يتناول تقرير "الجريدة" أبرز السلبيات والنقاط الرئيسية التي تمارسها بعض الشركات في عمليات الاستحواذ ودخول مساهم استراتيجي، مركزةً من خلالها على عدم مراعاة حقوق صغار المساهمين.
رصدت "الجريدة" مجموعة من السلبيات التي تشوب عمليات الاستحواذ لحصص كبار الملاك في سوق الكويت للاوراق المالية، مما يؤثر على مجريات التداول في سوق يعتبر الثاني من حيث القيمة السوقية بين الأسواق الخليجية الأخرى.وكلما طرح موضوع صفقات الاستحواذ طرحت في المقابل مسألة ضياع حقوق صغار المساهمين التي عادت لتظهر على السطح مجدداً بعد أن حصلت بالفعل مفاوضات بشأن الاستحواذ على بعض الشركات المحلية، ما بين كبار الملاك والأطراف الراغبة في الشراء، دون الاكتراث بالطبع ببقية المساهمين وتحديداً الصغار منهم، وعدم اشتمال الصفقة عليهم.فخلال الفترة السابقة، وتحديداً في عمليات الاستحواذ أو المفاوضات للاستحواذ على الشركات المحلية، سواء اكتملت بإجراء الصفقة أم لم تكتمل، رأينا أن أغلب هذا المفاوضات والصفقات لم تعط اهتماما لبقية المساهمين لدخولهم الصفقة، بحجة أن القانون لا يمنعها من ذلك، ولم تكلف نفسها بالقيام بمبادرة تنفيذ قانون من القوانين العالمية المتعلقة بعمليات الاستحواذ، فهل يعقل أن تطالب جميع الآراء الاقتصادية بضرورة تجهيز قانون يتماشى مع المعايير والقوانين العالمية الأخرى، وفي نفس الوقت لا تريد أن تكلف نفسها معاناة تطبيقها عندما يتعلق الأمر بالاستحواذ على حصصها الكبيرة، وعدم التركيز على خلق مبادرات بنفسها؟!ويمكن تلخيص الجوانب السلبية لصفقات الاستحوذ في 6 نقاط رئيسية، وهي:1- عدم كشف جميع الأطراف المستفيدة من صفقة الاستحواذ، وغياب الإفصاحات اللازمة لتوضيح الصورة أمام المتداولين والمساهمين بشأن استفادة هذه الشركة أو تلك من صفقة الاستحواذ.وترى بعض المصادر أن الشركة مادامت لها علاقة بسوق الكويت للاوراق المالية فمن المفترض أن تقوم بالإفصاح عن استفادتها من عملية الاستحواذ، نظراً إلى التأثير الكبير على أداء سهمها في البورصة، ولهذا فإن قانون هيئة سوق المال تضمن بنوداً متعلقة بهذه الصفقات، أن يقوم بإعلان كل المستفيدين من الصفقة حتى لا تصبح الرؤية ضبابية للمتداولين.2- إقصاء صغار المساهمين من الصفقة، وعدم شمولهم في المفاوضات- إلا في حالات قليلة جداً- لا من قريب ولا من بعيد، بحجة أن القانون لا يجبرهم على ذلك طالما لم ينظم عمليات الاستحواذ.وتقول المصادر إن غياب التشريع القانوني لهذه العمليات، وعدم وجود "لوم" من الجهات الرقابية ساهما كثيراً في عدم مراعاة حقوق صغار المساهمين في صفقات الاستحواذ.3- إخفاء الطرف الثاني من الصفقة، والمقصود به الطرف المشتري، واكتفاء الشركات البائعة بإعلان تلقيها عروضا من أطراف أخرى للاستحواذ عليها، دون تحديد هوية هذا المشتري خصوصاً في الفترة التي تصاحب عقد المفاوضات بين الطرفين.وتطالب الآراء بضرورة الكشف عن هوية الطرف المشتري خصوصاً إذا كان هذا الطرف شركة كويتية مدرجة أو حتى غير مدرجة طالما أنها كويتية، ومن الواجب عليها أن تقوم بالإفصاح في البورصة عن المشتري لما لها من تأثير كبير على أداء السهم نتيجة لتلك الإفصاحات.4- تعمد عدم إفصاح الطرف البائع عن طريقة استخدام العائد المتوقع من صفقة الاستحواذ على حصته، وترك الموضوع بيد التكهنات الصادرة من مختلف الجهات.وتقول بعض المصادر بهذا الشأن: "عادةً يقول الطرف البائع إنه سيستخدم الأموال في إجراء توسعات استثمارية أو تسديد التزامات أو عمل مشاريع جديدة، بينما في حقيقة الأمر هو لا يعلم أين سيوظف تلك الأموال، واللجوء إلى (بعدين يصير خير)، ووضع الخطط بعد إجراء الصفقة، بينما من المفترض أن تكون الخطة جاهزة قبل أن تكون لديها عروض للاستحواذ على حصصها، فمن المفترض أن تكون الشركة البائعة كانت تهدف إلى أمر ما جراء بيعها الحصة".5- سوء استخدام الخطوات التنظيمية والقيام بالإجراءات القانونية للحصول على الموافقات الرسمية لصفقات الاستحواذ، فننصدم بعد إعلان وجود صفقات استحواذ بأن الجهات الرقابية لم تتسلم كتاباً من الأطراف الرئيسية في الصفقة تفيد بوجود مثل تلك الصفقة.