«المشكلة الأساسية لبعض القوى السياسية والحزبية في الساحة الوطنية أنها لا تفقه بديهيات العمل السياسي ولا كيف تمارس دورها في المعارضة وفق محددات بناءة وعملية وعقلانية ورصينة». هذه الجملة جزء من الفقرة الاستهلالية لافتتاحية صحيفة «الثورة» اليمنية الرسمية في عدد 5 أبريل 2010.

Ad

 وتستطرد الصحيفة: «... مع الأسف الشديد تعمل (الأحزاب) في الاتجاه المغاير، فهي كلما وجدت أن الأوضاع بدأت تنتظم على المسار الصحيح، خرجت علينا ببيان أو تصريح ينفخ في كير التأزيم والتحريض على العنف وإثارة الفوضى، مستخدمةً كل أساليب الدس والتضليل والزيف والخداع، وكأن هذه القوى السياسية والحزبية لا هَمَّ لها إلا كيف تبتكر كل يوم جرحاً جديداً في خاصرة هذا الوطن، وكيف تلبد سماءه بغيوم وأدخنة الحرائق التي تشعلها والأزمات المفتعلة التي تغذيها!! ويتأكد هذا الجنوح الصارخ لهذه القوى السياسية والحزبية في ما صدر عنها يوم أمس من بيان بائس تدافع فيه عن العناصر الانفصالية والتخريبية الخارجة على الدستور والنظام والقانون، والمتورطة في ارتكاب جرائم القتل وسفك الدماء والاعتداء على المواطنين الأبرياء وإقلاق الأمن والسكينة العامة!!».

ما تقدّم قد يكون كفيلاً بتبيان صورة المشهد السياسي في اليمن، حيث تظهر علاقة يطغى عليها التذبذب وعدم الثقة بين السلطة والمعارضة، وهو الأمر الذي يعقِّد من الأزمات القائمة داخل البلاد.

العلاقة بين السلطة وأحزاب المعارضة في اليمن – سواء كانت المعارضة الفعلية أو الشكلية – تعيش حالة من التذبذب في ظل تنام مستمر للأزمات القائمة، سياسية كانت أو حقوقية، اقتصادية أو اجتماعية. وبقدر البعد الملحوظ لأحزاب المعارضة عن مطالب الشارع في مستوياتها الدنيا والاكتفاء فقط بالتصريح والبيانات، يعيش الحزب الحاكم حالة من التخمة السياسية ويرفض الامتثال للأمر الواقع ويُقِرّ بالحجم الفعلي للأزمات من أجل العمل بمسؤولية على إيجاد حلول جذرية، وخاصة لما يجري في جنوب اليمن.

تقف المعارضة اليمنية من الأزمة المشتعلة في المحافظات الجنوبية من البلاد في المنتصف، فهي ترفض المطالب الانفصالية لقوى الحراك الجنوبي، لكنها تقول إنها ليست مع صيغة الوحدة التي أعلنت بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية قبل عقدين، وترفض الطريقة التي تتعامل بها السلطة مع الاحتجاجات.

نهاية عام 2005، تبنت المعارضة خطابا كان ملهما على ما يبدو للشارع اليمني؛ فقد أطلقت مبادرة للإصلاح السياسي انطوت على مطالب ضمنية بتقليص صلاحيات الرئيس وإخضاع الموقع للمحاسبة، وطرحت ضوابط لشغل المناصب العسكرية والأمنية. وقتها قالت المعارضة إنها «ستلجأ إلى الشارع إذا رفضت السلطة المبادرة».

بعد نحو عام، ألقت أحزاب «اللقاء المشترك» التي تمثل المعارضة، بكل ثقلها في الانتخابات الرئاسية إذ قررت منافسة الرئيس علي عبد الله صالح على الموقع الأول في السلطة، ونزلت بمرشح واحد. أثناء الحملات الانتخابية تبنت المعارضة خطابا حماسيا ووجهت نقدا لاذعا للرئيس، لم يشهده اليمن من قبل، حيث عاش تجربة متميزة أثناء الحملة الانتخابية. لكنها سرعان ما انكفأت وعادت أدراجها وتركت الناس لخيباتهم مع نهاية الانتخابات بعودة الرئيس إلى موقعه منذ 1978.

