاء البحث بعنوان «تجربتي في مجلة العربي الصغير» تطرقت من خلاله إلى أهم التحديات التي تواجه محرري مجلة العربي الصغير والمجلات العربية بشكل خاص ومجلات الأطفال العالمية بشكل عام، مستندةً إلى عنوان ندوة العربي "الثقافة الالكترونية"، مشيرةً إلى ندرة المواد المعرفية والعلمية مثل التاريخية والعلمية والبيئية، فهي بحسب ما جاءت به تعاني الضعف الواضح في مفهوم أدب الطفل في ما يكتب، ويبدو ذلك جلياً في المواد الأدبية غير القصصية، مؤكدةً أن اغلب المواد الموجهة إلى الطفل هي مجرد اختصار لما يكتب للكبار، وهي غالباً ما تسلم للناشر بصيغة سطحية غير جاذبة للطفل، إذ تنعدم فيها المتعة والفكرة غير مكترثين بالفئة العمرية الموجهة إليها المادة، مشيرةً إلى أن العمل في مجال تحرير مجلات الأطفال يخلق من المحرر ناقداً موضوعياً جداً ويلزم عليه ان يعاين كل كلمة بمجهر، ليتيقن أن تكون كل المفردات مفهومة لدى الطفل القارئ ليتمكن من قراءة الجمل بسلاسة.

تلا ذلك دراسة د. سهير عبدالفتاح "الإعداد لاستراتيجية تنمية لغة الطفل العربي"، تناولت من خلالها تجربتها الشخصية في مواجهة المشكلة، وهي عنوان ندوة العربي هذا العام "الثقافة العربية في ظل وسائط الاتصال الحديثة"، ابتداء من محافظتها على ثقافتها القومية خلال إقامتها في باريس، مشيرةً إلى أن الحفاظ على القومية في المهجر لا يمكن أن يكون مسؤولية فردية، إنما مسؤولية الحكومات والمنظمات العربية التي لا تؤدي واجبها في هذا المجال الحيوي، مشددة على ضرورية مواجهة وسائط الاتصال الحديثة مواجهة حاسمة، لأن العولمة واقع من الصعب الخروج منه فهي تطور تاريخي نتج عن تطورات وتفاعلات استمرت قرونا عديدة وعصورا متوالية، مشيرةً في نهاية حديثها إلى ضرورة البحث في مستقبل اللغة العربية، وان نضمن لأطفالنا أن يعرفوا لغتهم القومية معرفة جيدة ويعتبروها وسيلتهم الأولى لمعرفة العالم، واكتشاف الطبيعة، والاتصال بحضارة العصر وعلومه وبالأمم الأخرى.

أما د. عمار صفر، فقد تناول في ورقته "دمج التكنولوجيا في التعليم والتعليم الجامعي" موضوع دمج التكنولوجيا في التعليم، الذي بدوره طبق للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وكشف الستار عن نموذج مثالي في كيفية دمج التكنولوجيا في التعليم والتعلم، بهدف تحقيق الغايات والأهداف التربوية المنشودة، مبيناً الطريقة المثلى لدمج التكنولوجيا في التعليم والتعلم في محاولة للتعريف بالعلاقة بين المنهجية المتبعة في التدريس وبين التحصيل الدراسي (العلمي أو الأكاديمي) من ناحية، وكذلك مدى تأثيرها على دافعية المتعلمين من ناحية أخرى، كما تطرق إلى موضوع تقييم مشروع التدريب الإلكتروني في جامعة الكويت، للتعرف إلى ايجابياته وسلبياته.

المليفي: المدونات... فضفضة إلكترونية

أكد الكاتب الزميل إبراهيم المليفي في الجلسة الثالثة أن الثقافة العربية لم تكد تستفيق من دهشة الإنترنت، الذي حملها إلى آفاق أبعد على صعيد الانتشار والتواصل، حتى تلقت مؤخراً «هدية دسمة» وهي المدونات الشخصية، معرِّفاً المدونات بأنها صفحات إلكترونية تفاعلية مخصصة لكتابة الآراء والأفكار في المسائل العامة والخاصة، والبوح بما تحويه النفس من أفراح وأتراح، مضيفاً أنها فضفضة الكترونية عالية الإمكانات.

 هذا، وقد تناول المليفي المشهد التدويني في الكويت والملامح الأساسية للمدونات الكويتية، كما استعرض بعض النماذج الكويتية التي لجأت إلى عالم المدونات كالنَّحات الكويتي سامي محمد، ورضا سالم، والأديب وليد المسلم، مشيداً بظاهرة التدوين بين الفئات الشبابية، بعيداً عن فكرة التمرد السياسي أو العبث الطفولي، التي تمثل واقعاً جديداً يتمثل في لجوء الشباب العربي إلى الكتابة للتعبير عن آرائه، وتدعيم تلك الآراء ببعض المستندات والمراجع، وهو ما يعني أننا على أعتاب مرحلة جديدة تبشر بحدوث حالة من التحول العميق في العقل العربي من وضعية الاعتماد على الذاكرة الشفهية إلى وضعية التمسك بالأسلوب العلمي الموضوعي في النقد والمحاورة والاختلاف.