يالله معلش، كلها نحو 400 مليون دينار كويتي قيمة المشتقات المالية التي طارت من أحد البنوك، أو نُحرت ولم نتسلّم ديتها، وتدخلت الحكومة بأموالنا لتضمن الودائع، ورفعت دعوى قضائية غير مكتملة، كالعادة، فتم حفظ القضية، وكل واحد يروح بيتهم.

Ad

والنيابة العامة تتعامل بحسب المعطيات والأدلة المتوافرة على مكتبها، والحكومة تتلاعب بنا. وكانت خمسة ملايين وثلاثمئة ألف دينار قد تبخرت من وزارة الداخلية كما تتبخر جثة الهندي المحترق بعد وفاته، وتطايرت في الهواء، واختلطت مع النيتروجين والأكسجين، فغضب الناس، فطمأنهم معالي الوزير بأن القضية مرفوعة أمام القضاء، وراح يهف بأوراق القضية كما تهف أميرات أوروبا الوسطى على وجوههن في حفلات الأوبرا، وصدقناه، ثم اكتشفنا أنه مقلب وكاميرا خفية، فضحكنا إلى أن سالت الدمدموعنا، ثم مسحنا دموعنا وخاطبناه بجدية: "أبدعت، لكن أين الخمسة ملايين؟"، فغضب وهدد برفع دعوى قضائية عليّ، فرقصتُ أنا العرضة طرباً، وطققت الأصبع طقّاً، وصرت مثل البنغالي، أمشي وأسلّم على الناس، لأن قضية الوزارة ستفتح التحقيق وسنعزل الرمل عن الدقيق، ثم سأرفع أنا بعد ذلك قضية رد اعتبار، وسأطالب الوزارة بتعويض، وسيرتدع الآخرون، وكما قال عبد الحليم حافظ: "وفضلت مستني بآمالي، ومالي البيت بالورد، بالشوق، بالحب، بالأغاني"...

وأثناء نومنا، توجه الزميل نواف الفزيع، الله يحفظه، بكل براءة المحامين، ورفع دعوى على وزارة الداخلية، مستنداً إلى ما ورد في الصحافة من أخبار حول الموضوع، ونتيجة هذا معروفة "القضية للحفظ والتسميع"، وعلينا الآن أن نتوقف عن الحديث عن سبب اختفاء الملايين الخمسة إلى حين الانتهاء من قضية الفزيع. وبعد حفظ القضية سيتحجج الوزير بأن الملف أُغلق وسيحيلنا إلى الزميل الفزيع... فوضعت يديّ على وجهي أسىً وحسرة، وأكملت أغنية عبد الحليم: "رميت الورد، طفيت الشمع"... يالله معلش.

وعل طعم هالسالفة... كل هذه المخالفات التي تحدث عنها نواب مجلس الأمة، وكل الاستجوابات، ولجان التحقيق، ووو، أو تلك التي نُشرت في تقارير ديوان المحاسبة، أو التي كشفتها الصحافة، وكل هذه المليارات التي تدخل خزينة الدولة ثم تختفي فلا تظهر على بشرة الدولة، وكل وكل وكل، لماذا لم نقرأ يوماً أن أحد الوزراء دخل السجن؟... يالله معلش.

لكن الأمل لايزال قائماً في ظل وجود النائبين محمد الحويلة وسعد زنيفر... تفاءلوا.

 

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء