تطفو أزمة اليونان وتأثيراتها على عملة اليورو ودول الاتحاد الأوروبي على أجندة الاقتصاد العالمي، نظراً إلى ارتباط الاقتصاديات العالمية بالاتحاد، وهو الأمر الذي دعا الخبراء الاقتصاديين إلى دراسة وتحليل هذه الأزمة لوضع حلول لها، لتجنب تأثيراتها السلبية أو حدوثها في المستقبل.

Ad

أكد كبير المستشارين في بنك كريديت سويس روبرت باركر، أن تأثير أزمة اليورو على أسواق المال في الكويت ودول مجلس التعاون محدود لاعتماد هذه الدول على الإنفاق العام، المتولد من سعر النفط، موضحاً أن التأثير الوحيد سيكون بسبب التضخم لارتباط وارداتها بشكل كبير بالاتحاد الأوروبي.

وأشار باركر خلال ندوة أقامها اتحاد شركات الاستثمار الكويتية بالتعاون مع "كريديت سويس" إلى صعوبة طرح عملة خليجية موحدة في الوقت الحالي، خاصة مع خروج عُمان والإمارات من هذا الاتحاد النقدي، لاسيما ارتباط الكويت بسلة عملات، والتي عليها أن تغير طريقة إدارة عملتها وأن تسأل نفسها إذا كان هذا الوضع سيتم إلى النهاية.

 

7 نقاط أساسية

واستعرض باركر 7 نقاط أساسية تخص الاقتصاد العالمي تمحورت حول خطورة عودة الاقتصاد الدولي إلى الكساد، والتطور في القدرة الاقتصادية للدول المتقدمة لمواجهة الأزمة مقارنة بالدول النامية، إضافة إلى أثر التضخم على البنوك، وصدمات أسواق الأسهم الآجلة، والانخفاض  الشديد في اسواق الاسهم خلال الشهرين الماضين، وعن إمكان انتشار أزمة اليونان وتأثيرها على دول أخرى خارج الاتحاد الاوروبي، مستعرضاً تأثير مواصلة انخفاض اليورو على الدول الأوروبية وتطورات الدولار على ضوء هذا الانخفاض.

وأوضح باركر أنه بالرغم من الإجماع عن وجود تباطؤ في الاقتصاد العالمي فإن هناك عدة نقاط تدعو إلى التفاؤل، أهمها الانتعاش البطيء في أكبر ثلاثة اقتصاديات عالمية، إضافة إلى الانتعاش القوي في التجارة العالمية منذ بداية العام الحالي، مبيناً أن اقتصاد الولايات المتحدة سيسجل نموا يبلغ 4 في المئة، إضافة إلى تطور الاقتصاد الياباني، إلا أن بعض الاقتصاديات الناشئة مثل الهند سيواجه انخفاضا في النمو، إذ من المتوقع أن تسجل 9 في المئة بدلاً من 12 في المئة، في حين ستحقق روسيا 5 في المئة.

دولتان رئيسيتان

وبيَّن باركر أن اقتصاد منطقة اليورو يرتبط بشكل أساسي بدولتين رئيسيتين في الاتحاد الأوروبي وهما فرنسا وألمانيا، واللتان تسيطران على النمو هناك، مؤكداً أن هاتين الدولتين تسجلان معدلات نمو واضحة خلال العام الحالي، لافتاً إلى أن ضعف اليورو سيساعد المصدرين الأوروبيين على زيادة صادراتهم خارج الاتحاد، داعياً إلى التعامل باليورو في الوقت الحالي، والبيع على المكشوف للين في اليابان.

وأفاد بأن اليونان يجب أن تستغل التمويل الأوروبي في إصلاح اقتصادياتها، خاصة أن أزمتها بدأت في الثبات والتباطؤ، إذ انخفض العجز في اليونان من بداية العام الحالي إلى أكثر من 40 في المئة، مشيراً إلى تحمل اسبانيا مبلغا كبيرا من هذا التمويل، والذي سيشكل عبئا كبيراً على أسواقها، وستعيد اليونان جدولة ديونها مدة 10 سنوات.

ويرى باركر أن إيطاليا لا تشكل خطراً، إذ يوجد فيها أعلى مدخرات شخصية، ستمكنها من تمويل السندات الإيطالية وتخفيض العجز.

وعن إمكانية خروج اليونان من الاتحاد الاوروبي قال باركر، إن هناك قواعد واضحة للدخول في مظلة الاتحاد، ولكن لا توجد فرصة لليونان للخروج منه، موضحاً أنها لن تستطيع توفير عملة جديدة في وقت قصير نظراً لاعتمادها على اليورو، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع اقتصادها بشكل كبير كما حدث في الأرجنتين التي مازال اقتصادها يعاني صعوبات كبيرة.

انقسام اقتصاديات أوروبا

وقسّم باركر الاقتصاد الأوروبي إلى ثلاث مناطق رئيسية، الأولى اقتصاديات دول شمال أوروبا، التي تنمو بشكل جيد، ودول شرق أوروبا التي توجد بها فرص هائلة للاستثمار والنمو، إضافة إلى دول جنوب أوروبا والتي ستستمر معاناتها من تداعيات الأزمة والكساد خلال العامين المقبلين.

ولفت باركر إلى أن الأسواق الناشئة بدأت في تقليل اعتمادها على سوق الولايات المتحدة نظراً لتزايد علاقاتها الاقتصادية في ما بينهان الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض نمو الاقتصاد الاميركي.

وتوقع أن يصل العجز الأميركي إلى 8.6 ترليونات دولار بحلول عام 2020، وأن تنشأ مشكلة كبيرة في الاقتصاد الاميركي نتيجة لارتفاع معدلات البطالة، معتبراً أن سوق الادخار الاميركي فاقد للمدخرات الكافية، التي تبلغ 3.1 في المئة في الوقت الذي يجب أن تصل فيه إلى 5 في المئة.

الطاقة البديلة

واعتبر أن أسعار النفط عند الـ70 دولاراً رخيصة، وكذلك النحاس لذلك هناك فرص لاستثمار في السلع والطاقة، لاسيما أن اسعار الغاز تحت الضغط ويُتوقع أن تتحسن في الاشهر المقبلة.

وتطرق باركر إلى النمو الذي يحدث في قطاع الطاقة البديلة، مبيناً أنه لا يعرف تطورات هذا القطاع في الكويت إلا أن السعودية تتطورت بشكل كبير في هذا المجال، إذ إنها قامت باستخدام الطاقة البديلة في تقطير المياه.

تأثير الأزمة على البنوك

أشار باركر إلى سياسة التشدد الائتماني التي تواصل البنوك القيام بها منذ بداية العام الحالي، متوقعاً أن يكون هناك اختلاف في هذه السياسة خلال الستة أشهر المقبلة، لافتاً إلى دفع البنوك المركزية للسيولة إلى الأسواق الداخلية لدعم أسواقها، مؤكداً ضرورة أن تقوم البنوك بتخفيض رأسمالها وتخفيض ميزانياتها، وهو ما سيظهر تأثيره على أداء أسهم البنوك في أسواق المال، إلا أنها ستكون أفضل بعد ذلك.

وأضاف أنه على البنوك أن تقلق من البنوك الإسبانية واليونانية وبعض البنوك النرويجية المقترضة في ألمانيا، لأنها ستعيد هيكلة نفسها في الوقت الذي تحتاج فيه اليونان إلى إعادة هيكلة الاقتصاد بشكل كامل، إضافة إلى الضغط الأوروبي على إسبانيا للدخول في الخطة الأوروبية.

أسواق المال

أكد باركر أن أسعار الاسهم في اسواق المال ليست رخيصة ولكنها معقولة حالياً، مبيناً وجود عامل إيجابي مساعد على نمو الأسواق في بداية يوليو المقبل وهو أرباح الشركات، موضحاً أنه في نهاية 2009 كان الوضع خطيرا، ولكن في نهاية أبريل كانت الاسواق في أعلى منحنى الطفرة والارتفاع. وشدد باركر على أن هذا النموذج، يدعونا إلى اتخاذ مزيد من الحذر خلال السنة المقبلة، والتي ستتباطأ فيها الاقتصاديات الناشئة، وتابع قائلاً: لقد تخلصنا من أسهمنا في أسواق الاسهم الناشئة للمخاطر العالية التي ستعانيها خلال الفترة المقبلة، ونفضل الشركات ذات الملاءة القوية. ونصح باركر بالاستثمار في قطاع الترفيه والفنادق والرعاية الصحية، إذ إن هذه القطاعات هي المفضلة، وعلى المدى البعيد الاستثمار في المنتجات الغذائية والزراعية إلى جانب الاتصالات والبرمجيات، والذي يشهد نمواً مستمراً وتغيرا كبيرا ويحقق عوائد عالية مقارنة بالسندات الحكومية والأسهم الجيدة.