لكن بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 2006، فإن المشاكل التي كانت قد تفاقمت في الجنوب، لم تمهل أحداً. فقاد المتقاعدون العسكريون احتجاجات واسعة في المحافظات الجنوبية للمطالبة باستعادة وظائفهم بعد أكثر من عقد من تسريح «إجباري» تعرضوا له بعد حرب 1994. ورافقهم مدنيون تعرضوا لنفس المستوى من التهميش والإقالة من مناصبهم أو إزاحتهم من وظائفهم باتباع سياسة «خليك بالبيت،» بحسب رأي مواطن من أبناء لحج يعيش في صنعاء.

حروب سياسية

وشهد منتصف مارس 2010 تصعيداً نوعياً بين السلطة والمعارضة حين شن الرئيس صالح هجوماً لاذعاً على أحزاب «اللقاء المشترك»، واصفاً إياها بـ «القوى المسيسة الحاقدة والمريضة الحالمة بالسلطة، والتي تريد هدم المعبد». وإذ اعتبر الرئيس صالح توقيع الحزب الحاكم («المؤتمر الشعبي العام» الذي يرأسه) لاتفاق فبراير 2009 «غلطة»، دعا أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة إلى «التخلي عن سياسة الغطرسة والكبر»، منتقداً سياستها «التي أسهمت ولا تزال في إشعال الأزمات في مختلف مناطق البلاد»، واتهمها أيضاً بالتعاطف مع تنظيم «القاعدة» والانفصاليين والحوثيين، وافتعال الأزمات وإشعال الحرائق لتدمير الوطن.

وهذه الهجمة كانت رداً على موقف «المشترك» الاحتجاجي في مارس، الذي أغاظ النظام وأثار حفيظته، إذ كان اللقاء المعارض قد وجه كل قواعده في كل المحافظات للخروج إلى الشارع والتضامن مع الحراك الجنوبي، وأقام في 11 مارس 2010 مهرجاناً احتجاجياً في ملعب الظرافي وسط العاصمة صنعاء، حضره الآلاف من أنصار «اللقاء المشترك» وقادته الستة وعدد من الشخصيات المعارضة وأعضاء «لجنة الحوار الوطني» المعارضة أيضاً.

في تلك الاعتصامات الاحتجاجية التي نظمت في عدة محافظات وأهمها صنعاء والحديدة وتعز (محافظات شمالية)، والتي تميزت بأنها جرت فيها صدامات بين محتجين وقوات الأمن أسفرت عن قتلى وجرحى وعن عشرات المعتقلين بينهم قيادات، ندد المشاركون بعسكرة المحافظات الجنوبية والإجراءات الأمنية القمعية ضد المواطنين.

واعتبر رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني محمد باسندوة في اعتصام صنعاء، أن «الصيغة الاندماجية للوحدة قد أفسدتها الطريقة التي أدارت بها السلطة الأمور»، وأشار إلى أن «هناك صيغاً أخرى أعدتها اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشامل».

وهاجمت السلطات اليمنية المعارضة المنضوية في تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» بعنف، وقالت إن «الحراك الجنوبي» يعتبر بمنزلة «الجناح العسكري» لها. وقال نائب وزير الداخلية حسين الزوعري إن المعطيات لدى الأجهزة الأمنية عن نشاطات من وصفهم بـ «الخارجين على القانون في المحافظات الجنوبية» في إشارة إلى قوى الحراك، خلال الفترة الماضية، تكشف صلة أحزاب «المشترك» بهذه القوى. وأضاف الزوعري: «إن قوى الحراك ترتكب جرائمها بضوء أخضر من المعارضة» التي قال إنها «اعتصمت لتتضامن مع القتلة».

وذكر الزوعري أن «أحزاب المعارضة من خلال مهرجاناتها التضامنية جاءت لترمي طوق النجاة للخارجين على القانون متهمة الحكومة بممارسة القمع والقوة المفرطة».

وحمّل المعارضة مسؤولية ما سيجري لأبناء المحافظات الشمالية، الذي قال إن «البحث عن لقمة العيش والرزق الحلال دفع بهم إلى التواجد في المحافظات الجنوبية»، مؤكداً أن «المشترك مسؤول مسؤولية مباشرة عن حياتهم وممتلكاتهم».

