حرق القرآن

نشر في 08-08-2010
آخر تحديث 08-08-2010 | 00:01
 مظفّر عبدالله أول العمود: لماذا لا تتبنى الصحف اليومية وخاصة في صفحاتها البرلمانية نشر تغيب أعضاء مجلس الأمة عن الجلسات واجتماعات اللجان طوال دور الانعقاد كنوع من الرقابة الشعبية على ممثلي الأمة.

***

دعوة القس تيري جونز المسؤول عن كنيسة محلية في ولاية فلوريدا إلى إقامة احتفالية لحرق نسخ من القرآن، تزامناً مع الذكرى التاسعة لكارثة 11 سبتمبر، يجب أن تناقش في حدودها لأسباب عديدة، أولها أن الفعل ضيق الأفق وينم عن تعصب أعمى، ولن يحدث أي نتيجة إيجابية يتوقعها تيري ومؤيدوه، وسيكون فعلاً يرثى له لو بادلناه بحرق نسخ من الإنجيل انتقاماً. وثانياً، وفي رد فعل عاجل، فإن تجمع الكنائس الإنجيلية في الولايات المتحدة الأميركية بادر مبكراً إلى رفض الفكرة وشرح مخاطرها الدينية والاجتماعية، ودعا إلى الغائها. وثالثاً، وهو الأهم، أن رد الفعل الإيجابي والمبتكر ضد دعوة القس تيري الذي أفصح عنه مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "كير" سيكون أبلغ رد يمكن أن تواجه به هذه الاحتفالية الضيقة في حال نفذت بموعدها أو سيتم التراجع عنها، فمديرها التنفيذي د. نهاد عوض أعلن حملة "شاركونا القرآن" التي تهدف الى توزيع 100 ألف نسخة من القرآن مترجمة للإنكليزية لتعريف الشعب الأميركي بمبادئ الإسلام كرد على صاحب الاحتفالية الذي وصف القرآن بأنه كتاب يقود الى الجحيم، وهو الذي كان قد ألف كتاب "شر الإسلام".

بالطبع أثير أكثر من سبب وراء تزامن حملة المتطرف تيري الذي اختار "فيسبوك" لتجنيد المتطوعين، ومنها موافقة المجلس المحلي لمدينة نيويورك على طلب منظمة "مبادرة قرطبة" التي يرأسها فيصل عبدالرؤوف– أميركي من أصل مصري– على بناء مسجد ومركز ثقافي وترفيهي سيتكلف 100 مليون دولار ساهمت في تمويله دول وأفراد بالقرب من موقع برجي مركز التجارة العالمي، كما أثير أن الحملة تأتي كتغطية لفضائح جنسية متكررة يرتكبها رجال دين في عدد من الكنائس، وفي أكثر من دولة ضد أطفال وقصر وراهبات.

وبعيداً عن كل هذه التحليلات، فإنه يجدر ملاحظة الحملات الدعائية التي دشنت مؤخراً من قبل مجموعة "أوقفوا أسلمة أميركا" التي استخدمت الحافلات ووسائل إعلامية أخرى لنشر شعاراتها المناوئة للدين الإسلامي والدعوة إليه بين المواطنين الأميركيين، إذ يقدرعدد المسلمين هناك بـ8 ملايين نسمة. وأياً كانت الأسباب التي جاءت لتتزامن مع "احتفالية الحرق" فإنه من المهم النظر في العديد من الأمور الأخرى كمسألة الكراهية للأجانب وتأثير اختلاف الديانات في مجتمع واحد، خاصة عندما يكون الإسلام طرفاً في كل ذلك، فأوباما ذكر مستمعيه في خطاب القاهرة الشهير بـ"خوض الحكومة الأميركية إجراءات المقاضاة من أجل صون حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب، ومعاقبة من يتجرأ على حرمانهن من ذلك الحق". وأشار إلى وجود أكثر من 1200 مسجد في أميركا، لكنه ذكر أيضا بـ3000 قتيل كانوا ضحايا أحداث 11 سبتمبر، وهي لفتة ذكية منه.

الخلاصة، أنه لا ينبغي ترك التعصب والغوغائية تدير صراع الكراهية الذي لا يخلو منه مجتمع، فتوزيع منظمة "كير" القرآن مترجماً بالإنكليزية خير رد على حرق القس تيري لنسخ منه. من جانب آخر، يجب أن نعي– نحن المسلمين– الفرق بين سلوكنا والقرآن، ومن هنا يجب أن نستوعب علامات الكراهية ومصدرها حتى يكون رد الفعل على أي تطرف رداً محكماً وعقلانياً، فتيري لا يمثل القيم المسيحية مثلما لا يمثل بن لادن قيمنا الإسلامية.

back to top