انت كذاب... والكذب بشواربك!

نشر في 04-04-2010
آخر تحديث 04-04-2010 | 00:01
 د. ساجد العبدلي هذا المقال من وحي حوار مثير جمعني والصديقين داهم القحطاني وأسامة الشاهين، وذلك في ضيافة صفحة الصديق عمار تقي في «الفيسبوك».

الحوار الذي دار بيننا نحن الثلاثة كان تحت تعليق وضعه عمار على حائطه في «الفيسبوك» عن جلسة مجلس الأمة التي قال فيها عادل الصرعاوي لمسلم البراك: «أقسم بالله أنت كذاب أشِر»، فرد عليه البراك: «أنت حاقد وعايش بمرضك والكذب بشواربك والضلال عندك»، وغير ذلك من العبارات التي لا داعي لتكرارها هنا.

ابتدأ الحوار بتعليق لأسامة قال فيه إنه «يتم اللجوء للعنف بأشكاله عند حدوث انسداد بالطرق الأخرى»، ليجيبه داهم بأن «التراشق اللفظي يعتبر جزءا من آليات العمل الديمقراطي، وهو ما يسمى بالتجريح السياسي، ولهذا كانت الحصانة، قد نقبله أو نرفضه لكنه أمر طبيعي، فالعمل السياسي يقوم على التعاون وأحيانا على الصراع، وأنه مثلا في خطاب الرئيس الأميركي أوباما أمام الكونغرس بمجلسيه قال له نائب جمهوري بصوت مسموع «كاذب»، ومع ذلك لم تقل له صحيفة واشنطن بوست أنت نائب تأزيمي، ولم تهاجمه القنوات التلفزيونية بحملات منظمة كما يحصل هنا في ديمقراطية الشيوخ والتجار وصحف المصالح»، فأجاب أسامة بأنه قد قرأ تقريرا عن القلق السياسي في أميركا، من مستوى التجريح الذي يتعرض له الرئيس أوباما، ومن ضمنه حادثة «كاذب» التي ذكرها داهم، وهي غير المسبوقة لرئيس أميركي.

عمار تدخل في الحوار قائلا إنها «قد لا تكون هذه من الكلمات الجديدة التي يتم استخدامها تحت قبة عبدالله السالم، وليست مثل هذه المفردات أيضا بجديدة على الساسة في برلمانات أخرى، وهي قد تأتي تحت بند ارتفاع الصوت وحدّة الألفاظ وبعض الشراسة، لكن بعد أن قرأت تفاصيل ما جرى في الجلسة إضافة إلى ما نقله لي بعض النواب حول طبيعة الحديث والكلام الذي دار بدون مايكروفون، تبين أن الكلمات والتعبيرات التي استخدمت أبعد من كلمات (أنت كذاب أو أنت حاقد)، وللأسف الشديد، وأقولها بمرارة، إن بعض نوابنا قد وصلوا فعلا إلى مستوى بعيد من الإسفاف والانحدار في الحوار».

رؤيتي التي شاركت بها الزملاء في هذا الحوار، وأشارككم بها هنا مع بعض التفصيل هي أني قد أقبل ارتفاع الصوت وحدّة الألفاظ وبعض الشراسة والانفعال في الحوارات البرلمانية، ولكن ما يحصل من بعض نوابنا يخرج عن الذوق والأدب والاحترام، وأن مصيبة المصائب أن بعض هذا الإسفاف صار عند بعض الجمهور نوعا من الفروسية البرلمانية.

وأما بالنسبة لكون النائب الجمهوري جو ويلسون قد قال لأوباما بصوت عال: أنت تكذب في إحدى جلسات الكونغرس، فهذه مقارنة مع الفارق الشديد، فذاك النائب كان يعبر عن موقف سياسي تجاه سياسات أوباما بمسألة محددة، بل مع ذلك فإن استخدامه لهذه اللفظة قد أثار القلق السياسي في أميركا باعتبارها شيئا غير مألوف كما أشار أسامة، لكن ما يستخدم عندنا ومن بعض نوابنا اليوم من ألفاظ على شاكلة «كذاب أشر، وبيسري، وساقط، وغير محترم، وحيوان، وقليل الحيا... إلخ»ــ وما هذه إلا عينة صغيرة جمعتها على عجالةــ تأتي جميعها بهدف الشتيمة والتجريح والإيلام الشخصي، لا التعبير عن الموقف السياسي، بل إن بعض النواب قد تجاوز هذا الانحدار اللفظي إلى ممارسة العنف الجسدي، كرشق الأكواب، وما تطوله أيديهم، على من يتخاصمون معهم!

إن ما يقال ويكتب اليوم عن انحدار المستوى الأخلاقي تحت قبة البرلمان، وإن كان فيه تجنٍّ وترصد وقح لبعض النواب من قبل بعض الجهات الإعلامية لأغراض مكشوفة لا تخفى على الأذكياء، إلا أنه في المحصلة العامة لم يغادر الحقيقة كثيرا، فقد صار، على سبيل المثال، من المقلق أن يشاهد ابنك الصغير نقلا تلفزيونيا لجلسة من الجلسات لما قد يبدر فيها دون سابق إنذار من انحدار مخجل!

back to top