كما هاجم «المجلس الأعلى للتحالف الوطني الديمقراطي»، وهو تكتل يضم أحزابا معارضة صغيرة تحالفت مع الحزب الحاكم، أحزاب «اللقاء المشترك» ووصفها بأنها «انتهازية ولا تعرف ما تريد». وقال المجلس - في بيان - عقب اجتماعه في مارس 2010 برئاسة عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية النائب الأول لرئيس «المؤتمر الشعبي العام» وأمينه العام: «المشترك لم يعد يعرف ماذا يريد، وهذه المواقف الانتهازية التصعيدية التي اتخذتها أحزاب المشترك مؤخراً ليست إلا رد فعل على شعور القائمين على تلك الأحزاب باحتراق الأوراق التي ظلوا يشعلون من خلالها الحرائق والفتن في الوطن، وخاصة بعد إيقاف العمليات العسكرية وإحلال السلام في صعدة».

وبين هذه المواجهات السياسية والإعلامية وحتى الملموسة والدامية التي انتعشت مجدداً، نكتشف أن اليمن دخل مرحلة جديدة في مشوار القلق والهم والغم. فلا ينكر أي عاقل أن تأثير الأزمة السياسية لا يقل تأثيراً على نفسية الشعب بأكمله عن بقية الأزمات حتى العسكرية منها.

تأخر المعارضة

في المراحل الأولى للاحتجاجات ظهرت الأحزاب مرتبكة، وغير قادرة على اتخاذ قرار واضح حيال ما يجري. يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء د. محمد الظاهري إن «المعارضة الحزبية تحديدا عجزت في البداية عن فهم ما يجري في الجنوب»، لكنه لا يحملها المسؤولية «فهي وليدة البنية المتخلفة في البلاد» ويضيف: «هي لا تملك أدوات الدولة، وليست صانع قرار. ومشكلة المعارضة فقط إنها لم تكن قريبة في البداية من الشارع».

كانت الاحتجاجات تطالب بالاعتراف بالقضية الجنوبية، والعودة إلى روح اتفاقية الوحدة، غير أن قوى المعارضة ترددت في التعاطي مع الأمر واعتبرته خطابا انعزاليا، قبل أن تعود بعد نحو عامين إلى اعتبار «الاعتراف بالقضية الجنوبية مدخلا للإصلاح الشامل في البلاد»، حينها كان الحراك قد ذهب بعيدا واستقر على المطالبة بـ «الانفصال كحل وحيد للمعضلة الجنوبية».

وكان الأمين العام لحزب التجمع الوحدوي اليمني المعارض د. عبد الله عوبل متردداً في تقييم موقف «المشترك» قبل أن يعود ويجزم قائلا: «المعارضة تأخرت كثيراً عما يجري وكان يفترض أن تتبنى مشروعا قبل أن يحدث هذا الانقسام». ويضيف بأسف: «كان يمكن أن نتجنب الانشقاق الظاهر الآن والمشاكل، وكان يمكن ان نبني مشروعاً وطنياً على أساس وحدة وطنية ولا نترك التداعيات تمضي باتجاه مطالب فك الارتباط».

رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني د. عيدروس النقيب كان شارك منذ البداية بفعاليات مختلفة لـ «الحراك»، وكان يشعر بأن الأحزاب لم تفعل ما كان يجب عليها، قائلاً: «أنا واحد من المنتقدين للمعارضة فهي لم تعط هذه القضية قدرا كافيا من الاهتمام. لكن المعارضة اليوم تتبنى القضية الجنوبية وتدعو الى معالجتها».

قيادات وقواعد

لم تكن قواعد أحزاب المعارضة في المحافظات الجنوبية بعيدة عن كل ما يجري هناك، بل كانت تشكل القاعدة الجماهيرية للحراك، ومعظمها ينتمي إلى الحزب الاشتراكي. لكن المعارضة في الواقع كان لها جنوبها الخاص.

يتمسك الشيخ أحمد طلان عضو مجلس شورى حزب الإصلاح المعارض بموقف يبدو متناغما إلى حد كبير مع موقف قيادة الحزب في صنعاء حيال ما يجري في الجنوب، غير انه لا يملك سبيلا سوى الإقرار بأن بعض أنصار الحزب الإسلامي في محافظة شبوة الجنوبية لا يشعرون بالرضى، وبعضهم مشاركون بحماس في الفعاليات المطالبة بالانفصال.

