قبل أن يعود جورج ميتشل مجدداً إلى المنطقة من المفترض أن الولايات المتحدة قد أدركت أن بنيامين نتنياهو، ومعه هذه الحكومة التي يحتل فيها أفيغدور ليبرمان موقع وزير الخارجية، إنْ هو لم يغير مواقفه وسياساته، فإنه يشكل أكبر خطرٍ وأكبر عدوٍ لمصالحها الاستراتيجية الحيوية في هذه المنطقة، من بحر قزوين وجبال هندوكوش في الشرق حتى شواطئ المحيط الأطلسي الشرقية في الغرب.

Ad

في عام 1999 رأت إدارة بيل كلينتون، بعد أن تيقنت من عدم إمكانية تقدم عملية السلام ولو خطوة واحدة مادام على رأس الحكومة الإسرائيلية هذا الرجل الذي يعمل خارج سياق التاريخ المعاصر، أنه لابد من إسقاط نتنياهو وتحالفه، وأنه لابد من منح الإسرائيليين فرصة عاجلة لاختيار بديل عنه، لديه القناعة ولديه القدرة أيضاً على متابعة العملية السلمية بعيداً عن كل هذه التصورات المشوهة التي تستند على رواية لتاريخ فلسطين وهذا الجزء من العالم، لا هي مقبولة ولا هي في الأساس صحيحة.

والآن وبينما يتهيأ ميتشل للمجيء مجدداً إلى الشرق الأوسط بتصورات وبأفكار جديدة فإن المفترض أن تكون هذه الرسالة الأميركية قد وصلت مسبقاً إلى نتنياهو، ومن المفترض أيضاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أدرك أنه إن لم يتخلَّ عن مواقفه التي شكلت عائقاً في طريق انطلاق العملية السلمية فإن الأميركيين سيتعاملون معه على أنه بتصرفاته يشكل الخطر الرئيسي على المصالح الحيوية للولايات المتحدة في هذه المنطقة الاستراتيجية الهامة.

الآن هناك وجود للجيوش الأميركية في عدد من دول الشرق الأوسط وفي أفغانستان أيضاً، والمتوقع أن يزداد هذا الوجود في ضوء ما تشهده هذه المنطقة من اشتعال متزايد لبؤر التوتر، وهذا يستدعي أن تكون وقفة الأميركيين جادة وفعلية وفعالة إزاء بنيامين نتنياهو لجهة عدم تركه يتصرف كثور هائج في مكان مغلق مليء بالأباريق الزجاجية والفخارية... فهل تبقى أميركا صامتة..؟!

في منتدى دافوس الذي استقطب، كما هي العادة كل عام، عدداً كبيراً من صناع القرار في العالم أشار الملك عبدالله الثاني إلى أن مصداقية أميركا تحت المحك، وأننا بحاجة، في ضوء أن المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في طريقها إلى الاستئناف، إلى تركيز انتباه الولايات المتحدة الكامل على هذه المسألة لشهر أو اثنين، وهذا ما يجب أن يعرفه ويدركه الأميركيون جيداً، وبخاصة أن لهم كل هذا الوجود العسكري وكل هذه المصالح الحيوية في هذه المنطقة.

لا يجوز أن تترك الولايات المتحدة بنيامين نتنياهو يتصرف بهذه الطريقة التي تمس بمصداقيتها وتعرض مصالحها الاستراتيجية للمخاطر، فالإرهاب المتنامي في هذه المنطقة الحساسة يتسلح بالممارسات الإسرائيلية ليحرض وليعبئ، وليستهدف الأميركيين ويستهدف حتى الناس الأبرياء، ولهذا ولاقتلاع جذور هذا الإرهاب لابد من معالجة القضية الفلسطينية المعالجة الصحيحة، ولابد من إلزام الإسرائيليين إلزاماً بأحد خيارين، فإما دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 ومن ضمنها القدس الشرقية، وإما دولة فلسطينية - إسرائيلية واحدة أو «إسراطين» وفقاً لاقتراح الرئيس الليبي معمر القذافي.