وتقول المصادر إنه من المفترض أن يقوم الطرفان الرئيسيان البائع والمشتري بتوقيع مذكرة تفاهم أولية ومبدئية بينهما فوراً بعد الانتهاء من فحص الدفاتر والوقوف على جميع المعلومات المطلوبة من المشتري.لكن ما يحصل حالياً هو أن "الأمور ماشية بالقوترة"، كما أن الخطوات القانونية يشوبها العديد من الاختلالات.6- يلاحظ في بعض عمليات زيادات رؤوس الأموال التي تستخدم لدخول مستثمر استراتيجي، أن عملية تفسيخ السهم تقع على المساهمين الحاليين دون استفادتهم فعلياً من هذه الزيادة، أي أن المستثمر الاستراتيجي يدخل بالحصة الجديدة "بارد مبرد"، وأن أكثر المتضررين من هذه العملية هم صغار المساهمين أنفسهم، لأن عملية زيادة رأس المال يجب أن تخضع لموافقة الجمعية العمومية للشركة، وبحكم سيطرة كبار الملاك على حصص الأغلبية في الشركات، وهم المعنيون بطبيعة الحال بأي اقتراح يقترحه مجلس الإدارة لأنهم ممثلون في تلك المجالس، فإن الموافقة على زيادة رؤوس الأموال في العموميات أمر يسير مع الكبار، ولا يوجد أمامهم أي موانع تحول دون الموافقة عليه، لذا فمن الطبيعي أن صوت صغار المساهمين في هذه الحالة غير مسموع.هيئة سوق الماللا شك في أن تصريح وزير التجارة والصناعة احمد الهارون في الصحف أمس بأن قانون هيئة سوق المال أصبح نافذاً منذ نشره في الجريدة الرسمية، ربما يبعث بنوع من الطمأنينة لفئة صغار المساهمين، خصوصاً أنه اشتمل في مواده على موضوع الاستحواذ وأهمية وجود حقوق للصغار في تلك العمليات، لكنه يفتح مجالاً للتساؤل يجب أن يطرح، وهو: إذا كان القانون نافذاً منذ نشره في الجريدة الرسمية، فأين الجهات الرقابية المعنية من تطبيق هذا القانون، خصوصاً أنه خلال الفترة منذ نشر القانون حتى الآن حصلت بعض عمليات الاستحواذ على شركات مدرجة في البورصة الكويتية ممن هضمت حقوق صغار المساهمين؟مواد الاستحواذركز قانون هيئة سوق المال في مواده من 71 حتى 75 على تنظيم عمليات الاستحواذ على الشركات في سوق المال، وتضمنت المادة 71 تعريفاً بعمليات الاستحواذ المقصودة بالقانون، أما المادة 72 فقد نصت على أنه "يتعين على الشخص الذي يرغب في تقديم عرض استحواذ أن يقدم نسخة من وثائق العرض مصحوبة بالبيانات والمعلومات الأساسية إلى كل من الهيئة والبورصة ومصدر الأوراق المالية موضوع عرض الاستحواذ، ويجب أن يحصل الشخص مقدم العرض على موافقة الهيئة قبل المضي في مباشرة إجراءات عرض الاستحواذ".ونصت المادة 73 على أنه "يجب على الهيئة أن تضمن اللائحة التنفيذية القواعد المنظمة لعمليات تملك أي شخص لنسبة تقل عن 30 في المئة وتزيد على 5 في المئة من أسهم أي شركة مدرجة في البورصة".أما المادة 74 فقد نصت على أنه "يلتزم الشخص خلال ثلاثين يوماً من حصوله بصورة مباشرة أو غير مباشرة على ملكية تزيد على 30 في المئة من الأوراق المالية المتداولة لشركة مساهمة مدرجة، بأن يبادر إلى تقديم عرض بالشراء لجميع الأسهم المتداولة المتبقية طبقاً للشروط ووفقاً للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية".ونصت المادة 75 على أنه "يلتزم المصدر الذي تخضع أوراقه المالية للاستحواذ، وخلال سبعة أيام من تسلم العرض، بأن يرفع إلى الهيئة رداً يبين رأيه وتوصيته للمساهمين".
اقتصاد
سلبيات عمليات الاستحواذ تتعاظم: إخفاء الطرف المشتري وتحميل المساهمين الفسخ دون عائد
14-04-2010