ويقول طلان وهو عضو سابق في المجلس المحلي في شبوة، إن الأمر ذاته يحدث داخل قواعد الحزب الاشتراكي، على نحو اكبر.

تفرق قيادات الحراك الجنوبي، التي ينتمي غالبيتها إلى الحزب الاشتراكي بين قيادات «المشترك» في صنعاء وقواعد التكتل المعارض في الجنوب.

يقول وهيب عبدالعزيز المنصوب وهو قيادي في «الحراك» في محافظة لحج، إن «قيادات وقواعد المشترك في الجنوب حسمت موقفها مع شعب الجنوب، وخياراته، أما القيادات العليا للقاء المشترك فهي لم تبرهن إلى الآن بجدية عن موقفها تجاه الجنوب وقضيته».

الحوار الوطني

لمواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد، دعت المعارضة قبل أكثر من عامين إلى حوار وطني واسع، بمشاركة جميع الأطراف اليمنية، كقوى الحراك الجنوبي والمعارضة السياسية في الخارج، والحوثيين في صعدة شمالا حيث دارت رحى 6 حروب طاحنة وبدأت أول معركة في يونيو 2004، وأعلن عن وقف آخر جولة في فبراير 2010.

وعقد في صنعاء في مايو 2009 ملتقى للتشاور الوطني بمشاركة شخصيات اجتماعية ورجال دين وتجار وأكاديميين وسياسيين مستقلين وحتى أعضاء في الحزب الحاكم بالإضافة إلى أحزاب «المشترك»، من قيادات عليا ووسطية من كل أرجاء البلاد.

وتمخض عن الملتقى «وثيقة الإنقاذ الوطني» التي وضعت القضية الجنوبية في مقدمة المشاكل الملحة، وقالت إن الصيغة الحالية للوحدة «فشلت بسبب سياسة السلطة»، وشكلت لجنة تحضيرية للإعداد لمؤتمر حوار وطني شامل لإقرار صيغة بديلة «تحافظ على وحدة البلد وتتيح شراكة في السلطة والثروة لجميع أبناء البلاد، وتحقق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية».

على الجانب الآخر في الجنوب، كانت التطورات تتسارع ربما على نحو اكبر من تحرك المعارضة، وزاد من تعقيد الوضع لجوء السلطة للحلول الأمنية في مواجهة «الحراك». ومع الحملة الأمنية العسكرية في مارس 2010 على محافظات الضالع ولحج وأبين، خرجت أحزاب المعارضة في اعتصامات جماهيرية في المحافظات الشمالية تضامنا مع المحافظات الجنوبية منددة بـ «إجراءات السلطة، وعسكرة الحياة المدنية في الجنوب». ووصف أمين عام التجمع الوحدوي عوبل «استخدام القوة والعنف ومحاصرة المدن وإعلان حالة الطوارئ»، بـ «اللحظات الخطيرة جدا في اليمن».

اللجنة التنفيذية لحزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، وهو حزب انطلق من الجنوب منتصف القرن الماضي، جددت دعوتها السلطة إلى تحكيم العقل والحكمة والابتعاد عن عسكرة الأزمة في المحافظات الجنوبية، وعن استخدام العنف في مواجهة الأعمال الاحتجاجية السلمية، والبدء الفوري في المعالجات الشاملة عبر حوار وطني جاد لا يستثني أحداً، توضع على طاولته مختلف رؤى ومبادرات إخراج الوطن من أزمته الراهنة، حسب بيان اللجنة.

وكان حزب «رأي» أول من أعلن الحاجة الملحة لإعادة هيكلة الدولة اليمنية بالانتقال من نظام الدولة المركزية البسيطة إلى نظام الدولة المركبة (الفدرالية) القائمة على إقليمين في إطار كل منهما وحدات حكم محلي. واعتبر الحزب هذه المبادرة «الوسيلة المثلى لتحقيق أسس وحدة قابلة للاستمرار، والانطلاق نحو تحقيق مفهوم المواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاثة: العدالة في توزيع الثروة والسلطة، والديمقراطية المحققة للشراكة الفعلية وللتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الوطن وفئاته، والتنمية الشاملة المستدامة»، حسب إفادة رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب محمد جسار.

الثقة بالمعارضة

مقابل الخطوات المذكورة، فإن مؤشر الثقة بالأحزاب لم يتحرك باتجاه ايجابي لدى قيادات الحراك الجنوبي. فبالنسبة لأمين صالح، نائب رئيس المجلس الوطني لتحرير الجنوب، تريد المعارضة بواسطة الاعتصامات، «الضغط على سلطة الاحتلال لتقديم تنازلات من أجل أن تحفظ ما تسميها هذه الأحزاب الوحدة». ويضيف: «لكن الأمر لن يكون بهذه الصورة، الاحتلال سيظل احتلالاً، والمقاومة مشروعة وستستمر حتى تنتصر القضية».

 أما الناطق باسم اتحاد شباب الجنوب والمعروف باسمه الحركي «أبو تمام»، فيرى أن على أحزاب «المشترك» ان «تعترف بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره... لكي تبرهن على وجود نوايا صادقة تجاه الجنوب». ويضيف: «لقد تخلت أحزاب المعارضة عن الجنوب والشارع الجنوبي. بل إنها تخلت عن الشمال أيضا».

إلا أن د. عبد الله عوبل المكلف برئاسة إحدى اللجان التحضيرية للحوار الوطني بشأن ملف القضية الجنوبية، يقول: «هذا الأمر ليس مقبولا بالنسبة للأحزاب، فليس مطلوبا منا التماهي مع الحراك. نحن أحزاب سياسية لدينا رؤية مشتركة ونحاور الآخرين للوصول إلى رؤية مشتركة».

عندما كان في هذه المهمة مطلع 2010 والتقى بقيادات في الحراك، لمس الأمين العام لـ «حزب التجمع الوحدوي» مرونة في مواقف بعض قيادات «الحراك الجنوبي». ويقول إن جميع مكونات الحراك تميل إلى سقف أدنى من مطلب «فك الارتباط والانفصال» وبعضها يفضل إعادة صياغة الوحدة على أساس «فدرالية ثنائية بين الشمال والجنوب».

وبينما تحاول أحزاب «المشترك» الضغط على السلطة للجلوس على طاولة حوار، تجد نفسها في موقف نادر في العمل السياسي، إذ تسعى الى الحوار مع «الحراك» وفتح قناة تواصل مع قياداته للاتفاق على صيغة من نوع ما تحافظ على «الوحدة» . ويقول عوبل: «قوى الحراك تنتظر من الأحزاب عملا على صعيد تحريك المحافظات الشمالية، لتكون مطمئنة للمعارضة، إنهم يقولون للأحزاب ببساطة: إذا خرجتم وتظاهرتم بشكل عملي فإن مسألة الاتفاق ستكون سهلة».

«اللقاء المشترك»

عام 2002، تشكل تكتل أحزاب "اللقاء المشترك" المعارض، وهو تحالف جبهوي لأحزاب من مختلف الاتجاهات السياسية. ويتكون التحالف من: حزب التجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري، وحزب الحق ذي الجذر الزيدي، واتحاد القوى الشعبية. والتحق حزب "البعث" الموالي لسورية بالتحالف المعارض بعد خروج حزب البعث الموالي لصدام حسين الذي قرر التحالف مع السلطة.

في ديسمبر 2005، تقدم التحالف بأول مشروع للإصلاح السياسي، دعا إلى تغيير صيغة الحكم القائمة والانتقال إلى النظام البرلماني، بدلاً من الرئاسي (تقليص صلاحيات الرئيس وإسناد الدور الرئيسي إلى حكومة منتخبة).

في فبراير 2009، وقعت المعارضة اتفاقاً مع الحزب الحاكم نصّ على تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في أبريل 2009 إلى أبريل 2011، على أن يلجأ الجانبان خلال المدة الفاصلة عن الانتخابات إلى حوار يفضي إلى إجراء تعديلات دستورية تتضمن إصلاحات للنظام السياسي والانتخابي. وقد مر أكثر من عام على الاتفاق، وأخفق الطرفان في الجلوس على طاولة الحوار، وهما يتبادلان الاتهامات بالتعنت والتصعيد.